جمهورية برعي محمد دفع الله اللحنية
جمهورية برعى محمد دفع الله اللحنية
يحيي فضل الله
الى الموسيقار برعى محمد دفع الله
في تلك المنطقة من النور التي ترى فيها اشباح الظلام
ومن هناك ومن هنا
من حيث دائما يشتهى الوتر الغناء
———–
(الحبيبة العندي
قبال الحبيبة
يا بلادي الديمة
من البال قريبة
حبك اداني المعزة
وانتي زي
الروح واعزه
ديمه راميه
الغيمة فوقك
والدروب
راشاها طيبه)
الوتر الأول
———–
وتر ينتمي الآن لعزلة في الصمت
يشتهى بمقدار من لوعة وحنين تلك الانامل وهي تعطيه حياة في الرنين
وخلودا في محراب النغم.
وتر يستدعى إلفته في احتمالات الروح وهي تبنى مركبات اللحن
و تر يكاد ينطق دون ضغط تلك الانامل ويعلن عن غلظة صوته العذبة و يكاد ان ينتمى إلى قدرة أوتار ربابة (الشيخ إسماعيل) صاحب الربابة وهي تعلن عن قرب جسد الشيخ منها فتضج وحدها بالرنين دون لمس و يسيل منها عسل النغمات .
وتر ينتمي إلى فكرة أن يسرب ذاكرة تلك الانامل لتحارب هذا الغياب الأبدي .
و تر يخاف هذا الصمت، ترعبه العزلة ويجافي غياب الانامل في جدالها الحميم كي تخولق مملكة النغم تلك المملكة التي أسسها العازف المتفرد و هو ينسج منسوجاته اللحنية .
وتر لأحلام الحب
وتر له مع الصبابة علائق
وتر جالس (على المك)
وتر عانق ومازج صوت (عبد العزيز داؤود)
وتر ينتمي الان الى عتمة في الحزن
وتر يغالب هذا الفقد
وتر يخاف الان عزلته المجيدة
وتر يتجول فى ذاكرته النغمية الثرة مستدعيا أنامل (برعي) وهي تفجره
بالنغمات خوفا من مغبة النسيان
ترى هل ينسى الوتر أنامل العازف؟
(داير اقول الغنوه فيك
وأهدي ريدي الباقي زاد
وامشى لي الدار المصانع
واحضن الزرع البلاد
في ربوعك حبي زايد
ولى فيكي آمال عدايد
والله مهما اقول قصايد
إيه اقول غير كلو طيبة)
الوتر الثاني
———-
للدندنات حياتها
للدندنات جدالها مع التباريح والشجن
ولها الدندنات اجتراح في نسيج العواطف حين تشف ولها ارتحال في
دروب تشيدها التراكيب الصوتية
ولها الدندنات معمارها اللحني ولها ايضا ما يكفي كي تفرح وكي تحزن
وحدها الدندنات التي تملك إحساسها الرهيف بغياب العازف ذلك الذي يموسقها في النشيد وفي النشيج وفي احتمالات الرنين وارتحالات النغم
هو وتر له مع (مصرع الزهرة) رنة التكثيف
وله مع (اجراس المعبد) ذلك التماهي الصوتي
وتر يتحسس الآن غياب عازفه في البعيد
البعيد
البعيد
لذلك يتشهى الوتر رنة تفكك مذاق ذلك البعد الازلي
كل صباح تشرق شموسك
وترمي فوق الريح شعاعا
والمراكب الشاقة نيلك
بتهدي للأفراح شراعا
في رباك الخير مكدس
وفيك شرع الحب مقدس
والله مهما الزول تحدث
بغلبو الاوصاف يجيبا)
الوتر الثالث
———-
وتر في خموله تتقاذفه الاسئلة وتعربد فيه متاهات الصمت
يهرب منها
او يحاول بالتساؤلات
اين تلك الانامل التي صورت (فينوس)؟
