حقوق الإنسان.. (رؤية) ما بعد الثورة

المفتي: وضع حقوق الإنسان في دستور 2005 أفضل من الوثيقة الدستورية

مولانا حرية: تبعيَّتُنا لمجلس الوزراء تقدح في استقلالية مفوضية حقوق الإنسان

دندراوي: حضور وزير للعدل تفاصيل الجلسة (42) مهم جداً

تقرير السودان لمجلس حقوق الإنسان يحوي تحديات الحكومة المقبلة

من المتوقع أن يقدم السودان تقريره أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته (42) عن حالة حقوق الإنسان في ظل المتغيرات الجديدة, تقرير يختلف هذه المرة عن ما سبقته من تقارير سيما ما تم خلال الأشهر الخمسة الماضية للثورة السودانية، فضلاً عن جملة من الانتهاكات التي شاهدها العالم بل والمطالبة  بتقارير اللجان المختصة لفض الاعتصام من أمام القيادة العامة، ويظل السودان منذ سنوات تحت البند العاشر المعني بتقديم الدعم الفني وبناء القدرات وتجديد ولاية الخبير المستقل لحالة حقوق الإنسان في السودان على أن تنتهي فترة ولايته حال تم التوافق والتوصل لصيغة مناسبة بين حكومة السودان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بفتح المكتب القطري للمفوضية بالخرطوم.

 وهنا يكمن السؤال مع كثير من المتغيرات والانتهاكات هل سيبقى السودان في البند العاشر أم يغادر العاشر متوجهاً صوب البند الرابع المعني بالوصاية والرقابة؟

إعداد: النذير دفع الله 

المراجعة الشاملة 

قدم السودان تقريرين لآلية المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان حيث كان التقرير الأول في العام 2011 والثاني في العام  2016 وبموجب تلك التقارير فقد تلقى السودان من خلال عرضه للتقارير عدداً من التوصيات بلغت في مجملها (244) قدمتها الآلية كتوصيات لحكومة السودان وافقت الحكومة على (180) توصية وتحفظت على أخرى (64) ثم وافقت على (27) من هذه في وقت لاحق منها  محور المصادقة على الاتفاقيات الدولية إصدار الدستور الدائم ومواءمة القوانين مع المعاهدات الإقليمية والدولية المصادق عليها، ألا أنها لا زالت قيد النفاذ، وهو ما يدخل الحكومة القادمة في حرج إن لم تبدِ رأياً واضحاً حول حقوق الإنسان وتقدمها من خلال التقرير المقبل كل التفاصيل المتعلقة بالانتهاكات التي حدثت لحقوق الإنسان في السودان خلال الأشهر الخمسة الماضية. 

قوانين مطلوب إصلاحها

فيما طلب من السودان خلال التوصيات التي قدمت له بعض القوانين التي يجب إصلاحها حتى تتوافق وتتواءم مع حقوق الإنسان ومنها قانون الإثبات وقانون الأمن الوطني والإجراءات المدنية وقانون الأحوال الشخصية والإجراءات الجنائية والقانون الجنائي فضلاً عن سن قوانين وتشريعات تحظر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وحظر زواج الأطفال والزاوج المبكر والقسري. 

التزام دولي

من جانبها أوضحت رئيسة المفوضية القومية لحقوق الإنسان مولانا حرية إسماعيل أن المفوضية كان لديها بعض الملاحظات حول الوثيقة الدستورية بعد التوقيع بالأحرف الأولى من ناحية قانونية، وأضافت حرية إن من الأهمية بمكان وضعية مفوضية حقوق الإنسان  في ظل التغيرات الجديدة بما يتماشى مع مبادئ باريس حول استقلالية المفوضية، سيما أنها المفوضية الوحيدة بين كل المفوضيات التي تتصف بطبيعتها الإقليمية والدولية، فضلاً عن أن لديها وجهين وطني وآخر ودولي، لأن حقوق الإنسان شأنها ليس داخلياً فقط، وإنما دولي.

