ترميم!!
صباح محمد الحسن
طيف أول :
الوطن ما هو إلاَّ جسراً تقف على ناصيته كل المشاعر التي تقاوم الإنطفاء!!
وفي منطقة آمنة لعلامات التعجب الحائرة التي تحاكي حيرة هذا الشعب، الذي ظل يتأبط معاناته متعددة الملامح والوجوه بسبب هذه الحرب العبثية، يظل المراقب تلجمه الدهشة أن الأحلام الوردية للبقاء على السلطة هي أهم عند حكامه من إيقاف نزيفه ومداواة جراحه.
المعاناة الإنسانية التي وصلت مرحلة لا تقبل فيها ظروف البلاد قراءة عنوان على صحيفة المشهد السياسي دون وقف هذه الحرب اللعينة، وكل ما يأتي قبل هذا ما هو إلا (تحايل سياسي) لا يصنع فرقاً على خارطة الأحداث.
وأمس الأول أصدر الفريق البرهان رئيس المجلس الانقلابي قرارات بتعيين علي يوسف الشريف وزيراً مكلفا للخارجية، وخالد الأعيسر وزيراً مكلفا للثقافة والإعلام، وعلامات التعجب تزاحم الاستفهام أنه ولماذا حاول البرهان ترميم بيته الآيل للسقوط في هذا التوقيت ولماذا طال الإعفاء وزير الخارجية ووزير الإعلام دون غيرهما من الوزراء.
ففي هذا الظرف الذي تمر بها البلاد من حرب فشل الجيش في حسمها، إن كان الترميم الوزاري الذي حدث أمراً ضرورياً لحلحلة الإخفاقات التي حالت دون الوصول إلى نصر وحسم وإحداث فرق على أرض تشتعل، فكان يجب أن يطول وزير الدفاع او الداخلية.
ولكن قدوم البرهان على هذه الخطوة يعني أن الرجل يهمه فقط مظهره الخارجي كما أن الخطوة تكشف عن ترتيب سياسي خارجي قادم، وأراد فقط البرهان أن يستقبله بإطار وزاري يشعره بوجوده وهي خدعة بصرية ليس لتسويق الحرب وتبرير استمرارها، ولكن استجابة لوضع الخارطة الدولية لنهايتها واستقبال ذلك من البرهان بطريقة تضمن له الوجود على السلطة بشكل مقبول يغطي على كل الإعوجاج الذي تعاني منه الحكومة ولو لفترة مؤقتة.
والخارجية والإعلام هي من الوزارات التي تمثل واجهة الحكومة أي أن القصد الأساسي من هذا التغيير هو شكل الحكومة خارجيا وليس له علاقة بالقضايا الداخلية فوزير الخارجية السابق أخفق في مهمته التي تريدها الحكومة وهي تسويق الحرب خارجياً وفشل في كسب أي تعاطف دولي.
وسبق وتحدثنا أن الفريق البرهان يقوم بمهامه فيما يتعلق بعملية تسويق الانقلاب والحرب وأن وزير الخارجية في لقاءات دولية سقط في مادتي التاريخ والجغرافية دبلوماسياً.
أما وزير الإعلام الجديد ظل يدافع عن الحرب أكثر من وزير الإعلام المعزول.
ولكن ولأن الحكومة لا أساس ولا رأس و حتى (السقف واقع) فيبقى هذا التعيين ما هو إلا قرارات لخدمة البرهان شخصياً وحفظ ماء وجهه في كل مواجهة خارجية، ولا علاقة له بالشأن الداخلي لأن عدم وجود حكومة معترف بها يجعل كل الوزراء في عملية ذهاب وإياب دون أن يتعرف المواطن على أسمائهم ناهيك عن ما يقدمونه من خدمة له، وحكمة الله أن وزراء البرهان اغلبهم لا يعرفهم المواطن إلا بعد الإقالة لذلك حاول البرهان ان يضفي القليل من النجومية على حكومته الباهته، وهذا هو أكثر الأدلة على أن التغيير ليس لعطاء أو عمل أو هدف جوهري.
لذلك لا تتعدى هذه القرارات سوى انها إجراءات خاصة بمكتب البرهان فخالد الاعيسر الآن منصب الجديد هو الناطق الرسمي للفريق عبد الفتاح البرهان فقط، ووزير الخارجية يمكن أن يشغل مساعد الشؤون الخارجية للحكومة.
ولأن الهدف هو تلميع صورة البرهان خارجيا وقع الاختيار على الإعيسر لأنه افضل من يقوم به هذه المهمة فهو صاحب (لسان طويل) وأكثر الذين يصلحون للحديث عن واقع غير موجود!!
وهذا ما يحتاجه البرهان في فترة قادمة تشعره انه يرأس حكومة لها صوت يمكنها أن تحدث فرقعة بلا طحين حتى يتمكن البرهان من الحصول على مظهر خارجي يُمكنه من التقدم بثقة إلى منصات الحل السياسي، وهو ذات الدور الذي يلعبه وزير الخارجية فإن كان يمتلك فقط ناصية الحديث والحضور ويتفوق على سلفه في الخطاب الدبلوماسي فهذا فقط يكفي البرهان، لأن الدبلوماسية والخارجية في عهده قبرها على الصادق ولن تعود من رحلة موتها بتغيير وزير لطالما أن السلطة الانقلابية تسيطر على الحكم فالدبلوماسية تموت تلقائياً تحت مظلة الأنظمة الديكتاتورية.
لذلك ما يحدث ما هو إلا قرارات وخطوات شكلية لا تخدم جوهر القضية لأن لا أحد منهما يستطيع أن يشكل قيمة مضافة، وسيظل إطار لصورة غير موجودة، سيما أنه لا يستند على خبرات ولا مؤهلات وهذا ما يزيد فرص وحظوظ كل شخص ظل يدافع عن هذه الحرب اللعينة وستكون مكافأته على قدر دفاعه.
ومنح الإعيسر لمنصب وزاري قد يمنح الفنانة ندى القلعة وهذه ليست مزحة، فأنا لا أجد معيار للاختيار في هذا التعيين سوى أن خالد كان أكثرهم جرأة ودفاعاً عن الحرب أكثر من غيره، وندى كان لها دور مثله.
لذلك يجب أن لا تصيب الغيرة بعض الزملاء في المهنة الذين يعتقدوا انهم اكثر كفاءة وخبرة منه، لأن هذه ليست هي المعايير الحقيقية للاختيار ولطالما أن البرهان يعين الأقرب منه دفاعاً عنه لا خبرة فإن الإعيسر يستحق هذا المنصب الهلامي بلا منازع.
طيف أخير :
#لا_الحرب
مدير منظومة الصناعات الدفاعية ميرغني إدريس الملاحق بعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية يقوم الآن بتفريق امواله على حسابات متعددة من بينها حساب مذيعة تلفزيونية مشهورة.
الأمر الذي جعلها تعكف هذه الأيام لوضع خطة لإطلاق أضخم قناة فضائية بالخارج بمواصفات عالمية بهذه الأموال السايبة
الأيام القادمة كفيلة بكشف الكثير!!.
وغمضُ العين عن شرّ ضلالٌ *** وغضّ الطرف عن جورٍ غباءُ
الجريدة