اين تلك المخيلة اللحنية التي أحس بها في ارتجاف أنامله وهي تبحث
عن فكرة لحنية على رنتي الرخيمة؟
اين ذلك القلق الفنان الذي يحيلني إلى حيوية عذبة؟
اين انا من هذا الغياب؟
هل سيذهب دون عودة كما ذهب صديقنا المغنى (عبد العزيز داؤود)؟
كم اشتهى ان أتخلل ذلك الصوت العذب برنتي وهو يغنى
(هل أنت معي)
وأي حيوية وأي حياة وأي عذوبة تلك التي كانت تجتاحنا نحن الاوتار حين
ننسجم مع ذلك الصوت الهادر الصاخب الجميل؟
سكر السمار والخمار
في حان الغرام
وأنا الصاحي
أرى في النور
اشباح الظلام)
أي نداوة وأي الق ذلك الذي فقدناه؟
آه، هل سأكون دائما بحاجة الى ذاكرة كثيفة كي أحس بأنامله وهي تتحسسني وتضغط على كي امنح رنتي لجسد اللحن؟
هل انا بحاجة لكل هذا الغياب؟
ترى من سيحرض رنتي الرخيمة كي تنتمي لكيمياء العذوبة في لحن هو من مخيلة برعي؟
يا غناوي البهجة قولي
وصفى النيل موجه موجة
العزير الجارية مويتو
بتفرح الزول حين يخوجا
نيلنا يا ساقي المحبة
الحبيب منك تربا
دابا ارضك خيرا كبا
في المشاريع الحبيبة
الوتر الرابع
———–
وتر يدخل في صمت حزنه
وتر يدخل في حزن صمته
وتر يشتهي ذلك الخروج من قوقعة الصمت الحزين إلى فضاءات النغم
وتر يعرف الان غياب شريكه الحميم ولا يملك حتى دمعة لهذا الغياب
فالدمعة، دمعة الاوتار لابد لها من انامل لها القدرة على التفجير
وتر يخاف حالة كونه ابكم ومتبلدا ولا ينتمى إلى حياة اللحن، إلى حيوية
النغم بذاكرته كي يمنح روحه إلى موجة على (مقرن النيلين) وان يتحسس (الرملة البيضاء) فى صوت (حسن عطيه)
وتر يلوذ بقدرته ويزغرد لـ(فرحة شعب) ويمتص إيقاع عجلات (قطر الشمال)، يشارك محمد وردي عذوبته فى (الوصية)
وتر يشتهى ان يبكي ولكن
اين انامل (برعي) كي يتدفق في بكائيته المحتملة؟
الوتر الخامس
———–
وتر للأغنيات الباحثات عن الحياة
الواهبات الرمل إيقاع القوافل
سائرات
راحلات
حاملات
من بريق الصحو
أنسجة الطفولة
طاردات للتمزق والحروب
وتر يعذبه الفقد
وتر يتمنى ان يمنح رنته الاليفة الى لحن موسيقى يكثف غياب (برعي
محمد دفع الله)
ترى من يستنطق ذلك الوتر الذي تألف مع أنامل (برعي) وهو يبنى جمهورية ألحانه؟
العود
———-
أوتار عود (برعي محمد دفع الله) تلك التي تحملت عبء مخيلته اللحنية
العذبة، تلك التي امتصت رعشات أنامله وهو يموسق الحياة
ترى كيف تحتمل هذه الاوتار غياب هذا الفنان المبدع؟
هل تستطيع اوتار (برعي محمد دفع الله) أن تنتمي إلى ذاكرتها النغمية كي
تتسامى على هذا الغياب؟
هل تستطيع الاوتار ان تمنحنا مرثية لهذا الكائن الجميل الذي يحق
للسوداني أن يتباهى به؟
وهل نستطيع نحن اولئك الذين تسامى بنا (برعي محمد دفع الله) كي نستوطن جمهورية ألحانه العذبة؟
هل نستطيع ان نقول وداعا؟
هل كنا نملك مناديل نلوح بها في وداع هذا الموسيقار المبدع؟