تقرير: سليمان سري
أكد قائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان خلال خطابه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي
أمس بالعاصمة الإدارية بورتسودان بولاية البحر الأحمر، مدى تأثير الإسلاميين على دوائر صنع القرار داخل الجيش السوداني، كما يرى مراقبون.
ووصف البرهان انعقاد اجتماع لمجلس شورى الحزب المحلول بأنه خطوة “مؤسفة ومرفوضة” ليس لأنها خالفت القوانين، ولكن لكونها تؤسس لانقسام داخل الإسلاميين مما سينعكس على كتيبتهم “البراء” التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني.
وأكد على ذلك بقوله إن قيادة الدولة لن تسمح بأي تحركات سياسية تهدد وحدة البلاد والمقاتلين في الميدان.
لكنه عاد ودعا إلى تجنب الصراعات السياسية والتفرغ لمساندة الجيش في الحرب، موضحاً أن العمل السياسي والمدني يجب أن يؤجل حتى انتهاء الحرب وهزيمة المتمردين، على حد تعبيره.
ثورة شعبية
وفي هذا السياق قال الصحفي والمحلل السياسي نور الدين عثمان إنَّ حديث قائد الجيش عن رفضه لانعقاد مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني المحلول، ووصفه لتحركات قادته بأنها تحركات سياسية تهدد وحدة البلاد و”المقاتلين في الميدان”، يعد اعترافًا ضمنيًا بأن من يقاتلون في الميدان سيتأثرون بشكل مباشر بأي انقسام يحدث في صفوف الحركة الإسلامية.
وقال عثمان لـ”راديو دبنقا” إن حديث البرهان يؤكد أن كوادر حزب المؤتمر الوطني هم من يديرون المعركة على الأرض، مشيراً إلى أنه لن يطال هؤلاء المقاتلين أي تأثير من أي انقسام محتمل داخل تحالف تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” على سبيل المثال أو أي حزب آخر، باعتبار أن معظم المقاتلين ينتمون إلى الحركة الإسلامية، وهدفهم من الحرب هو استعادة الحكم الذي سقط بثورة شعبية.
وعبر عثمان عن أسفه لتصريحات البرهان بأن قيادة الدولة لن تسمح بأي تحركات سياسية تهدد وحدة البلاد والمقاتلين في الميدان، في إشارة إلى تحركات حزب المؤتمر الوطني المحلول، مشيرا إلى أن هذا الحديث قد يطبق على مجمل العمل السياسي المدني الداخلي، ما قد يحد بشكل كبير من تحركات المدنيين نحو إيقاف الحرب، والضغط على الطرفين للجلوس على طاولة مفاوضات وفقًا لأجندة وطنية تعود بالعسكر إلى ثكناتهم والقيام بواجبات الدفاع والأمن.
وأضاف أن البرهان حاول التظاهر بانحيازه لثورة ديسمبر 2019 إلا أنه لم يستطيع التحلل من قيود الحزب المحلول وسرعان ما انقلب على شركائه المدنيين وألغى الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2024 وأعاد الأوضاع في البلاد إلى ما كانت عليه قبل ثورة ديسمبر.
دهاء ومكر
من جانبه قال الصحفي والمحلل السياسي عمرو شعبان لراديو دبنقا “إنَّ تصريحات البرهان، تكشف حجم الدهاء والمكر الذي يتمتع به هذا الرجل في ظل ما شاهدته كل وسائل الإعلام ونقلته من انعقاد مجلس شورى المؤتمر الوطني والتصريحات التي أعقبت ذلك وتنصيب أحمد هارون كرئيس للحزب المحلول وذلك تحت حماية وعلم الجيش ومشاركة بعضهم”، في إشارة إلى مشاركة بعض المنسوبين إلى الجيش.
وأضاف شعبان أن البرهان بهذه التصريحات يحاول تشتيت التركيز عن الملف الميداني والعملياتي وقصور الجيش بعد عمليات الانفتاح وما وصفه بالصخب والدعاية والإعلام التي لازمتها من دون نتائج ملموسة.
ورأى شعبان أن البرهان أيضًا أراد بتصريحاته أن يوصل رسالة لعناصر الحزب المحلول بأن اختلافاتهم السياسية وانقسامهم لتيارات يقلل من قبضته وسيطرته على مقاليد الحكم في السودان.
وقال إنَّ حديثه عن عدم لجوئه لأي نوع من التفاوض يعكس بوضوح رغبة المؤتمر الوطني والمعادلة المفروضة على السودانيين إما بالقبول بعودتهم إلى السلطة وسيادة الجيش عليهم، أو الاستمرار في المعاناة والنزوح والتشرد الذي يشهده السودانيين.
قدرات الجيش
وشكك في القدرات العسكرية للجيش السوداني، قائلًا إنَّ الجيش السوداني ليست لديه قدرات عسكرية حقيقية برغم ما يتردد من معلومات متداولة في الأعلام عن صفقات وأسلحة جديدة وطيران وطيارين من أوكرانيا وكازاخستان ودول الاتحاد السوفيتي السابق.
وشدد على ان مخاوف البرهان ترجع إلى ما ذهب إليه بأن الجيش لا يمتلك قدرات عسكرية لحسم أي معركة في الميدان، مع تراجع أعداد عناصر الجيش وانغماسه في النشاط الاقتصادي والتربح السياسي، منذ عهد النظام السابق.
وتابع قائلا إن هذه العوامل دفعت الجيش للاعتماد على من يقومون بالتعبئة والحشد من خلال الغرف الإعلامية وما وصفه بغسل أدمغة الجماهير وتسليح المواطنين العزَّل في القرى والمدن لصالح حماية أنفسهم.
وخلص شعبان إلى أن المعادلة القائمة هي أن السودان مفكك الآن ولا تديره أي حكومة مركزية ذات شرعية وأن المؤتمر الوطني يعبث بالشعب السوداني ويحشد لصالح عودته للحكم في السودان ولو على حساب انقسام البلاد وتفتتها.
الخلاف في الغرفة المركزية
واعتبر أن انعكاس الاختلاف على قيادة الغرفة المركزية لإدارة العمليات العسكرية والتعبوية والتحشيدية سينعكس في قلة المنخرطين في القتال إلى جانب الجيش.
وأعرب عن اعتقاده بأن اجتماعات الشورى التي جاءت بأحمد هارون رئيسًا لحزب المؤتمر الوطني ليست متوافقة مع ما يريده البرهان.
وقال إنَّ السيطرة على قيادة الجيش الآن تميل لصالح التيار الذي يدعمه نائب رئيس الجمهورية الأسبق علي عثمان محمد طه، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لم يبرز في المشهد، لكن هنالك من يمثله كوكيل في مواجهة تيار نافع علي نافع مساعد الرئيس الأسبق وآخرين.