معاناة النساء وتحديات الصراع في السودان

معاناة النساء وتحديات الصراع في السودان

نادين علي

لطالما عانت النساء والفتيات في السودان من الحرمان والاضطهاد والتميز بغرض الاقصاء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي منذ استيلاء الحركة الإسلامية على السلطة التي تمارس الأساليب الديكتاتورية ضد الشعوب السودانية الأصيلة وخاصة النساء التي وجدت في اضطهادهن نوع من استعراض القوة وفرض السلطة بالقوة، بدلاً من إقامة دولة مدنية ديمقراطية، وبعد مرور عام وسبع أشهر على اندلاع النزاع في السودان تزداد معاناة النساء ويواجهن صعوبات كبيرة وينتشر العنف الجنسي والجسدي وجرائم الحرب ضدهن من قبل الجيش الديكتاتوري الــ لا إسـلامي وخاصة في مناطق سيطرة الجيش كما يتعرضن لـ الاستهداف المُمنهج المباشر كالطيران الحربي والمدافع في مناطق سيطرة الدعم السريع.

معاناة النساء وتحديات الصراع داخل السودان

النساء العاملات في المدن قد فقدن كل ممتلكاتهن ومصادر دخلهن منذ اندلاع الطلقة الأولى وكانت الصدمة الأولى عندما تخلي الجيش عن المواطنين بالعاصمة المُثلثه وانسحب الى مدينة بورتسودان التي قام بتعينها كــ عاصمة مؤقته وتجاهل إعلان حالة الطوارئ وتجاهل أهمية حماية المدنيين في النزاعات الداخلية وخاصة النساء التـي يُمثلن الأقليـة الضعيفة في المُجتمع، وتبدأ المعاناة في فقدان الموارد الاقتصادية وتخاذل وزارة المالية ومؤسسات القطاع الخاص في تسديد المرتبات و المستحقات المالية لـ الموظفات وتجاهل حقوقهن من قبل مكتب العمل، ويبدأن مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة والظروف القاسية التـي اجبرت بعضهن لـ الزواج القسري من أجل التخفيف من الضائقة المالية أو تقليل العبء الاقتصادي، كمــا أُجبرن على ممارسة البغاء “الـزنا” مع بعض منسوبي القوات المسلحة الذين استغلوا أزمة الجُوع بالبلاد مقابل إعطائِهن حقهن في الحصول على المساعدات الإنسانية مُستغلين أزمة الجوع  والمجاعة وسوء التغذية الحادة التـي أعلنت عنها المنظمات العالمية، وأخريات تعرضن لحملات الاعتقال التعسفي التي تفتقر للإجراءات القانونية ومعاير الاعتقال والمحُاكمة العادلة وليس هنالك أي معلومات عنهن مُنذ وقوعِهن في الأسر ويواجِهِن تهم مُلفقه مثل التخابر والتعاون او الانتماء القبلي لقوات الدعم السريع كمحاولة لإذلالهن وقمع حريتهن واضطهادهن وما يثير القلق ان هنالك انباء أن السلطات في بورتسودان قامت بتنفيذ حكم الاعدام على بعضهن وأُخريات ينتظرن حُكماً مجهولاً، كما تم حرمانهن من الحصول على حقهن في التعليم في غياب إدارة حكومية أو دولة قادرة وسيحرم جيل كامل من الحق في التعليم فقد تم إغلاق ما لايقل عن 10,400 مدرسة بسبب النزاع كما ورد في تقرير منظمة اليونسيف، ايضا النساء يواجهن صعوبة في الحُصول على حقهن في الصحة خاصة مع تعمد تدمير المرافق الطبية المُستهدفة من الطيران الحربي والمدافع الأرضية التي نتج عنها انهيار القطاع الصحي بنسبة 70% وفقـاً لما أعلنت عنه الأمم المُتحدة، وهنالك ازمة صحية حادة خاصة مع انتشار الأمراض و الأوبئة مثل الــ كوليرا و حمى الضنك التي تسببت في حدوث وفيات عدة في مناطق مختلفة، ومعاناة اخرى تواجهها النساء الحوامل ومحاولات الحصول على الرعاية الصحية حيث يحتجن لفحوصات دورية اثناء فترة الحمل و في حالات الطوارئ تضطر النساء لقطع مسافات طويلة لـ الذهاب الى المستشفيات وبعضهن اضطررن لولادة أطفالهن على جانب الطريق وأخريات تعرضن لـ الإجهاض، وكل ذلك نتج بسبب القيود التي تفرضها القوات المُسلحة التي تتحكم في الحركة وتفرض سيطرتها على الشوارع التي يتم إغلاقها لعدة أيام أو حتى أسابيع.

اما النساء العاملات في المناطق الريفية اللاتي يعملن في إنتاج المحاصيل الزراعية وتربية المواشي وتعد مُشاركة مباشرة منهن في الاقتصاد السوداني يواجهن تحديات في حياتهن اليومية من قبل الحرب، وأصبحت هذه التحديات أكثر صعوبة منذ اندلاع الحرب التي زادت من معاناتِهن و بؤسِهن وزيادة الفقر والنزوح وانعدام الأمن والغذاء، مما خلق عبئًا إضافيًا عليهن ولكن الكارثة الأكبر تكمن في استهداف النِساء المباشر بـ الغارات الجوية من قبل الطيران الحربي كـ محاولة لاغتيالهن وهنالك محاولات اغتيال معنويه يتعرضن لها كــ “حرق المحاصيل الزراعية و قتل الماشية” لــ تدمير مجهوداتهن الذاتية وهنالك حملات استهداف و تحريض من بعض شيوخ الدولة الذين سردوا فتاوي تحلل قتلهن وتم تصنيفهن كحواضن اجتماعية لقوات الدعم السريع العسكرية التي تم ايجازها سابقاً من البرلمان السوداني كما أن بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الداعمي لـ الجيش الديكتاتوري الإرهابي يرددون خطابات الكراهية التي تحمل الكلمات الخادشة للحياة بكل جرأة و يرددون الاساءة لهن والتحريض ضدهن بغرض الأقصاء السياسي وممارسة التميز الاجتماعي و الاقتصادي ضدهن ونسب التهم الباطلة لـ التغطية علــى افعالهم البذيئة وتبرير جرائم الجيش ضدهن.

معاناة النساء وتحديات الصراع خارج السودان

في إثيوبيـا هنالك 6 الاف لاجيء حسب تقديرات الأمم المتحدة في معسكر “أولالا” في إقليم أمهرا يعيشون في الغابات ويعانون من كارثة انسانية كبيرة خاصة النساء التي يتعرضن لـ محاولات الخطف و القتل و الاعتداء الجنسي من قبل قوات التيغراي وتعلو أصوات النساء ونداءات الاستغاثات التي أطلقتها السودانيات بذلك الاقليم ولا نجد اي استجابة من حكومة البُرهان الغير شرعية بل نرى التجاهل الكامل لازمتهن حتى وبعد 100 يوم من المعاناة  شهد صباح الثامن من أغسطس هجرة جماعية للاجئين حيث قرروا العودة إلى السودان سيرًا على الأقدام؛ بسبب مخاوف أمنية وإنسانية.

أما في مصر فمعاناة النساء مُختلفة هُنالك عدة شهادات من الفارات اللاتي تعرضن لـ خطر الموت والاختطاف والسرقة والابتزاز وحوادث السير المروعة و اخريات فقدون ذويهم، وتدعي مصر بأنها لا تفرض على اللاجئين الذين يصلون إليها قيودًا متعسفة في تحركاتهم لكنها نفذت حملات  ترحيل لـ بعض اللاجئين أو طالبي اللجوء بينهم نساء خاصة الذين دخلوا أراضيها بطرق غير قانونية مُتجاهلة انهم هربا من نيران الحرب التي تعد مصر اكبر مُسبب لها، أيضاً هناك ما يعكر صفو العيش مثل التعليقات السلبية التي يوجهها الشارع المصري ضد اللاجئين وخاصة ذوي البشرة الداكنة.

أصبحت ظروف الحرب أزمة تواجه النساء وخاصة العنف الذي يعد أقوى ضربة تستنزف النساء وتزيد من معاناتهن وهي سلسلة استهداف تمارسها سلطات حكومة البرهان غير الشرعية التـي تتجاهل الأزمة ومما قد يؤثر سلبًا على النساء، وبالرغم من كل المعاناة و العنف فهن يظهرن قدرتهن العاليـة على الصُمود لكن دعمهن وحمايتهن يعد أمر ضروري، ويبقى  السؤال الحقيقي من يتحمل مسؤولية  جرائم الحرب والعنف الموجهة ضد النساء وحمايتهن في ظل استمرار الحركة الإسلامية في ارتكاب انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان ضد النساء اللاّتي تعرضن لـ كافة أنواع الاستغلال وسوء المعاملة والاستهداف المباشر بالمدافع الثقيلة أو الطيران الحربي خاصة مع عدم قدرتهن على النزوح الى مكان أمن مع الأزمة الاقتصادية الحادة وتجاهلت حكومة البرهان الغير شرعية جميع حقوقهن في الاحتياجات الأساسية التي تعد شبه معدومة.

ختاماً إني أرغب في تسليط الضوء على العنف الموجه ضد النساء في حرب السودان تزامنا مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، و أسلط الضوء على الأوضاع “الكارثية” التي تعيشها النساء منذ اندلاع الحرب، وذلك في ظل صمت بعض المتضررات خوفا من الوصم الاجتماعي و صعوبة ايصال نداءات الاستغاثات، و أود ان انفي كل التهم السافرة الموجهة ضد النساء و التي تأتي ضمن سلسلة أعمال العنف و جرائم الحرب الموجهة ضدهن وكل هذه الممارسات تعد محاولة لـ التغطية على الهزائم المتتالية والفشل الذريع لجيش الحركة الإسلامية الذي فقد عقله تماماً وفشل في التعامل مع أزمـة النزاعات الداخلية، وأدين بأشد العبارات كل الانتهاكات والاعتقالات والممارسات وجرائم الحرب الموجهة ضدهن واذكر بضرورة و أهمية التحرك لحماية النساء وضمان سلامتهن، ووضع حد لـ الجرائم والانتهاكات واعمال العنف الموجهة ضدهن والمطالبة بالمسألة والعدالة لهن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى