هل يتصدع تحالف الإسلاميين والجيش بعد هجوم عبد الحي يوسف على البرهان؟
في تصعيد غير مسبوق، شن الداعية عبد الحي يوسف هجومًا لاذعًا على قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، مؤكدًا أن الإسلاميين فقدوا ثقتهم فيه، وأن الفضل في تحقيق الانتصارات يُنسب إليهم وليس للجيش.
وحمل عبد الحي البرهان مسؤولية تمكين الدعم السريع من السيطرة على مواقع استراتيجية في العاصمة، وتعديل قانون القوات لصالحهم، مما فتح الباب أمام توسعهم دون رقابة.
في المقابل، رد البرهان بقوة على تلك التصريحات، رافضًا التشكيك في دوافع الجيش، ومشدّدًا على أن الجيش يقاتل لصالح الشعب وليس لصالح أي جهة. وقال البرهان: “لمن يشكك في هذا الأمر، نقول تعال لترى بعينك”، موجهًا انتقاداته لما وصفه بـ”الأصوات التكفيرية” التي تهاجم المؤسسة العسكرية.
تداعيات التصريحات
تصريحات الطرفين تأتي في ظل توترات متصاعدة، مما يطرح تساؤلات حول مسار الصراع الداخلي ومآلاته على الساحة السودانية.
ويرى نائب المدير العام لمركز الراصد للدراسات السياسية والإستراتيجية، د. الفاتح عثمان، أن حديث عبد الحي عبارة عن كلام موجه لمجموعة محددة من الناس قام بعضهم بتسريبه. وهو بذلك، بغض النظر عما إذا كان يقصد ما يقول أو كان مجرد حديث للمؤانسة، لا يحمل قيمة رسمية، لكنه يُعد محرجًا للجميع بسبب الثقل الكبير للداعية محمد عبد الحي وسط المواطنين السودانيين.
وقال عثمان في حديثه لـ”الراكوبة” إن الشيخ محمد عبد الحي هو أحد قادة التيار السلفي ومن الداعمين للجيش السوداني، كما أن أبناءه يقاتلون مع الجيش. وأشار إلى أن تصريحاته تسببت في زيادة الجفاء بين الجيش والسلفيين بشكل خاص، وبين الجيش والإسلاميين بشكل عام. وأضاف أن بيان الحركة الإسلامية جاء ليعلن تبرؤهم من د. عبد الحي في محاولة للابتعاد عن الرجل بشكل واضح.
وأوضح عثمان أن أقوال د. عبد الحي تمثل درسًا قاسيًا له ولكل السياسيين السودانيين، حيث إنه في عصر وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد هناك خصوصية، ولن تُجدي اعتذارات د. عبد الحي نفعًا في رتق ما تمزق بسبب هذا الحديث غير المسؤول.
حرب الإسلاميين
أما القيادي في حزب الأمة القومي، مصباح أحمد، فيرى أن حديث مفتي الحركة الإسلامية الشيخ عبد الحي يوسف حول الجيش عمومًا والبرهان خصوصًا، يؤكد أن الحركة الإسلامية لا ترى في الجيش سوى جناح عسكري يجب أن يأتمر بأمرها. وأشار إلى أن الحرب الحالية هي حربهم، التي أرادوا من خلالها إعادة الألق والبريق للحركة الإسلامية وإعادتها للواجهة من جديد.
وأشار أحمد، في حديثه لـ”الراكوبة”، إلى أن البرهان ظل منذ عام 2019 ينفذ كل ما يطلبه الإسلاميون منه، بدءًا من فض الاعتصام، ومرورًا بانقلاب 25 أكتوبر الذي أطاح بحكومة الثورة، وإعادة تمكين الإسلاميين من مفاصل السلطة والدولة. وأضاف أنه استمر في السير معهم بتنفيذ خطة الحرب عبر الانقلاب على الاتفاق الإطاري، ثم التراجع عن الحلول السلمية، بنفض يديه من منابر التفاوض كافة وما تم الاتفاق عليه، سواء في جدة أو المنامة، والاستمرار في الحرب.
وأوضح أحمد أن البرهان، رغم ذلك، لم يقصر معهم، لكنهم غير راضين عنه، لأنهم لا يثقون فيه ويخشون عودته إلى طاولة التفاوض. لذلك، يريدون قيادة أيديولوجية من الإسلاميين داخل الجيش لا تناور ولا تفكر في أي حل تفاوضي لا يحقق تطلعاتهم. وأكد أنهم يدركون أن الجيش ليس كله إسلاميين، ولهذا سيطروا منذ البداية على مسار الحرب ومصيرها لضمان عدم التفاوض إلا بما يحقق عودتهم الكاملة للسيطرة على البلاد والجيش من جديد.
وقال أحمد إن ما صرح به عبد الحي يوسف يعبر عن رأي الإسلاميين كافة بلا استثناء، وإن بيان التبرؤ لا يعدو كونه محاولة لتخفيف الضجة الإعلامية التي رافقت التصريحات. وأكد أن الإسلاميين لا يريدون إعلان موقفهم الآن لأن الحرب لم تنتهِ ولا تزال لديهم معارك قادمة. وأضاف أن حديث عبد الحي أكد ما ظل يصرح به حول من أشعل الحرب ومن المستفيد منها، ومن يسعى لاستغلالها لاستكمال مشروع السيطرة على البلاد ومواردها، وتحقيق حكم استبدادي جديد، على حد قوله.