اعتبر خبراء أن تصريحات وزير الخارجية السوداني، التي هدَّد فيها دولة إثيوبيا بالحرب، متهورة، وتفتقر للدبلوماسية والمهنية، مشيرين إلى أنها “قد تزيد من العُزلة الإقليمية والدولية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان”.
وكان وزير الخارجية السوداني، علي يوسف، أثار أزمة دبلوماسية جديدة مع دولة إثيوبيا، بسبب تصريحاته التي هدَّد فيها بالحرب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع السودان ومصر بشأن قضية سد النهضة.
ويأتي تهديد الوزير السوداني بالحرب ضد إثيوبيا، في وقت تمزق فيه الحرب بلاده، بينما يعجز عن حشد الرأي العام الإقليمي والدولي لأجل وقف الصراع، وإنقاذ حياة ملايين السودانيين الذين أصبحوا على حافة المجاعة، وفق مراقبين.
وبعد أن واجه عاصفة من الانتقادات حتى من داخل معسكره، حاول وزير الخارجية السوداني التراجع عن تصريحاته، حيث كتب على منصة “إكس” يمتدح أثيوبيا ويصفها بـ”الجارة الشقيقة للسودان، ويرتبط شعبها مع الشعب السوداني بصلات دم، وثقافة، ومصالح مشتركة”.
وأشار الوزير إلى أن الخيار الأوحد هو الحوار في ضوء ما هو راسخ من مبادئ قانونية، واتفاقيات ملزمة، قائلًا: “إذا غاب الحوار فإن البديل هو مزيد من الاستقطاب والصراع المهدد للاستقرار”.
تصريحات “هوجاء”
ووصف الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أبوعبيدة برغوث، حديث وزير الخارجية السوداني بأنه “تصريحات هوجاء تفتقد للدبلوماسية، وعلاقات حسن الجوار في منطقة ترقد فوق برميل بارود”، وفق قوله.
وقال برغوث لـ”إرم نيوز” إن التصريحات تأتي كنتاج طبيعي لحالة اللادولة التي يعيشيها السودان، مضيفًا أنه “لا توجد حكومة، وإنما مجموعة تسلَّطت على الشعب السوداني، وفرضت نفسها كحكومة أمر واقع، ومن الطبيعي أن تخرج منهم تصريحات هوجاء تفتقد للدبلوماسية، ولا تراعي تعقيدات المنطقة”.
وذكر أن تصريحات الوزير قد تثير أزمة حقيقة بين أديس أبابا وبورتسودان، مشيرًا إلى أن إثيوبيا استدعت بالفعل السفير السوداني وسلّمته رسالة شديدة اللهجة، احتجاجًا على تصريحات الوزير غير المسؤولة، وفق قوله.
وتابع أن “وزير الخارجية الجديد يفتقر للدبلوماسية وللمهنية” معتبرًا أن “الشعب السوداني في غنى عن مثل هذه التصريحات التي تزيد من أزماته، لكنه يحتاج أن ينظر إلى قضايا بلاده بنظرة شمولية يقدم خلالها قضية الوطن ومصالحه، ويتوحد الجميع ضد هذا الخطاب وغيره من خطابات الكراهية والتقسيم”.
عزلة متزايدة
وكانت وزارة الخارجية الإثيوبية استدعت السفير السوداني، في أديس أبابا، وأبلغته عدم رضاها عن حديث الوزير، وأكدت في الوقت نفسه حرصها على العلاقات مع السودان.
من جهته قال المحلل السياسي، عمار الباقر، إنه كان يفترض أن يبدأ وزير الخارجية السوداني عمله بحشد الدعم الدولي لصالح وقف الحرب التي تمزق البلاد، عوضًا عن معاداة الآخرين دون أسباب موضوعية، خاصة دول الجوار التي تؤثر وتتأثر بما يجري في السودان”، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن مثل هذه التصريحات من شأنها أن تزيد من عُزلة حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، عن المحيط الإقليمي والدولي، موضحًا أن هذا النهج يشبه ما كان يتبعه نظام الرئيس السابق المعزول عمر البشير، وفق تقديره.