استمرار الحرب والأسئلة الكاوية يا برهان!!!
صلاح جلال
1
الحرب تحتاج لشجاعة الفرسان والسلام يحتاج لكفاءة العقلاء لترجيح الخيارات، بعد عام ونصف خبِرنا فيها الحرب عيان بيان وإفرازاتها أمامنا واضحة لا لبس فيها ولا يمكن الهروب منها أو إغفالها، نزوح ١٢ مليون نسمة، لجؤ ٢.٥ مليون و خارج التعليم ١٩ مليون طفل، ومهدد بالمجاعة ٢٥ مليون نسمة، ٨٠% من المؤسسات الصحية خارج الخدمة، هذا بالإضافة لنزيف الدم إزهاق ما يفوق من ١٠٠ ألف من الأرواح وتدمير ما يقدر بما يزيد عن ١٥٠ مليار دولار من البنيات الأساسية وما زال الحبل على الجرار.
2
في ظل هذه المعطيات يخرج علينا الفريق عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة أمس الثلاثاء في مناسبة عزاء لأحد ضحايا الحرب في تمبول من الضباط العِظام العميد أحمد شاع الدين والجدير بالذكر أن القوات المسلحة قد فقدت الألوف من كبار الضباط كما لم يفقد جيش طبيعي في حرب في التاريخ العسكري!!! ، فقد أكد الفريق البرهان في كلمته على استمرار الحرب والدعوة لمزيد من القتال ودعا المواطنين والقبائل لحمل السلاح، وهو ما ظل يكرره منذ عام ونصف، لابد من وقفة تأمل ومواجهة البرهان بكل الأسئلة الحارقة وتحميله المسئولية لفرضيته التي يتمسك بها وهي استمرار الحرب وهل هي واقعية وقابلة للتحقق؟ وهل هي الخيار الأمثل بين عدة خيارات أخرى منها الحلول التفاوضية، نطرح للرأي العام دعوة للنقاش بلا تهييج أو تخوين وأجوبة كسولة دعوة لاستنهاض العقل النقدي لمعايرة الخيارات الممكنة، تحت شعار الحرب أمر هام وكبير لا يجب أن يترك للجنرالات وحدهم.
3
طرح الأسئلة الصحيحة نصف الإجابة كما يؤكد الكثير من العلماء والباحثين، فإننا تعلمنا كيف نجيب على عجل ونتحدث بكسل نقدي ظاهر وأحلام رغائبية موغلة في السطحية، ولكننا لم نتعلم كيف نسأل بعمق وتأمل!! وهذه أحد عيوب مناهج التعليم عندنا غياب التفكير النقدي Critical Thinking هذا عِلمٌ في حد ذاته أين هذا العِلم من مدارسنا وجامعاتنا؟ أين فنّ السؤال الصحيح لنفرق بين الغث والسمين ولنربط بين المقدمات والنتائج، ونقفل باب الببغائية التي تنقاد بإذنيها خلف مجموعات الجهل النشط في وسائط التواصل الاجتماعي التي أتاحت للحمقى فرص الحديث كيف نهتدي لمعرفة الفرصة والممكن والمستحيل والزمن وتكلفة الخيارات وواقعيتها؟ هذه حاشية نظرية للأسئلة القادمة.
4
الحقيقة الأولى مما لا يحب الكثير من أنصار استمرار الحرب سماعه أن المشهد العسكري الراهن في البلاد يقول بوضوح بتقدم الدعم السريع على القوات المسلحة وحلفائها في كل جبهات القتال على اتساع مساحة 13 ولاية وعدد من الفرق والوحدات العسكرية في العاصمة والحرب تدخل شهرها التاسع عشر حقيقة تكون أساس للانطلاق نحو الاسئلة المطلوبة.
5
الحقيقة الثانية قيادات القوات المسلحة وهي في حالة ضعف وتراجع ترفض التفاوض وتراهن على الزمن وهى تخسر المحيط الإقليمي والدولي باعتبارها الطرف المتعنت الرافض لوقف الحرب، بفرضية تحسين الموقف العسكري باستعادة بعض المناطق مثل سنار أو بحري أو الخرطوم أو الجزيرة أو بعض ولايات دارفور !!!؟؟ .
6
السؤال المركزي الثالث هل بالإمكان تحسين إحداثيات الحرب الراهنة؟ وما هو المدى الزمني المطلوب لهذا التحسين؟ وما هي المطلوبات اللوجستية لهذه العملية وهل بمقدور اقتصاد منهار توفيرها؟ وما هي كلفة تحسين الموقف العسكري على الأحياء والأشياء في البلاد؟
7
السؤال الرابع هل من الأجدى ولمصلحة البلاد قبول الخسائر الراهنة والاعتراف بها؟؟ والدخول في تفاوض جاد لوقف الحرب والقوات المسلحة ما زالت متماسكة ولها هيكل قيادي مسيطر ليصبح الأساس للترتيبات الأمنية وإعادة البناء وفتح الطريق للمستقبل؟ هذه الاسئلة على افتراض أن القوات المسلحة هي صاحبة القرار في الحرب والسلام وغير مختطفة على مستوى قياداتها العليا لصالح مشروع سياسي يتطلع للسلطة بالمغالبة والحرب!
8
السؤال الخامس ما هي مالات استمرار الحرب على تفاقم هشاشة الدولة والقابلية للانزلاق لحرب أهلية شاملة وتشظي البلاد ليست انقسامها كما يقول البعض؟؟؟؟
9
ختامة
“الدرب انشحط” هذه مقولة يطرحها الدليل عندما تنبهم أمامه الطرق وتتوه الخيارات، الحرب ليست لعبة تقوم على الأماني والطموحات غير المحسوبة وطبول المهرجين (بل بس – جغم بس) لتكلفتها الباهظة على الإنسان والبنيات الأساسية وتأثيرها على حاضر ومستقبل الأجيال، وقول رسولنا الكريم ما خُيرت بين أمرين إلا اخترت أيسرهم، هنا الخيار بين الحرب والتفاوض من أجل والسلام، هذه دعوة جادة للنقاش نرجو من المهرجين والمهرجات عدم الاقتراب والتصوير
الما عاقل في ذمة العاقل والعفش داخل الحوار تحت مسئولية صاحبة.
#لاللحرب
#التفاوض_هو_الحل
24 اكتوبر 2024م