“الإخوان” يناطحون بحربھم صخرة القدر؟!
“الإخوان” يناطحون بحربھم صخرة القدر؟!
الجميل الفاضل
الأقَدَّارُ بطبيعة حالها لا تصنعها الصُدف، إذ هي في الحقيقة أصدق تُرجمان لأقضية مكتوبة وموقوتة، أقضية تظلُ عالقة بلوح الأزل لا تتقدم أجلها الموقوت، ولا تتأخر عن ميقاتها المضروب.
لا يحول بينها والتنزُّل إلى حيِّز الفعل، وعلى أرض الواقع، سوى حجاب واحد، دقيق وسميك، هو “حجاب الوقت”، إذ لكل أجل في النهاية كتاب.
أنظر كيف قال تعالى: “مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ”..
وبطبيعة حالھا تكتب الأقدار ھكذا بمداد الأحبار السرية، التي لن تبدي خطوطها ومنعرجاتها الدقيقة، سوى بسطوع شمس نفاذها.
إذ ان ميكانزمات القدر الداخلية، تدفع على شاكلة ما سيرد، كل مقدور إلى أحضان القدر الذي ينتظره، “تسليما وتسلما”، في موعد لا يتقدم ولا يتأخر، كما يمكن ان يستنبط من قول رب العزة:
“إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم، ۚ ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد، ۙ ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ۗ وإن الله لسميع عليم”.
ثم على قرار لمحة أخرى ذات مغزى مختلف، يقول سبحانه وتعالي: “إذ يريكهم الله في منامك قليلا، ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر، ولكن الله سلم ۗ إنه عليم بذات الصدور”.
ولكي يقضي الله امراً كان مفعولا بالحتم والضرورة، فانه يعرض كذلك نموذجاً ثالثاً، مغايراً ومحفزاً، للمواجهة في ذات الوقت: “وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا، ويقللكم في أعينهم، ليقضي الله أمراً كان مفعولا، وإلى الله ترجع الأمور”.
فكل “مُخْتَالٍ فَخُورٍ”، مِن الذين كَذَّبَوا بآيات هذا النَزعِ الرباني لمُلك الحركة المسماة إسلامية، الذي جرى في الحادي عشر من أبريل سنة (2019).
لكي يشعل أتباعھا الآن فتيل حرب للعودة إلى الحكم من جديد، ولتصبح من ثّم ھي حرب ما نازعوا بھا في الحقيقة سوى “مالك الملك” في مضمار الإتيان والنزع، الذي ھو من شأنه وحده سبحانه وتعالى، بلا شريك وبلا منازع.. مضمار حصري، يؤتي الله فيه الملك لمن يشاء، وينزعه ممن يشاء، متي شاء.
إذاً ھي حرب يناطح بھا “الإخوان المسلمين” على أرض الواقع وإلى يومنا ھذا، صخرة أقدار ونواميس “النزع” الالھي للملك، مُستخفين في ذلك بسنن التغيير الكونية، ومُسفهين لثورة ديسمبر الشعبية المباركة، التي وضع الله سره فيھا، قبل أن يجري سنة النزع علي أذرعھا ويديھا، ثم باتخاذها سبباً مباشراً لعزل “الرئيس البشير” عن سلطانه، ومن بعد بإذنه تعالي ستصبح ھذه الثورة المباركة نفسھا، مدخلاً حقيقياً للتغيير، ولإعادة بناء وتأسيس، دولة السودان علي قواعد وأسس جديدة، وما ذلك على الله بعزيز.