البيئة اللازمة!!
البيئة اللازمة!!
صباح محمد الحسن
طيف أول :
الوعي وحده من يجعلك تخرج من معارك الفكر سليماً ويحمل لك التفسير الصحيح للمعاني في جوفه والجهل وحده من يجعلك “معاق” ذهنيا تقبل الفكرة كما هي !!
ولم يستطع الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس الإنقلابي أن يخفي ملامح الغضب ولغة الجسد التي عكست عدم ارتياحه من زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي زار العاصمة المؤقتة وتوتر الجنرال عكسته الكاميرات التي لا تكذب.
وتقول المصادر إن الوفد جاء يحمل رسالة أخيرة للقائد تحذره من مغبة النتائج لرفضه المستمر للتفاوض
في اجتماع قدم فيه البرهان أكثر من طلب لكن المجلس تعامل معها بالحجة والمنطق وأعتذر عنها صراحة أولها أن القائد واللجنة الأمنية استغلوا وجود الوفد وطلبوا منه ضرورة إعادة مقعد السودان في الإتحاد الإفريقي إلا أن المجلس أبلغ البرهان أنه من الصعب جداً إعادته في هذا التوقيت وذلك يعود إلى السبب الأساسي لإبعاده وهو الانقلاب الذي تم في 25 اكتوبر وثانيها الأسباب الكارثية التي تمر فيها البلاد من أزمات إنسانية وارتكاب للجرائم ضد الشعب السوداني ثبت فيها تورط الأجهزة الامنية والكتائب التي تقاتل باسم الجيش؛ الكتائب التي منحها الجيش الضوء الأخضر لقتل المواطنين حتى يتحقق النصر.
وبالرغم من أن الوفد قدم رسالته التي جاء لأجلها لكن حاولت الفلول أن تصور الزيارة وكأنها مكسب للحكومة وسوّقت عبر إعلامها بأنها ناقشت ضرورة عودة عضوية السودان في الإتحاد الإفريقي وأعطت انطباعاً صريحاً بأن الوفد قطع وعداً لإعادة العضوية، ولكن تصريحات رئيس الوفد السفير محمد جاد كانت واضحة حيث قال: (إن اللقاء مع البرهان ناقش كيفية وجود البيئة اللازمة لاستعادة عضوية السودان في الإتحاد).
إذن ماهي البيئة اللازمة حتى تتم استعادة مقعده، ولطالما أن السبب الرئيس لتعليق العضوية هو انقلاب البرهان على السلطة، فإن ذلك لا يزول مالم تنتهي الأسباب، ومعلوم أن ذلك لن يتحقق إلا بالتفاوض لجلب السلام أولاً ومن ثم نزع الحكم من قائد الجيش وإعادة السلطة الي حكومة مدنية وإبعاد العسكريين عن السلطة فإن كان الإتحاد سيعيد عضوية السودان فقط لأن البرهان يطلب ذلك،. لأعادها من قبل فالجنرال لم يتوقف ابدا من تقديم ذلك الطلب في أكثر من زيارة خارجية افريقية ودولية، ولكن..
والبرهان في تعليقه على الزيارة قال إنه يرفض توصيف الإتحاد الأفريقي لما حدث في 25 اكتوبر بأنه انقلاب وقال إن هذا يعتبر وصفاً غير دقيق وينافي الحقائق!!
وهنا لا أحد يريد أن يقول للبرهان (إن ما حدث هو انقلاب) حتى يدخل في جدل عقيم الخوض فيه يعد من علامات الغباء
ولكن ذِكر ذلك على لسان البرهان في هذه الزيارة يعني أن الوفد فعلا أكد أن سبب القطيعة والجفاء، بين الإتحاد وحكومة البرهان هو الانقلاب ولطالما أن السبب تم شرحه فالمنطق يقول إن الاسباب لا تزول إلا بزوال المسبب وليس صحيحاً إن الزيارة تمت لأن قيادة المجلس أصبحت مصرية وأن المجلس جاء في زيارة ودية ليفهم مالم يكن يفهمه فكل من تسمح له الظروف بلقاء البرهان (سيفهم مالم يكن يفهمه في الحرب) لطالما أن الميدان هو ميدان حرب لا يدرك اسراره إلا العسكريين لكن هل هذا يغير في النتائج شي!!
كما حاولت الفلول ايضا تزييف الحقائق بأن زيارة الوفد برئاسة جاد توكد أن مصر تترجم مشاعر المواساة والدعم للحكومة، فموقف مصر الحقيقي يبرهنه موقف الحكومة المصرية وليس موقف السفير محمد جاد لأنه (مصري) فهي الآن تتبوأ موقعها في رباعية دول الوساطة لوقف الحرب بالحل السلمي وموقفها تتم قراءته من كتاب الحكومة مباشرة وليس من كتاب رئاسة مجلس السلم والأمن التي لا تتجاوز هذا الشهر وتنتهي بنهاية اكتوبر.
ولكن اكثر ما يستدعي عندك السخرية هو حديث البرهان للمجلس (أن قوى سياسية تريد العودة للسلطة قبل إنهاء تمرد قوات الدعم السريع) في إشارة منه للقوى المدنية ولكن أخشى أن يفهم المجلس حديث البرهان بصورة صحيحة وليست خطأ انه يقصد بهذه القوى فلول النظام البائد فالمجلس يعلم أن الميدان الآن يتم فيه قتل المدنيين وتجويعهم وتعذيبهم بسبب تشبث الفلول والبرهان نفسه بالسلطة، فمن الذي يحكم البلاد الآن ومن الذي يقتل الشعب من أجل أن يحكم !!
ولأن البرهان تهمه السلطة حتى نقاشه مع وفد المجلس لم يستثمره في كيفية التوصل الي صيغة مناسبة لوقف الحرب ونشر السلام لكن طالب بعودة السودان الي عضوية الاتحاد الافريقي، لآنه يعلم أن الخطوة تمنحه القليل من الشرعية الكاذبة، حتى يواصل حكمه وحربه!!
وهذا لن يحدث الآن في ظل هذه الظروف لأنها قطعا ليست هي “البيئة اللازمة” التي يقصدها السفير محمد جاد رئيس مجلس السلم والأمن الأفريقي!!
طيف أخير :
#لا_للحرب
اعتقلت الأجهزة الأمنية بمدينة بورتسودان ممثل هيئة الدفاع عن “تقدم” بعد تقديمه طلباً للاطلاع على يومية التحري.
البلاغ رقم “1613” المقيد ضد الدكتور عبد الله حمدوك وقادة سياسيين خطوة تؤكد أن الحرب في السودان هي ليست ضد التمرد العسكري كما يصفونها، ولكنها سياسية ضد القوى المدنية التي تمردت عليهم عبر ثورة ديسمبر المجيدة.
الجريدة