“عين على الحرب”: أخطر الأوبئة في زمن الحرب؟!
“عين على الحرب”: أخطر الأوبئة في زمن الحرب؟!
الجميل الفاضل
تقدر تقارير أممية أن (5.8) مليونا من النساء النازحات داخل بلادهن، قد بتن مهددات بخطر العنف والاعتداء الجنسي، والاغتصاب، لا سيما في ولايات الخرطوم والجزيرة ودارفور وكردفان.
بل إن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر كان قد حذر الاثنين الماضي خلال زيارة إلى بورتسودان من مغبة ما اعتبره وباء عنف جنسي، تتعرض له النساء في البلد الغارق في الحرب، منبها إلى أن نطاق هذه الاعتداءات الجنسية غير مقبول.
وفي ذات السياق كانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد نشرت في يوليو الماضي تقريرا بعنوان “الجنس مع رجال الجيش السوداني مقابل الطعام بأمدرمان” نقلت خلاله عن 24 امرأة لم يتمكن من الفرار من مناطق القتال بأم درمان قولهن أن الاتصال الجنسي مع رجال من الجيش السوداني كان الوسيلة الوحيدة للحصول علي الطعام أو السلع التي يمكنهن بيعها لجمع المال لإطعام أسرهن.
وقالت النساء اللواتي استطلعتهن الغارديان أن معظم الاعتداءات وقعت في “المنطقة الصناعية” حيث يتوفر معظم الطعام في المدينة.
وفي تقرير مماثل نشرته صحيفة “سودان تربيون” تحت عنوان “الجنس مقابل الطعام.. نساء السودان يدفعن النزاع بأجسادهن” أشارت فتاة لم تتجاوز عمر العشرين أنها بعد مصرع والدتها البائعة بالسوق المركزي جنوب الخرطوم، في غارة جوية على المنطقة، قد اضطرت لممارسة الجنس مع الجنود وسكان آخرين، مقابل المال لإعالة أختها وأخيها الصغيرين، وفي أكتوبر الماضي قال عمال إغاثة أن الفتيات في الفاشر يجبرن على الزواج بالمقاتلين، كما تمارس الشابات الجنس من أجل البقاء، مقابل الغذاء والماء والمال.
هو واقع مأساوي يحاصر النساء في كافة أرجاء البلاد، واقع يعكس صورة لأسوأ ما فينا كشعب، صورة تؤكد انطباق قول الشاعر محمود درويش علي قسوته علينا، قوله “كم كذبنا حين قلنا: نحن استثناء”.
وبالطبع، فإن فداحة مثل هذه الأثمان التي يدفعنها النساء، وكلفتها النفسية العالية عليهن، يعيدنا لا محالة إلى سؤال آخر للشاعر محمود درويش حين يقول:
“هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق،
ونرى دمنا على أيدينا
لنُدْرك أننا لسنا
ملائكة، كما كنا نظن؟”