بعد فشل “وقف الحرب”.. كيف علق السودانيون على “الفيتو الروسي”؟

وسط خيبة أمل السودانيين جراء فشل مجلس الأمن في تبني مشروع قرار دولي لوقف الحرب، أكد المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم”، أن “الفيتو الروسي” الذي عطل القرار جاء ضد الإرادة الدولية والضمير الإنساني الحي.

وكان مجلس الأمن الدولي قد فشل يوم الاثنين في اعتماد قرار بشأن يطالب الجيش وقوات الدعم السريع باحترام التزاماتها في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وتنفيذها بشكل كامل، بما في ذلك اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين.

حسرة السودانيين

وقال المتحدث باسم تنسيقية “تقدم” بكري الجاك، لـ”إرم نيوز”، إن “استخدام للفيتو وأن كان مفهومًا في سياق اللعبة الدولية ومحاولة استخدام السودان ككرت للضغط من أجل الحصول على مكاسب فى مكان ما، إلا أن هذا الفيتو جاء ضد الإرادة الدولية والضمير الانساني الحي”.

وأضاف أن “إبطال قرار كان يمكن أن يُبني عليه لخلق آلية لحماية المدنيين يعني أن المدنيين فى السودان الآن عُرضة لأن يكونوا رهينة لأطراف الحرب، والانتهاكات التي يتعرضون لها ستكون وسيلة للكسب السياسي بواسطة أطراف الحرب”.

وأشار إلى أن أطراف الحرب ربما تفهم بأن الفيتو الروسي بمثابة رخصة للاستمرار في الحرب وتوسعة رقعتها دون الاكتراث لما سيحدث للمدنيين ودون الاكتراث لخطر تقسيم البلاد.

واستطرد “فى كل الأحوال روسيا ستواصل بيع الأسلحة للطرفين وستحصل على الذهب من الطرفين وسط حسرة السودانيين وحيرة العالم”.

وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، قال عقب استخدام روسيا حق الفيتو، إن  المدنيين السودانيين عانوا من عنف لا يمكن تصوره خلال الحرب، وإن هذه المعاناة ندبة على الضمير الجماعي.

وأضاف “في وجه هذه الأهوال عملت المملكة المتحدة وسيراليون لجمع مجلس الأمن معًا لمعالجة هذه الأزمة والكارثة الإنسانية لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية والدعوة لوقف إطلاق النار، إلا أن دولة واحدة وقفت في الطريق، بعد أن تحدث المجلس بصوت واحد، دولة واحدة هي المعرقلة وهي عدوة السلام، وأن الفيتو الروسي عار ويظهر للعالم مرة أخرى الوجه الحقيقي لروسيا”.

حماية البرهان

من جهته علق المستشار بقوات الدعم السريع، الباشا طبيق، على فشل مجلس الأمن في تبني القرار الدولي، بقوله إن استخدام روسيا لحق النقض ضد مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا في جلسة مجلس الأمن الدولي والخاص بحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، يفتقر إلى الأخلاق الإنسانية ووصمة عار في جبين النظام الروسي.

وأضاف في تدوينة على منصة “إكس”، أنه “كيف لا وروسيا هي التي قدمت الحماية لأنظمة ديكتاتورية وساهمت في قتل وتشريد شعوبهم، ها هي الآن تكرر نفس السيناريو في السودان وتعطي الضوء الأخضر للبرهان وكتائب البراء الإرهابية، للاستمرار في قصف المدنيين بالطيران الحربي وتدمير منازلهم على رؤوسهم وقصف المستشفيات والجسور والكباري وقتل الأطفال والنساء بالبراميل المتفجرة”.

وأشار إلى أن الموقف الروسي جاء مقابل منحها شواطئ على البحر الأحمر لإنشاء قاعدة عسكرية، لتقديم الحماية لقائد الجيش السوداني عبدالفتاح ، من قرارات مجلس الأمن الدولي ليستمر في قتل وسحق الشعب السوداني، وفق قوله.

وتابع “على الشعوب أن تعلم بأن الدول العظمى تهمها مصالحها فقط ولا تهمها حياة الشعوب”.

ويرى المحلل السياسي، عمار الباقر، أن الفيتو الروسي جاء لمصلحة طرفي الحرب بالسودان؛ لأنه تضمن بنود تقيد تحركاتهما عسكريًا ويمكن أن تعرضهما مستقبلًا لعقوبات دولية.

وقال الباقر لـ”إرم نيوز” إن مشروع القرار حال اعتماده بواسطة مجلس الأمن، سيعجل بوقف الحرب؛ لأنه يفتح الباب أمام تدخل دولي عسكري يجبر الطرفين على وقف إطلاق النار، مبينًا أن روسيا مستفيدة من استمرار الحرب؛ لأنها لا زالت تحصل على ما تريده من الجميع، وفق قوله.

وأضاف أن “مشروع القرار يأتي متسقًا مع أجندة القوى المدنية المطروحة لوقف الحرب بالسودان، والتي تقوم على فك الارتباط بين مجموعة نظام البشير والجيش السوداني، باعتبار أن عناصر النظام السابق ظلوا يعرقلون مبادرات السلام ويختطفون صوت المواطنين، بيد أن إقامة مناطق منزوعة السلاح بحماية دولية تسحب منهم المدنيين الذين يتخذونهم كرهائن لأجل القبول بعودتهم إلى السلطة من خلال أي مبادرة لوقف الحرب”.

مناطق أمنة

وذكر أن روسيا ليس لها مصلحة مع القوى المدنية السودانية، وأن مصلحتها فقط مع القوة العسكرية، مبينًا أن تعطيلها للقرار سيجعلها تستمر في علاقاتها مع الطرفين.

وكانت قوى سودانية، على رأسها تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم”، برئاسة عبدالله حمدوك، طرحت خلال الفترة الماضية فكرة إنشاء مناطق آمنة للمدنيين داخل السودان، تتوقف فيها كل الأعمال العدائية، وتنسحب منها كل القوات العسكرية، ويحظر فيها الطيران والقصف المدفعي واستخدام المسيرات، وتحرسها قوات دولية مستقلة ونزيهة.

ودعت “تقدم” الأطراف المتقاتلة للتجاوب مع هذا المقترح؛ لأن هذه المناطق ستوفر ملاذًا آمنًا للمدنيين، خاصة في المناطق الأكثر تأثرًا بالعنف، وفق منظورها.

وكان مشروع القرار البريطاني الذي عرقلته روسيا، يدعو الأطراف المتحاربة إلى الدخول في حوار، بحسن نية، للاتفاق على فترات هدنة وممرات إنسانية، على أساس مستدام، لضمان المرور الآمن للمدنيين، وايصال المساعدات الإنسانية الكافية، وإصلاح وترميم البنية التحتية الإنسانية الحيوية والخدمات الأساسية.

ويطالب مشروع القرار “الطرفين المتحاربين بوقف الأعمال القتالية فورًا”، مثلما يدعو “طرفي الصراع إلى السماح بوصول الدعم الإنساني وتسهيله بشكل كامل وآمن وسريع ودون عوائق عبر خطوط التماس والحدود إلى داخل السودان، وفي جميع أرجاء البلاد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى