الدقير الى جوبا.. سيناريوهات قبل وبعد الزيارة؟!
تقرير: عبد الله عبد الرحيم
أعلن المؤتمر السوداني، أن رئيسه عمر الدقير سيغادر إلى جوبا في زيارة قصيرة للاجتماع بقادة الجبهة الثورية، سعياً لاستكمال النقاشات والحوارات للحفاظ على وحدة قوى الحرية والتغيير بما يمكنها من استكمال مهام الثورة وعلى رأسها مهمة الوصول لسلام عادل وشامل.
وأوضح الحزب في بيان له، أن زيارة الدقير سوف تتخللها لقاءات رسمية وشعبية مع قادة بدولة جنوب السودان تمتيناً لأواصر العلاقات بين البلدين. وكان الباشمهندس عمر الدقير قد انتقد في فعالية سياسية بالخرطوم الخطوات التي اتبعتها قوى الحرية والتغيير في عملية تشكيل المجلس السيادي، وقال إن الاختيار لم تُراع فيه المعايير الحقيقية التي تراضوا عليها جميعاً في تحالف الحرية والتغيير، وإنما جاءت وفقاً للمحاصصة، وقال إننا اتبعنا ما رفضناه في أديس أبابا، وأكد أن هذه الطريقة التي اتبعت من شأنها أن تفتح الباب أمام مطالب الجبهة الثورية.
هذا الأمر فتح الباب واسعاً أمام موقف الدقير من التشكيل الوزاري، وأن هناك من يرى أن الدقير كان يجب أن يكون ضمن الذين تم اختيارهم لقيادة الحكومة في المرحلة القادمة، بيد أن موقف الحزب كان واضحاً، حيث أكد إنه لن يُشارك البتة في الحكومة الانتقالية، الأمر الذي اعتبره البعض وضع حد لآمال وأحلام الدقير الذي كان ضمن الترشيحات لمناصب وزراء الحكومة الانتقالية.
بينما يرى البعض أن الزيارة ربما تأتي للتفاكر مع الجبهة الثورية لإيجاد مخرج يضمن التحوّل للسلام الكامل بعد أن هددت بإجهاض مساعي الحكومة الانتقالية التي تم تكوينها بعد أن باعدت بينهما المواقف والآراء، وإبعاد قيادتها من الانضمام للمجلس السيادي بعد أن رفضت أسلوب المحاصصة في وقت أعلنت فيه رهانها على الشارع للتغيير وإجهاض الاتفاق الدستوري الذي فرض عملية الاختيار للحكومة المقبلة.
تصريحات ساطع
ويشير بعض المتابعين إلى أن الزيارة ربما تأتي في إطار ما كشف عنه القيادي بقوى الحرية والتغيير الأستاذ ساطع الحاج، حينما أكد بأن هناك حواراً سيعقد عقب تشكيل الحكومة الجديدة مع الجبهة الثورية والحركات المسلحة. وأكد ساطع أن ما تم في القاهرة بين قوى إعلان الحرية والتغيير والجبهة الثورية هو ترتيب لموضوع السلام في مناطق الحرب، وأوضح أن من أولويات الحكومة الانتقالية القادمة خلال الأشهر الستة المقبلة هي الاهتمام بالسلام وإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم.
لا تفويض
بينما أكد الأستاذ محمد سيد أحمد الجكومي الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية بالداخل، أنه لا يتوقع نجاحاً للقاء رئيس المؤتمر السوداني والجبهة الثورية بجوبا، وقطع بأن اللقاء لا يحمل تفويضاً من قوى نداء السودان، وأن ما يجري بينهما يعتبر لقاءً في إطار العلاقات المشتركة بين الطرفين، وقال: نتائج هذا اللقاء غير رسمية، ولا يمكن البناء عليها في الموقف العام لقوى الحرية والتغيير.
دعم السلام
ويشير المحلل السياسي مالك أبو الحسن لـ(الصيحة) إلى أن الزيارة تأتي في إطار لقاء قوات الجبهة الثورية المختلفة وللالتقاء بمسوؤلين في حكومة الجنوب والهدف الرئيس للزيارة دفع عجلة مساعي السلام وتلافي الإشكالات التي لم تتم معالجتها في اتفاق أديس ولا في تفاهمات القاهرة، ومن الواضح أن الحرية والتغيير ونداء السودان بالأخص، تحتاج لمساعٍ لدفع عملية السلام لظهور الخلافات الواضحة بعد 11أبريل بين الجبهة الثورية كمكون من مكونات نداء السودان وبين المكونات الأخرى في الحرية والتغيير.
موضحاً أن التعاطي مع الموضوع لم يكن برؤية متكاملة، حيث إن الناس كانوا يتعاملون مع قضايا السلام باعتبار أنه سيتم فتح ملف السلام بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، بيد أن الجبهة الثورية في أديس والقاهرة قد طلبت بشكل واضح ألا يتم تشكيل الحكومة إلا بعد الفراغ من قضايا السلام.
