جدلية “المستنفرين”.. مقاتلون على الأرض مواطنون تحت الأرض؟
إبراهيم سليمان
المؤسف في هذه الحرب، التي وصفها من أشعلها بالأمر الواقع الفريق البرهان بأنها عبثية، والتي وصفها خصومه فيما بعد أنها حرب مصيرية، المؤسف أن القاتل والمقتول، هم شباب الشعب السوداني المسلم، المغلوب على أمره، والذي ظلت النخب العسكرية والسياسية تلعب بمصيره، تزج بأبنائه في أتون الحرب، مرات باسم الدين، ومرات باسم التمرد وأخيراً تحت يافطة “الكرامة”، المهدرة بابتذال من قلبهم وليس سواهم، أي مشعلو الحروب.
واحدة من إشكاليات الساحة السياسية زمن الحرب اللعينة هذه، جدلية المفاهيم، التي تسّخر مشعلو الحرب آلاتهم الإعلامية المشروخة، لتسويق غير المنطقية منها. ففي الوقت الذي تستنفر فيه “مهاويس” الحركة الإسلامية، آلاف الشباب والزج بهم للقتال في الصفوف الأمامية للجيش، وفي الوقت الذي يعلن فيه القائد العام للجيش الفريق البرهان على رؤوس الأشهاد، أنه سيسلح أي مواطن مستعد للقتال ضد قوات الدعم السريع، وسرعان يقتل هؤلاء المستنفرين، في المعارك، تنزع الرشاشات من أيديهم، ويحالون إلى مواطنون عزّل، وترتفع وتيرة الإدانات، وتتصاعد وتيرة التحشيد التضليلي!.
ناسين أنه ليس بإمكان أية جهة في الوقت الراهن، مهما أوتي من آلية إعلامية، أن تحتكر الحقيقة، أو أن تفلح في إخفاء والوجه الآخر لأي مشهد، في أية بقعة على الأرض الأرضية.
فالعالم بأسره يعلم من رفض الجلوس للتفاوض لإنهاء الحرب في البلاد، ومن ظل مصراً على عدم السماح بدخول بعثات تقصي الحقائق على الأرض، ومن يعترض على دخول قوات حماية المدنيين للبلاد، فلا تتبعوا أنفسكم أيها الضلاليون. “فالمستَنَفر”، مقاتل وليس مواطناً أعزلا، رغم أسفنا على مقتله.
ebraheemsu@gmail.com