أكد ناشطون في السودان ارتكاب الميليشيات التي تقاتل مع الجيش السوداني عمليات قتل وانتهاكات واسعة ضد المدنيين في مدينة سنجة وقراها التي انسحبت منها قوات الدعم السريع.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مسلحين يتبعون للجيش السوداني يقتحمون منازل المواطنين في قرى مدينة سنجة ويمارسون الترهيب والإذلال بحق النساء داخل منازلهن.
وأظهر أحد المقاطع مسلحًا يرتدي زي الجيش السوداني، وهو يقتاد فتاة تحت التهديد ويطلب منها إزالة الغطاء عن وجهها وإجبارها على النطق بكلمات يمليها عليها، من أجل تصويرها بشكل مهين.
ووجدت الانتهاكات التي مارستها ميليشيات الجيش ضد المدنيين في مدينة سنجة والقرى التي تتبع لها، غضبا واسعًا وسط السودانيين.
وجاء في منشور لبشرى علي، على منصة “إكس” “أن تعقب النساء في مدينة سنجة وإذلالهن من قبل الجيش السوداني لم يفعله أحد، حتى الكفار في المعارك يحترمون المرأة ويعملون لها ألف حساب”.
وتابع المنشور: “هذا هو المجال الوحيد الذي ينتصرون فيه، وهذا مثال واحد موثق لجرائم عديدة، وهذا هو المصير لو سيطر الفلول على كل أنحاء السودان”.
وجاء في منشورات أخرى معلومات عن المسلح الذي ظهر في المقطع، إذ أشار ناشطون إلى أن لقبه “فرنسا” وأنه ينتسب لإحدى الميليشيات التي تقاتل مع الجيش (كتيبة البراء بن مالك) وأنه دخل عدة بيوت وكرر الفعلة نفسها.
وذكر ناشطون أن سنجة مدينة تمتزج فيها جميع المكونات وتتعايش فيها، وأن المسلحين يحاولون تمزيق هذه العلاقات من خلال اعتداءاتهم على المنازل وسكانها.
وكان الجيش السوداني أعلن قبل يومين، دخوله مدينة سنجة بولاية سنار، عقب انسحاب قوات الدعم السريع، الأمر الذي أثار مخاوف من ارتكاب الميليشيات المتعاونة معه مجازر بحق المدنيين بذريعة التعاون مع “الدعم السريع”، على غرار ما حدث في الدندر وقرى شرق سنار.
وفور إعلان الجيش سيطرته على مدينة سنجة، نشرت ميليشيات النظام السابق مثل “كتائب البراء بن مالك” مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تقول فيها إنها بدأت تمشيط أحياء المدينة، ما يعني أنها بدأت حملاتها الانتقامية ضد المواطنين الذين لم ينزحوا من منازلهم.
وتحدثت تقارير عن شن الميليشيات المتحالفة مع الجيش حملة اعتقالات للمواطنين بمدينة سنجة بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.
ونشر عمار السجاد، وهو قيادي إسلامي في نظام البشير السابق، على “فيسبوك” يقول إن المتعاونين مع قوات الدعم السريع في مدينة سنجة يتجاوز عددهم عشرة آلاف شخص، الأمر الذي اعتبره البعض إشارة تمهد لقتل أكبر عدد من المدنيين في المدينة التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
إطلاق يد الميليشيات
وقال مراقبون إن الجيش السوداني درج على إطلاق يد هذه الميليشيات المتطرفة لتفتك بالمواطنين الذين يتمسكون بالبقاء في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، مثلما حدث من قبل في منطقتي الحلفايا شمال الخرطوم، والدندر بولاية سنار.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة مقاتلين من ميليشيا البراء بن مالك، وهم يتوعدون بذبح مواطنين في عدد من الأحياء في سنجة بتهمة التعاون مع الدعم السريع.
ويعاقب قادة هذه الميليشيات الأهالي لبقائهم في مناطق سيطرة الدعم السريع، وعدم النزوح إلى مراكز الإيواء بمناطق سيطرة الجيش، وفق مراقبين.
وتحدثت تقارير عن مقتل 17 مواطناً وجرح العشرات في مواجهات بين السكان والميليشيات المتحالفة مع الجيش، بعد دخولها قريتي “شكا والعمارة” ونهب ممتلكات السكان وارتكاب انتهاكات.
وأشارت التقارير إلى أن ذلك حدث بعد توعد كتائب البراء بن مالك، لسكان قرى “شكا والعمارة وزينوبا” التي تقع على الطريق الرابط بين سنار وسنجة وتقطنها قبيلة “العريقات” إحدى فروع قبيلة الرزيقات التي ينحدر منها قائد قوات الدعم السريع.
وفي أواخر أكتوبر الماضي، اتهمت قوى حقوقية وزعماء أهليون الجيش السوداني بقتل أكثر من 350 مدنياً في مدينة الدندر وقرى شرق سنار، بذريعة التعاون مع قوات الدعم السريع، التي كانت تسيطر على تلك المناطق وانسحبت منها.
وأكدت تقارير مراصد حقوقية أن قوات الجيش، مدعومة بكتائب الحركة الإسلامية، نفذت في مدينة “الدندر”، حملة اعتقالات وتصفية استهدفت مدنيين أبرياء على أساس العرق والانتماء القبلي، أسفرت عن قتل المئات، جميعهم من أبناء قبائل غرب السودان، بدعوى تعاونهم مع قوات الدعم السريع في أثناء سيطرتها على المدينة.
كما أكدت أن المجزرة شملت 72 أسرة، جميع أفرادها من المدنيين ولا علاقة لهم بالصراع، وأنه تم قتل بعض أصحاب المطاعم وبائعات الشاي، بسبب تقديمهم الطعام أو الخدمات لقوات الدعم السريع خلال سيطرتها على المدينة.
وسبق أن وقعت عشرات الانتهاكات في مواقع متفرقة من السودان بحق أشخاص ينحدرون من عرقيات تمثل حاضنة اجتماعية لقوات الدعم السريع في دارفور وكردفان، بعد اتهامهم بالانتماء للقوات التي تقاتل منذ الـ 15 من أبريل الماضي.