وقال أبو الحسن، إن هذا الموضوع كان بالضرورة يبدو صعباً لأن قضايا السلام كانت أكثر صعوبة لشمولها قضايا أمنية وأخرى معقدة ذات أبعاد تتعلق بعمل سياسي، كما أن هناك قضايا تتعلق بجوانب قانونية مختصة بأحكام صدرت سابقاً في حق بعض القيادات في الجبهة الثورية، فضلاً عن القضايا الأخرى التي يتضمنها أي أتفاق سلام من إعادة إدماج وتسريح القوات العسكرية وإعادة تكوين الجيش أو القوات المسلحة السودانية لتعبر عن كل السودانيين، وهذه قضايا لا يمكن أن تتم في شهر واحد، لذلك كان لابد من تشكيل الحكومة حتى الفراغ من قضايا السلام.
تجسير مهمة الانتقالية
وقال مالك إن زيارة الدقير لجوبا تأتي في إطار محاولة ردم الهوة وتجسير أواصر العمل المشترك لظهور ملامح عدم الثقة التي تشكلت بعد لقاء القاهرة وأديس، وأكد أن القفز عليها وتجاوزها سوف يعقد المشكلة بصورة أكبر، خاصة وأن الأمر ظهر من خلال التصريحات التي تلت التشكيل السيادي، حيث تم الاهتمام بالتمثيل الجغرافي على حساب المعايير الأخرى. وكل هذا يوضح أن الثلاثين سنة الماضية أثرت في جعل القضايا في السودان ذات بعد إقليمي وجغرافي أكثر من البعد الموضوعي، ولذلك تأتي زيارة الدقير لإعادة الثقة لهذا الموضوع تحديداً.
وأشار إلى أنه وخلال مفاوضات أديس كان هناك هجوم كثيف على المؤتمر السوداني، وعلى نداء السودان، حيث كان عمر الدقير يمثل الحرية والتغيير في كل الجلسات، ولم يغب عن أي جلسة، لذلك أعتقد أن الزيارة لديها هدف أساسي ينصب على التجسير والتسهيل لمهمة الحكومة الانتقالية برئاسة السيد حمدوك في بدء عملية السلام. مؤكداً أن الزيارة تأتي بصفة أن الدقير ممثل للمؤتمر السوداني للتباحث مع قوى الجبهة الثورية، وذلك لموقف الدقير الواضح بعد تشكيل المجلس السيادي بأن المحاصصة غلبت في تشكيل السيادي، وقال: ما رفضناه في إديس جئنا وقبلنا به الآن. وزاد أن هذا الموقف يمكن أن يرسخ لحوار مشترك يؤسس لرؤية واضحة لتلافي أزمات السلام. وأكد أن أي اتفاق سلام سيغير في تشكيلة الحكم وفي المؤسسات التنفيذية والتشريعية، ولذلك قال إن مخرجات اللقاء من شأنها أن تغير في تشكيلة المجلس السيادي، لأنه يأتي من خلال برنامج تشارك فيه كل مؤسسات الحكومة.
بعلم حمدوك
ويقول نائب الأمين السياسي للمؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين بأن زيارة الدقير لجوبا زيارة قصيرة، وتأتي لإجراء حوارات مباشرة مع الجبهة الثورية تأتي في إطار الحوارات التي أعقبت لقاء أديس وتفاهمات القاهرة، وما نتج عنهما بغية التوصل لأهداف تُمكن من إحراز سلام سريع وعادل وفقاً لمبادئ الثورة مضيفاً بأنها أيضاً تهدف للقاء بالأشقاء في دولة الجنوب وعلى رأسهم الفريق سلفاكير ميارديت، لدعم أواصر الإخاء بين الشعبين. وقال إن الذين يراهنون على عدم نجاح الزيارة نؤكد لهم أن الجبهة الثورية حليفة للمؤتمر السوداني في قوى نداء السودان قبل أن يتم تكوين وتشكيل تحالف الحرية، والتغيير مشيراً إلى مرحلة الكفاح المسلح، وقال إنه لا توجد أية تباينات في المواقف بين الطرفين على مستوى الرؤى الفكرية مشيراً إلى أن الاختلاف إن وجد إنما يوجد في الأدوات التي يتم من خلالها تحقيق تلك الأهداف. وأكد أن قدرة المؤتمر السوداني كبيرة في الخروج بحوار بنّاء مع الجبهة الثورية وبنتائج تردم الهوة بين الحرية والتغيير والجبهة الثورية وافتقاد الثقة. وأكد أن المؤتمر السوداني مهيأ للعب هذا الموقف أكثر من بقية الأحزاب الأخرى. مشيراً إلى أن أولويات الحزب هي الوحدة لقوى الحرية والتغيير، وقطع بأن اللقاء تم بالتنسيق مع السيد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بعد أن تم إخطاره بهذه الجولة.
وقال: هناك تطابق تام بين رئيس الوزراء والمؤتمر السوداني فيما يتعلق بعملية السلام. وأكد الأمين السياسي أن الحزب يتوقع نتائج باهرة للقاء الدقير بالجبهة الثورية على ضوء العلاقات السابقة والمواقف المشتركة بين الجانبين.