ما لا يقوله إعلام الكيزان: “هروب وحدات الجيش”

ما لا يقوله إعلام الكيزان: “هروب وحدات الجيش”

علي أحمد

ماذا سيخطر ببالك وأنت تقرأ الخبر التالي: *”قالت السلطات الحكومية بمقاطعة الرنك بولاية أعالي النيل بدولة جنوب السودان، إن قوة عسكرية تتبع للجيش السوداني سلمت نفسها لقوات دفاع جنوب السودان بمنطقة هلكة بمقاطعة الرنك على الحدود مع ولاية النيل الأبيض السودانية مساء الاثنين.”*

ومساء الاثنين نفسه، كانت قيادة الجيش الكيزانية تتحدث إلى الشعب وكأن الحرب انتهت، وأن قوات الدعم السريع ذابت كفصِّ ملحٍ في ماء (المجاهدين). وبينما الجمهور في غفلة، والشعب في سكرة، والجميع في نشوة، إذا بمحافظ مقاطعة الرنك بجنوب السودان، *”أكوج جول أشيك”*، يكشف صباح اليوم التالي في تصريح إذاعي عن تسليم قوة من الجيش السوداني، بقيادة ملازم وعربة قتالية، لقوات دفاع جنوب السودان في منطقة *قونمبار* مع ولاية سنار مرة أخرى!

ومعلوم أن القيادة الكاذبة للجيش وكيزانها أعلنت مرارًا واحتفت تكرارًا بما سمّته انتهاء الحرب في ولاية سنار وإخلائها وتنظيفها من الدعم السريع تمامًا. فإذا بـ”قونمبار” تلوح في الأفق، وإذا بمحافظ الرنك الجنوبية يأتينا بما لم يزودنا به إعلام (الكيزان) من أخبار المعارك في المناطق الحدودية مع مقاطعة الرنك، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خصوصًا ما يجري في منطقة التبوت بولاية النيل الأبيض. وعلى رأس هذه الأخبار، تسليم القوة العسكرية بقيادة الملازم المشار إليه آنفًا.

هذا يعني أن هناك ترجيحًا لتفوق قوات الدعم السريع في هذا المحور القريب من مناطق العمليات العسكرية التي تنشط فيها مليشيات الكيزان هذه الأيام، ولولا تعرض هذه القوة لضغط عسكري شديد لما اختارت عبور الحدود هاربة من ميدان القتال!

ولطالما يتوالى هذا الهروب، فإن الحديث عن انتصار ساحق من جانب مليشيات (الجيش) ينبغي أن يوضع موضع المساءلة والتشكيك. فقد تراجعت أيضًا قوة كبيرة مكوّنة من مليشيات جهادية وما تُسمى بالقوات المشتركة من مرتزقة أمراء حرب دارفور من منطقة *الخياري* على حدود ولايتي الجزيرة والقضارف، متقهقرة إلى *الفاو*. فيما تشهد البلدات والقرى حول مدينة *الدويم*، عاصمة ولاية النيل الأبيض – وفقًا لسكان محليين – انتشارًا مكثفًا لقوات الدعم السريع حتى أصبحت في حكم المحاصرة.

هذا يعني أن ميزان القوى ما يزال متأرجحًا، وربما يميل في الاتجاه المعاكس في أي وقت، حيث يمكن لقوات الدعم السريع الالتفاف مجددًا وحصار خصومها من ناحية النيل الأبيض والخرطوم والمناطق الحدودية مع جنوب السودان المتاخمة للرنك وسنار، واستعادة زمام المبادرة.

إذًا، ما يزال الحديث عن انتصار مدوٍّ – كما يردد إعلام الكيزان – مبكرًا جدًا. وما يحدث في ولايتي سنار والجزيرة من تقدم نسبي لمليشيات الكيزان لا يعدو كونه فصلًا من الجزء الأول من سِفر الحرب وكتاب المعركة.

بطبيعة الحال، فإن ضراوة القتال في المناطق الحدودية مع مقاطعة الرنك الجنوبية لا تحتاج إلى دليل. فعندما يقول محافظ المقاطعة الجنوبي إن *”قوة”* من الجيش السوداني سلمت نفسها لقوات دفاع جنوب السودان، ويكشف عن أن عدد المدنيين الفارّين من هذه المعارك بلغ في المناطق الشرقية فقط نحو 7 آلاف شخص، فضلًا عن المناطق الأخرى مع ولاية سنار والنيل الأبيض، فإن ذلك يعني ببساطة شديدة أن الحديث عن انتصارات مدوّية محض فقاعات إعلامية سرعان ما ستنحسر أمام الحقائق التي ستتكشف بمرور الوقت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى