Site icon صحيفة الصيحة

دا انتو عندكو “نِيل” في السّودان يا بيه؟:

بدون زعل

دا انتو عندكو “نِيل” في السّودان يا بيه؟:

مصرُ وحربُ الخامس عشر من أبريل فى السّودان

عبد الحفيظ مريود

مع كلّ التوضيحات التي قدّمها حسن التّرابىّ، كان علي عثمان محمّد طه، يدبّرُ – ليلاً – مع نافع علي نافع، مدير جهاز الأمن، ونائبيه، مطرف صدّيق وقطبي المهدى، محاولة اغتيال الرئيس المصرىّ الأسبق، محمّد حسنى مبارك، في أديس أبابا، حيث تنعقدُ القمّةُ الإفريقيّة، عام 1995م. كانَ الثلاثةُ يأملون أنْ يحدثوا اختراقاً كبيراً في الملف المصرىّ، وإزالة المتاريس التي كانت تضعها مصرُ أمامهم، على الصّعيدين الإقليمىّ والدّولي. ومن الصّعب نسيان السّخرّيات التي كان يطلقُها الرئيس حسنى مبارك على السُّودان.

لكنَّ التوضيب كان ضعيفاً. فشلتِ المحاولة في لحظتها. ذلك أنَّ المخابرات المصريّة كانت قد اخترقتْ تدبير الرّجال الثلاثة. فزعوا، بعدها، إلى شيخهم. ومن ثمَّ علِمَ الرئيس عمر البشير بالأمر. وضعتْ مصرُ يدَها على ملف ثقيل. “جرّتْ جوكر”، وصارت “قافلة” على “غطا عام”. تحرّكتْ إلى مثلث حلايب، واحتلّته. ذهب ضبّاط وأفرادٌ من الشّرطة السّودانيّة شهداء، برصاص الجيش المصرىّ، لم يعُدْ أحدٌ يتذكّرُهم.

شايف كيف؟

هل “حشّرتْ” مصرُ للإنقاذ، والسّودان، لحظتئذٍ، وحتّى تاريخ كتابة هذه السّطور؟

ذلك مؤكّد.

لكنَّ السؤال:

كيف لمصر التي ظلتْ تُعادي السُّودان منذ بدء الخليقة، وتعادي الانقاذ منذ مجيئها وحتّى سقوطها في 11 أبريل 2019م، أنْ تتحوّلَ تحوّلاً دراماتيكيّاً هائلاً، إلى صديق يحتضنُ ذات أعداء الأمس، ويفتحُ لهم أراضيّه، يعينهم في المحافل جميعاً، ويقاتلُ إلى جانبهم في “معركة الكرامة” البائسة؟

فهل في “الكأس شيئاً أنالُه؟ فإنّي أغنّى – منذُ حينٍ  – وتشربُ”؟

وكيف تأتّي للحركة الاسلاميّة، والتي هي حركةٌ “أصوليّة” أنْ تلتمس عوناً من النّظام الذي نكّل بإخوانهم، وانقلب على شرعيّة ديمقراطيّة، جاءت بمحمّد مرسي رئيساً، ليموتَ في السّجن؟ هل تفكّرُ الحركةُ “أصوليّاً”؟ أمْ أنَّ قيادتها المعروفة، قد استنهضتْ حسَّ البوّابين وسارعتْ لأنْ تعودَ أدراجَها، مجرّد قبائل “على استعداد – بشكلٍ دائم – للعمل تحت إمرة أىّ مخدّمٍ لها”، كما وصفها هارولد ماكمايكل، وصفاً دقيقاً، ذات يوم؟

شايف كيف؟

تكمنُ الزّبدةُ في أنَّ مصر بعد ثورة ديسمبر في السّودان لطالما صرّحتْ، السيسىّ شخصيّاً، بأنّها تقف مع الجيش باعتباره من “أعرق وأرسخ الجيوش الإفريقيّة”. وهي إذْ تفعلُ ذلك، تعرفُ أنَّ الثورة ستعملُ على وضع الجيش في موضعه الطبيعىّ. وهو أمرٌ سيعرقلُ استمرار مصر في حلب البقرة المكتنزةِ الضروع. ومع أنَّ د. أماني الطويل أكّدتْ أكثر من مرّة أنَّ الجيش يسيطر على قيادته الإسلاميون، إلّا أنّ مصر لا تجدُ بأساً في ذلك. لأنّها تعرفُ جيّداً أنّها تمسكُ الإسلاميين من حيث لا يستطيعون حراكاً، بعيداً عنها. إلى جانب أنّها باتتْ تعرفُ التحوّلات العميقة التي حدثتْ في جسد الإسلاميين، في أعقاب سيطرةٍ جهويّة على القيادة، من الفئة التي “تعمل تحت إمرة أىّ مخدّم”، وهي طامعةٌ في الاستحواذ على الحكم، مرّةً أخرى، لتنخرَ ما تبقّى من جسد البلاد.

شايف كيف؟

الجيش هو المؤسّسة الأولى الحامية لسيطرة النّخبة السّودانيّة، وليس السودان أو السّودانيين. وبالتّالي، فإنَّ النّخبة ستكون – بشكلٍ طبيعىّ – مصطفة وراءه، في أىّ تهديد لمصالحها. مصر تعرف تكوين وعقلية هذه النّخب. وتعرفُ كيف يسيلُ لعابها إذا ما لُوّحَ لها بالمساعدة في الحفاظ على مكانتها من تهديدات سياسيّة أو أمنيّة، عبر الثورات أو الانقلاب أو الحركات المسلّحة الكاسحة.

حسناً

سأفصّلُ – بالتأكيد – في مسألة دخول الطيران المصرىّ في الحرب، حين وضح للجميع أنَّ جيش سناء حمد، وكتائب الاسلاميين عاجزة عن الدّفاع عن مقرّاتها. فالطائراتُ التي تمَّ إسقاطها منذ بدء الحرب 67 طائرة. فضلاً عن التي دُمّرتْ فيما هي رابضة. سأفصّل في نوعيّة الطائرات التي تضربُ منذ بعض الوقت في دارفور، الجزيرة، كردفان، الخرطوم، مستهدفةً البنية التحتيّة، والمواطنين العزّل. وعن تواشج المصالح بين الإسلاميين، مصر، الجيش لإعادة عقارب السّاعة إلى الوراء، في محاولة هي خارج شروط التأريخ، لاستعادة سودان قديمٍ، تُعَدُّ عودتُه ضرباً من المستحيل.

Exit mobile version