تستحق قوات الدعم السريع “قُدس” أن نرفع لها القبعات تقديراً واحتراماً وهي تتدخل وتنتشر بحاضرة البحر الأحمر مدينة بورتسودان وتفصل تماماً بين الطرفيْن المتنازعيْن، وتحقن الدماء وتنشر الطمأنينة بين أهلنا هناك، هذا مجرد مثال حي على ما يمكن أن يقع من فتن ومصائب في بلادنا، سواء بسبب تصرف فردي “مستصغر الشرر” من أحد المواطنين أو بسبب دعم خبيث من هنا أو هناك لصالح أحد الطرفين، مع عدم التعامل الرسمي السليم والحازم مع “الشرارة الأولى” بما يلزم من متطلبات الإطفاء الاحترافي!
أحداث بورتسودان قد تعيد طرح سؤالٍ مهمٍّ: لماذا هذا البطء والتلكؤ غير المعهود في التعامل مع الأحداث؟ مؤكد أن هناك لجان تحقيق تستقصي في الوقائع والدقائق، لكن ما تلزم الإشارة إليه أن إحساس أي رجل شرطة أو أي نظامي، ضابطاً كان أم رُتب أخرى، بعدم حماية ظهره، وبعدم احترام وتقدير دوره، وبأنه يمكن أن يموت “سمبلة” أو يُصبح مُتهماً وضحيةً وشماعةً، هذا الإحساس إذا ساد، وهذه الروح إذا انتشرت فقد تكون مشكلتنا كبيرة وخطيرة في قضايا الأمن الداخلي وفرض هيبة الدولة وسيادة القانون!
لذلك فإن تدخل قوات الدعم السريع وانتشارها، وبكامل عتادها “المُرْهِب” لهو أمر يجب على كل وطني عاقل الإشادة به وتقديره وتثمينه، وليتهيأ المُناخ للدكتور حمدوك وإخوته في الحكومة الجديدة التعامل الموضوعي الهادئ والواعي مع جذور المشكلة وآثارها بحيث يتم اقتلاع الطالح من تلك الجذور، والتأكيد على قوة ومتانة اللحمة الاجتماعية بكل مكوناتها الإثنية السودانية وتغذيتها بالسياسات الحكيمة والبرامج والحلول والمعالجات المقبولة، ومؤكد أن رموز وشيوخ أهلنا النوبة والبني عامر يعون خطورة ما وقع.
“الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ”، الجوع “كافر” وفقدان الأمن “ضياع تام”! ولذلك فإن أي حكومة، مهما ضمّت من الكفاءات والخبرات، لن تجد القبول والمباركة والرضا ما لم يستشعر الناس سعيها الجاد وتعاملها المسؤول مع قضيتي “المعاش والأمن العام”، ولعلنا قد قرأنا وسمعنا كيف ندم العراقيون و”سفّوا التُراب” على خطوتهم المتسرعة وغير المحسوبة باستهداف الجيش الوطني العراقي وحله وفقدان كفاءاته بدعاوى التطهير والعزل واجتثاث البعث ، لم يُدركوا فداحة ما فعلوا إلا ضُحى الغدِ! والحياة تقوم على الخبرات التراكمية مع الإبداع والابتكار والتجديد.
أخيراً، وربنا “يكضِّب الشينة”، نتمنى ألا تتهور كُلْ أو بعض الحركات الحاملة للسلاح ضد الدولة خلال السنوات والعقود الماضية، وتُقْدِم على أي خطوة من شأنها إشعال نيران الحرب في الأطراف ومناطق النزاع التأريخية، أو زرع وإلهاب أي فتنة بإحدى المدن أو المناطق على شاكلة ما وقع في بورتسودان، ذلك أن “الفينا مكفّينا”. ولنتشمر جميعا ونُقدِّم كل العون والإسناد للدكتور حمدوك وحكومته عسى الله أن يوفقهم لما فيه خير البلاد والعباد.
خارج الإطار: القارئ محمود محمد أحمد نصر: وصلت رسائلك ومرحباً بتواصلك الحميم مع عسل مختوم .
الرقم 0912392489 مخصص لاستقبال رسائلكم