 وقالت حرية إن السودان انضم للاتفاقية الدولية وإن العالم أصبح خاضعاً حسب العهد الدولي لحقوق الإنسان أصبحت حقوق الإنسان ذات صفة دولية وملزمة لكل العالم، وطالبت حرية بضرورة أن تأخذ المفوضية وضعاً مختلفاً وألا تذكر ضمن إنشاء المفوضيات التي ذكرتها الوثيقة لذلك، كان لابد أن يكون لها وضعها الخاص بموجب مبادئ باريس التي اعتمدتها كل دول العالم، وعلى السودان أن يلتزم بذلك، وأكدت  أن المفوضية رفعت ملاحظاتها للمجلس العسكري سابقاً، وبما أن الوثيقة الدستورية ميزاتها تعتبر مرنة وتقبل التعديل ننصح المجلس السيادي بمراجعة وضع المفوضية في تبعيتها لمجلس الوزراء سيما وأن الإجراء أو الخطوة تقدح في استقلاليتها، إذ لابد أن يتم تعيين رئيس وأعضاء المفوضية من أعلى سلطة في الدولة وهي المجلس السيادي، وهو ما ينطبق بالنص على مفوضية الفساد.

عهد جديد

 وبينت حرية أن دستور السودان الانتقالي للعام 2005م، أشار أن كل القوانيين سارية إلى أن تلغى أو تعدل وهنا فإن مجلس السيادة هو المعني بتعيين أعضاء ورئيس المفوضية مشددة بأن تكوين مفوضية للمرأة شأنها شأن حقوق الإنسان وحقوق المرأة هي ضمن منظومة حقوق الإنسان، وهو ما يجعل هناك تضارب في الاختصاصات، فضلاً عن أن السودان غير منضم لكثير من الاتفاقيات المتعلقة بالمرأة ونحن في المفوضية نتعامل مع الإنسانية بكل قطاعاتها وأضافت حرية أن السودان يستشرف عهداً جديداً وشفافاً في سبيل تحقيق أهداف حقوق الإنسان التي هي من مهام وأهداف المفوضية، عليه لابد  للدولة بأن تعترف أن هناك انتهاكات قد حدثت وأن الدولة مستعدة لأن تعمل على تطبيق برنامج العدالة الانتقالية والتعويض وجبر الضرر، وأن تكون جميع حقوق الناس غير منتهكة.

إجراءات معيبة

مدير مركز الخرطوم لحقوق الإنسان الدكتور أحمد المفتي قال (للصيحة) إن تحسين أوضاع حقوق الإنسان يحتاج لبعض النقاط المهمة منها تقرير الخبير المستقل والعمل بنتفيذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة التي عرضت في المرة الماضية للعام 2016 حيث لابد من الإيفاء بتلك التوصيات، وأضاف المفتي أن وضعية حقوق الإنسان في دستور الفترة الانتقالية للعام 2005 أفضل مما نصت عليه الوثيقة الدستورية الحالية للفترة الانتقالية سيما الجانب النظري إذ لم تسد الوثيقة النواقص التي كانت موجودة في دستور العام 2005 وتحقيق أو إدراج مواد مالية تتعلق بالحقوق ومتابعة تنفيذ حقوق الإنسان، وشدد المفتي بضرورة إطلاق سراح كل المعتقلين والمحتجزين أو تقديمهم لمحاكمة عدا ذلك، فإنها ذات الطريقة التي كان يتعامل بها النظام السابق في اعتقال الناس وعدم تقديمهم لمحاكمة أو إطلاق سراحهم مطالباً الحكومة المقبلة بضرورة تنظيم التجمع السلمي وعدم تقيد الحريات والنشر لأنها تعتبر ذات الأشياء والأخطاء التي وقع فيها النظام السابق، وكانت تقدم ضمن التقارير المتعلقة بحقوق الإنسان، بينما أوضح المفتي أن تنتبه الحكومة القادمة  لضرورة الانضمام والتصديق على المعاهدات الدولية، فيما يتعلق بحقوق الإنسان منها اتفاقية (سيداو) ومناهضة التعذيب، فضلاً عن الالتزام بالتوصيات التي قدمت للسودان وأشار المفتي أن الوثيقة الدستورية حوت عيباً كبيراً عندما خولت أمر مفوضية حقوق الإنسان لمجلس الوزراء بدلاً من خضوعها في التعيين لمجلس السيادة إذا من مهام المفوضية القومية لحقوق الإنسان مراقبة مجلس الوزراء والجهاز التنفيذي كاملاً، وقال المفتي لقد تقدمنا برأينا حول هذا الخطأ عندما عرضت الوثيقة الدستورية للتوقيع ولم يستجب أحد.

