مجزرة الحلفايا

مجزرة الحلفايا

محمد عبد المنعم السليمي (المحامي)

واهم من ظن أو يظن أن الحادثة البشعة والمجزرة الكبيرة التي ارتكبتها كتائب البراء الإسلامية وما يعرف بقوات العمل الخاص في منطقة الحلفايا بقتلهم بدم بارد 120 مواطناً (ويقال إن القتل ما زال متواصلا)، بينهم أطفال صغار داخل المنازل، وفي الساحات والميادين العامة وأمام ناظري المواطنين، واهم من ظن أن هذه الحادثة هي حادثة معزولة أو تصرف من أفراد أو قائد القوة هناك، وأيضا واهم من ظن أن تصوير جثث الأطفال الموتى وبثها عبر الميديا هو تسريب غير مقصود، وظهور الجناة بالصورة والصوت غير ملثمين وغير آبهين لعواقب هذا الفعل الإجرامي البشع.

ما زال الجميع يذكر الجميع فيديوهات سابقة تم بثها لمجموعة من قوات العمل الخاص، وهي تصفي أسرى داخل إحدى المعتقلات بأحد المنازل وآخرين يرتدون زي الجيش ومعهم مدنيون، وهم يقتلون مواطنيين بأحد الشوارع بمدينة أم درمان، إضافة للفيديو الذي صور الحادثة الأبشع وهي قطع رؤوس اثنين من الشباب اليافعين بمدينة الأبيض بشمال كردفان في حضور ضابط برتبة كبيرة يتبع لجهاز الأمن والمخابرات، وظهر بعده فيديو يصور بقر بطون بعض المواطنين وإخراج أحشائهم ولعق دمائهم وغيرها من الفظائع التي ارتكبها منسوبو الجيش والقوات المتعاونة معه.

إن ارتكاب هذه الجرائم وتصويرها، وبثها أمر مقصود، ويتم بتخطيط وتدبير وليس اعتباطا، فالحركة الإسلاموية ومنذ انقلابها المشؤوم في يونيو 1989م عملت علي زرع الفتنة بين مكونات الشعب السوداني، واستخدمت العنف كسياسة لبث الرعب في نفوس المواطنين، فهذا السلوك ليس بغريب علي من افتتح عهده بقتل الطبيب (علي فضل) بدق مسمار علي رأسه ومرورا (ولا نقول ختم عهده؛ لأن عهده لم ينته بعد) بحشر (صيحة) في دبر معلم، وصولا لهذه المجازر البشعة. إن هذه الأفعال يقصد منها في المقام الأول زرع الفتنة بين مكونات الشعب السوداني، وذلك بانتقاء الضحايا بشكل إثني وجهوي الغرض منه أن تكون هناك ردود أفعال من الأطراف الأخرى لتغذية خطاب الكراهية الذي يمهد لقيام صراعات قبيلة وأهلية بين مكونات الشعب السوداني.

وليس ببعيد عن الأذهان استخدامهم لذات النهج في حرب الجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق، وكان النموذج في دارفور بتأليب وتجنيد القبائل العربية لوقف حركة داوود بولاد، ومن بعدها حرب حركات التمرد في دارفور وتسليح الشيخ موسى هلال بحجة وقف ما أسموه بإقامة دولة الزغاوة الكبرى وتدبيج المنشورات الزائفة، ووصفهم بأنهم تشاديون وغير سودانيين وهو ذات السيناريو المستخدم الآن في هذه الحرب مع عكس الأطراف بوصف قوات الدعم السريع بالغزاة الأجانب، وأنهم يريدون إقامة دولة العطاوة وتجميع ما أسموهم بعرب الشتات في السودان.

إن خطاب العنصرية والجهوية والقبلية هو أحد أسلحة الحركة الإسلاموية تستخدمه بمصاحبة آلة إعلامية ضخمة تحشد لها كل الإمكانيات المادية والبشرية وتغليفه بالفتاوى الدينية من علماء السلطان.

لذلك فإننا سنشهد المزيد من هذه المجازر ما لم يتم كنس هذا التنظيم الإخواني الداعشي من المشهد السوداني لا سيما وأن جوهر هذا الفكر هو العنف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى