ذكرت في مقال الأمس، بأننا احتجنا أمس الأول الجمعة لإنفاق أكثر من ساعة في محاولة لتجاوز عقبة تقاطع صابرين الكؤود بأمدرمان، ولم نستطع تجاوزها، ومن ثم قمنا بعملية التفاف في مساحة دائرية تتجاوز الخمسة كيلومترات لنصل إلى وجهتنا … وكل ذلك لعدم وجود رجل مرور في هذا التقاطع المضني .. فكم فتى بمكة يشبه حمزة، وكم تقاطع سير بخرطوم التقاطعات المضنية يشبه تقاطع صابرين.
* قبلها بيوم أهدرنا أكثر من ساعة لتجاوز عقبة تقاطع شارع الوالي بشرق النيل، وذلك ليس لكثير ازدحام وإنما نتج ذلك لعمليات فوضى مرور في ظل غياب الشرطة البيضاء، فخمس سيارات فقط يمكن أن تحدث فوضى وأزمة مرورية خانقة، عندما يصر كل واحد أن يمر قبل الآخر، في ظل غياب شرطة المرور الجهة المهنية المتخصصة في إدارة هذا الشأن ..
* وكيف رأى الكثيرون أناساً ملكيين يترجلون من سياراتهم ومن تلقاء أنفسهم، ويتطوعون لإدارة المرور في تقاطع ما في ظل غياب رجال المرور، وقد ينجحون في بعض الأحيان، وقد لا يستجيب لهم البعض بحجة أنهم غير معنيين بهذا الأمر.. وليس بإمكانهم كملكيين أن يصرفوا لهم تعليمات!!
وربما يلاحظ سكان ولاية الخرطوم في الفترة الأخيرة التي أعقبت عطلة العيد، كيف أن الطرقات أصبحت لا تطاق، وأن مشيرًا قصيرًا جدًا يمكن أن يستهلك نصف يومك، علمًا بأن هذه الفترة الوجيزة لم تشهد استقدام الألف من السيارات، وأن الطرقات هي الطرقات، وأن القوم هم القوم، وأن عملية تحرك المواطنين هي ذاتها إن لم تتراجع في ظل ارتفاع التذاكر وصعوبة عمليات المرور.. و… و ..
* غبر أن الإجابة ببساطة شديدة أن الذي حدث هو انسحاب رجال المرور من المشهد المروري وتقليص ساعات وأماكن تواجدهم، صحيح أن هنالك مظهراً مرورياً، لكنه لا يغطي الحاجة المرورية من حيث استمرار خدمة المرور واتساعها لتشمل كل الطرقات.. و… و…
* المواطن الآن يعاني من عمليات تفاقم انتشار الذباب والبعوض وتدني خدمة التقنيات وتذبذب خدمة التيار الكهربائي، ثم توج كل ذلك بعمليات ازدحام الطرقات وتكدس السيارات في التقاطعات وسفوح الكباري والممرات، ويتساءل الكثيرون ولا إجابة من جهة مسؤولة عن سر تراجع الخدمات في ظل التغيير والثورات !!
* ربما يتعلل البعض بأن البلاد تعاني من عمليات فراغ حكومي، غير أن الذي تعرفه الجماهير تماماً، هو أن مؤسسات الدولة ما زالت قائمة، وأن هنالك معتمدين وولاة ووحدات إدارية بكامل آلياتهم وصلاحياتهم، كما أن إدارت المرور الولائية والفدرالية قائمة في محراب، سيما بعد أن تجاوزت البلاد حالات الاصطفافات والاعتصامات، وأن أمر المرور على أقل تقدير لا يحتاج إلى حكومة بأكملها!! وليس هذا كل ما هناك