Site icon صحيفة الصيحة

صراع ثلاثي الحرب في برتوكوز

صراع ثلاثي الحرب في برتوكوز

صفاء الفحل

ما إن تلوح في الأفق بوادر اتفاق بين مجموعة اللجنة الأمنية الانقلابية وقوات الدعم السريع أو يغادر رئيس تلك اللجنة إلى خارج البلاد حتى تسارع مجموعة الفلول وبقايا العهد البائد من الأرزقية مدعومين بمجموعة الحركات الدارفورية إلى التصعيد وإشعال المعارك وتحريك إعلامهم لإيهام البسطاء بأنها معارك النصر والتحرير الأخيرة كما حدث خلال تواجد (البرهان) الأخير بنيويورك لإلقاء كلمة الجيش أمام الأمم المتحدة والتحرك الذي قامت به تلك المجموعة في غيابه بمحور الخرطوم وبعض المناطق الأخرى لقطع الطريق أمامه بالقبول بالتفاوض أو الامتثال للضغوط لوقف الحرب.

هناك عدم ثقة واختلاف واضح في كيفية إدارة المرحلة بين مكونات الحكومة البورتسودانية (الكيزان والحركات والعسكر) فلكل منهم أهدافه في استمرار الحرب والتخوف من نهايتها فالحركات الدارفورية تخشى استلام الدعم للفاشر وتعيين حكومة هناك تكشف ضعف قواتها التي تحارب بجانب الكتائب الكيزانية في ولايات الوسط والخرطوم لتغلق أمامها أحلام استمرار قياداتها في الحكم على حساب أهل الغرب حيث لا سبيل أمامها لتحقيق ذلك إلا بالشعار الذي ترفعه (القضاء على الدعم السريع حتي آخر جندي) أما المجموعة الكيزانية التي ترمي بثقلها في المعارك من خلال كتائبها وبعض الأرزقية فإنها تحلم بالعودة إلى السلطة بعد إنتصار الجيش الذي دعمته بصورة لا محدودة بعد إنقلابه على السلطة المدنية ووقوفها خلفه للقضاء على الحكم المدني والجيش الذي يقف موقف المشجع والداعم لهما من خلال مدهم بالسلاح والدعم السياسي والوعود بمشاركتهم في السلطة الديكتاتورية القادمة في سبيل تثبيت أقدام إنقلابه دون التفكير في ما يمكن أن يؤول إليه حال الوطن والمواطن مستقبلاً.

الحركات الدارفورية تعلم غدر الكيزان الذين تعمل إلى جانبهم اليوم ليساهموا معها في القضاء على الدعم السريع وتعلم في ذات الوقت بأنهم ينتظرون انتهاء الحرب للانقلاب عليها بعد إضعافها. يعملون بصورة (ذكية) من خلال إعلامها على تغذية كراهية الشعب لهم وتدرك استحالة عودتهم إلى السلطة مرة أخرى في ظل تلك الكراهية التي تم غرسها في عقل كل سوداني وبالتالي فهي تتجاهل تلك النوايا على اعتبار أنهم لن يصلوا إلى غايتهم حتى بعد انتهاء الحرب لتخلوا لهم ساحة الانفراد بالمجموعة الانقلابية التي ستظل تتمسك بهم كسند سياسي.

أما المجموعة الانقلابية التي لا سند سياسي أو شعبي أو عسكري لها فإنها مجبورة على التمسك بهم خلال هذه المرحلة حتى لا تجد نفسها وحيدة تصارع العالم بأجمعه ونيران ثورة ديسمبر المشتعلة حتى الآن، وتستغل ذلك الصراع الخفي بين شركاءها وتلك النوايا الخبيثة المؤجلة لصالح استمرارها في الحكم وتنتظر في خبث أيضاً انتهاء الحرب وبينما تعمل في نفس الوقت على القضاء على الحراك المدني الديمقراطي للانفراد بالحكم على طريقة نظام دكتاتوري قمعي كسائر الحكومات العسكرية الديكتاتورية السابقة.

والشريكان (الحركات والكيزان) تجمعهما أيضاً مخاوف غدر البرهان وتخلي العسكر منهما معاً إذا ما لاحت له فرصة إمكانية الاستمرار في الحكم حتى ولو من باب الشريك للهروب من المحاسبة أولاً وإعادة هيبة القوات المسلحة التي تبعثرت بين الشريكين لذلك فإنهما يدفعانه إلى الاستمرار في الحرب ويحاولان أبعاده عن كافة فرص السلام التي تلوح أحياناً، الأمر الذي يجعل لا نهاية لهذه الحرب إلا بإزاحة هذا الثلاثي نهائياً من الساحة ويبدو أن هذه القناعة التي وصلت إليها قيادات الدعم السريع وإعلانها عدم الدخول في مفاوضات سلام مجدداً وهو إعلان خطير سيزيد من أوار الحرب في الفترة المقبلة، إلا إذا ما حدثت متغيرات في هذه المعادلة الصعبة.

وثورتنا ستظل مستمرة في كافة الأحوال ..

ولن نتراجع عن القصاص لكل ما أهدر من دم هذا الشعب الصابر ..

والرحمة والخلود لشهداء الثورة..

الجريدة

Exit mobile version