الدورة (42)

وأشار عضو المجموعة الوطنية لحقوق الإنسان كمال الدين الدندراوي إلى أن التقرير المتعلق بالخبير المستقل والذي سيقدم خلال سبتمبر الجاري في الدورة (42) لمجلس حقوق الأنسان من الأهمية بمكان أن يقدم فيه السودان كل التفاصيل والانتهاكات التي حدثت خلال فترة الاحتجاجات الماضية منبهاً بضرورة حضور وزير العدل الذي سيتم تعيينه خلال الأيام المقبلة، سيما وأن تقرير السودان سيقدم خلال  الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وأضاف دندراوي أن مجلس حقوق الإنسان في قراره رقم 3922 قرر ولاية الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان لمدة عام أو بدء تشغيل مكتب قطري لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وطلب المجلس من الخبير المستقل أن يقدم تقريراً عن تنفيذ ولايته وتضمينه في توصيات تتعلق بالمساعدة التقنية وبناء القدرات لكي ينظر فيه المجلس في الدورة (42) مضيفاً أن  التقرير يشمل الفترة من 28سبتمر 2018 وحتى 30 يونيو2019 ويستند التقرير بمساندة منظمات المجتمع المدني بتوصيات موجهة إلى الحكومة والجهات المعنية الأخرى من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في السودان. 

جانب من التقرير

ويحتوي التقرير الذي سيقدمه السودان لمجلس حقوق الإنسان جملة من  التحديات التي تواجهها الحكومة المقبلة منها تنفيذ حقوق الإنسان وعدم انتهاك حق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات والاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والقيود المفروضة على حرية التعبير ومضايقة الصحفيين، فضلاً عن أوضاع حقوق الإنسان في دارفور وآليات المساءلة الوطنية، بينما تناول التقرير ما  يواجهه السودان خلال تقديمه للتقرير المعني بحالة حقوق الإنسان خلال الفترة الماضية بشأن الانتهاكات التي حدثت جراء الاحتجاجات التي حدثت في ديسمبر 2018 حيث شمل التقرير تعرض المحتجين إلى أعمال قمع عنيف على يد قوات الأمن السودانية، وأشار التقرير عن الخبير المستقل تلقي تقارير تفيد بأن قوات الأمن التي انتشرت بأعداد كبيرة في جميع أنحاء الخرطوم قد استخدمت الذخيرة الحية لتفريق حشود المتظاهرين حيث تم قتل عدد من المتظاهرين واعتقال عدد كبير منهمن بينما في يحوي تقرير الخبير المستقل جملة من الانتهاكات أيضاً التي حدثت أثناء فض الاعتصام من أمام القيادة العامة وعدد من ولايات السودان. وأوضح التقرير أنه وفي يناير من العام 2019 تم اعتقال 816 شخصاً خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الاحتجاجات حسب إفادات الجماعات المعنية بحقوق الإنسان  على يد أفراد جهاز الأمن الوطني والمخابرات ومنها التعذيب والمعاملة غير الإنسانية.

تحديات السودان

بينما يوصي تقرير الخبير المستقل  التحديات التي يواجهها السودان في نقل السلطة سلميًا لقيادة مدنية ولكن مع كل تلك الإجراءات والانتهاكات أثنى الخبير المستقل على تعاون السودان الإيجابي مع مفوضية حقوق الإنسان في إنشاء مكتب قطري يتمتع بولاية كاملة، ويؤكد الخبير أن التطورات التي يشهدها السودان لها تداعايات هامة على صعيد الأمن وحقوق الإنسان في دارفور، ويدعو السلطات الأمنية في السودان إلى إصلاح الأجهزة الأمنية وفق المعايير الدولية ونشر النتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق في عملية فض الاعتصام.

Related Articles

Back to top button