طيران الفلول.. جرائم حرب يومية!
عبد الرحمن الكلس
لا ينبغي أن نغفل ثانية واحدة عن الانتهاكات الفظيعة التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي ينفذها طيران الجيش الكيزاني يوماً بعد يوم، وتترك آثاراً فادحة على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة. فمنذ الجمعة الماضية، شرع طيران الكيزان الإرهابي في شن غارات عن طريق إسقاط البراميل المتفجرة على مدينة مليط (شمال دارفور)، مما أسفر عن مقتل (15) مدنياً، بينهم نساء وأطفال، كما أصيب عشرات الأشخاص الآخرين، ودُمرت عشرات المنازل أيضاً.
وفي يوم السبت، غيّر الإرهابيون وجهة طيرانهم إلى (العامرية) غرب أم درمان، حيث كشفت لجان مقاومة أمبدة (غرب الحارات) عن إسقاطه لـ(11) برميلاً متفجراً على منازل ورؤوس المواطنين العزل، ما أسفر عن مقتل (49) شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، وأصيب المئات، فيما دُمر أكثر من (160) منزلاً. وقد تم توثيق هذه المجزرة البشعة، وانتشرت مقاطع الفيديو والصور التي ترتعد لها الفرائص وتعافها النفوس وتحزن لها القلوب، ولا حول ولا قوة إلا بالله من تلك المزع والأشلاء البشرية لمواطنين ومواطنات أبرياء، يُقتلون يومياً بدم بارد.
لجان المقاومة نفسها، دانت (الاثنين) الماضي، ما سمتهما عصابة البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية، اللتين استهدف طيرانهما سوق “كرور” في منطقة أمبدة، غرب أم درمان، حيث لقي عشرات المدنيين الأبرياء حتفهم، وتفحمت أجساد النساء والأطفال في مشهد بدا كمسلخ بشري عظيم.
هذه الغارات الإجرامية ذات الطاقة التدميرية العالية تتواصل يومياً، مستهدفة المواطنين الأبرياء، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان ما ظل يفعله الجيش منذ تأسيسه في حق المدنيين في جنوب السودان وجبال النوبة ودارفور، مروراً بأحداث الجزيرة أبا والكومة ومليط وسنار والحصاحيصا وغيرها.
هذه المجازر البشعة والمذابح العظيمة التي يرتكبها طيران (الحركة الإسلامية)، تعضد وتقوي وتُعزّز ما ذهب إليه د. عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدّم)، في حديثه الأسبوع الماضي في “تشاتام هاوس” بالعاصمة البريطانية لندن، بضرورة حماية المدنيين و”فرض حظر للطيران لتوفير مناطق آمنة داخل السودان”.
لقد أصبحت مسألة حظر الطيران أولوية قصوى لدى المواطنين السودانيين، ولدى الشعوب الحرة التي تساند هؤلاء المدنيين المستهدفين في أرواحهم ومنازلهم وأنشطتهم الاقتصادية البسيطة (رزق اليوم باليوم). ولا بُدّ أن تصطف القوى السياسية والمجتمع المدني خلف هذا المطلب الملح والعاجل، وتشكيل جبهة ضغط متماسكة وقوية لدفع الأمم المتحدة والقوى الدولية العظمى لفرض حظر على طيران الجيش الذي تديره الحركة الإسلامية والمسنود من طيران بعض الدول، ومنعه من التحليق تماماً في سماء البلاد. يعقب ذلك فرض مناطق (ملاذات) آمنة للمواطنين، تكون محصنة من أطراف الحرب وتُدار من قبل المجتمع المحلي والمدني بمساعدة المنظمات الدولية العاملة في الفضاء الإنساني.
هذه الأمور ضرورية وعاجلة من أجل حماية المدنيين، ولا بد من المُضي قُدماً لجعلها واقعاً على الأرض، فلا يمكن أن يرى العالم الحُر كل هذه الانتهاكات والموت وأشلاء ومزع أجساد النساء والأطفال والشيوخ ويقف متفرجاً لا يفعل شيئاً.
إن السماح للكيزان المجرمين في قيادة جيش بامتلاك طيران لهو جريمة لا تُغتفر، لأن هؤلاء ليسوا مؤهلين أخلاقياً لإدارة حرب (شجعان). إنهم رجال بلا قلوب وبلا ضمائر، لا يتورعون في قتل الإنسان حتى لو كان ذلك بسبب نزاع في ملكية (إبرة). إنهم مجرمو العصر، لا مكان لهم بين البشر الأسوياء، وهذا ما سيحدث لهم عاجلاً أم آجلاً، فالله منتقم جبار، وشديد العقاب.