عين على الحرب

عين على الحرب

الجميل الفاضل

وحرب شوارع أخري، ستبدأ لا محالة التاريخ شأنه شأن المادة، يتشكل في أطواره المختلفة، بحال، من أحوال المادة الثلاث: “السيولة، أو الغازية، أو الصلابة”.

وهنا أتصور من واقع التقلبات شبه اليومية لهذه الحرب، التي باتت بالفعل مفتوحة علي اسوأ الاحتمالات.

بأن السودان قد أضحي هو اليوم في خضم “تاريخ سائل”، متلاطم الأمواج، قابل لتحويل، أو تعطيل مجري ثورته، أو لتغيير مادة تاريخه، وشكلها ولونها.

فكما يقول “هايدن وايت” أحد أهم المؤرخين في القرن الماضي: “إن التاريخ ليس مادة لفهم الماضي، بل للتحرر منه”.

المهم فإن صنفان هما: بقايا الماضي في الداخل، وخصوم التقدم في الخارج، بدا وكأنهما يحاربان الآن بلا هوادة، عبر هذه الحرب نفسها، آخر معاركهما، لكيلا تصل ثورة ديسمبر المباركة الي غاياتها.

من خلال جهد متكامل ودؤوب، يبذله بتناغم تام، أعداء الثورة بالداخل، مع خصوم تقدمها بالخارج، للحيلولة دون استعادة قواها الحية لدوران عجلة التغيير.

فالصراع على السودان، وحوله، ما زال هو صراع مستمر، ولا زالت بالطبع قصته مفتوحة، منذ اندلاع هذه الثورة المباركة والي يومنا هذا، سواء تحت ظلال سيوف الحرب وهي مشرعة الآن، أو حتى بعد غمدها غدا، المهم فإن إرادة قوي الثورة الحقيقية، ستظل قادرة على أن تعيش حلمها، وأن تجدد وسائله، متي وضعت هذه الحرب أوزارها.

لتبدأ حرب شوارع أخري، لا محالة، ذخيرتها الهتاف، ومدافعها الحناجر.

بيد أن من اسقطهم “غربال” الثورة، على قارعة طريقها الشاق الطويل، ليس لهم من سوء خاتمة في ظني اسوأ من أن يتماهوا مع أوهام أعدائها، أو أن يذوبوا في حبائل مكرهم هكذا، أو كما أري الي الآن على الأقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى