السودان تزايد الضغوط الدولية والبحث عن منابر جديدة للتسويف

السودان تزايد الضغوط الدولية والبحث عن منابر جديدة للتسويف

صلاح جلال

(1)

وضع الفريق البرهان نفسه ومن خلفه حزب القوات المسلحة الرافض لوقف الحرب وشركاءه من المليشيات الجهوية والمتطرفة في مأزق برفضهم المشاركة في منبر سويسرا.

وإعلان تحدى أكبر تكتل دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية الذى انتهى لتكوين التحالف الدولي لإنقاذ الأرواح Alps* كمنبر جامع ضم عدد من الدول الفاعلة بالإضافة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، لتحسين تصميمه وتطويره انعقدت ورشة شاركت في أعمالها القوى الديمقراطية في نيروبي بتاريخ 11 سبتمبر اقترحت إضافة بقية دول الجوار والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا له، ولزيادة كفاءته العمل على صياغة إعلان مبادئ بموجهات استراتيجية واضحة تحكم مسار مفاوضاته، ويُحمد لتحالف Alps استمرار التشاور الأسبوعي بين مكوناته تحت إشراف مبعوث الرئيس الأمريكي توم بيريلو الذى أصابه رفض الفريق البرهان المشاركة في منبر سويسرا بخيبة أمل كبيرة بعد تقديمه تنازلات سخية للقوات المسلحة قبل بدء التفاوض، فقامت بمكافأته عليها برفض المشاركة في المنبر وتقصير قامته الدبلوماسية.

(2)

بعد أن انفض منبر سويسرا رسمياً معلناً اخفاقه في تحقيق وقف إطلاق النار مع إنجاز محدود  في توصيل الإغاثة للمحتاجين من خلال فتح مِعبر أدرى على الحدود التشادية واقتراح فتح معابر حدودية أخرى وبعض مطارات البلاد وهو ما لم يحدث إلى الآن، وكانت ورشة القوى الديمقراطية في نيروبي قد أكدت عدم وجود فرصة ذات كفاءة وفاعلية لإغاثة المحتاجين ومواجهة خطر المجاعة الذى يهدد 25 مليون نسمة من دون  تحقيق هدنة إنسانية طويلة لوقف إطلاق النار، هناك نشاط متسارع ومتصاعد عبر حزمة من الضغوط السياسية والدبلوماسية والإجرائية لحمل الطرف المتعنت لطاولة التفاوض، منها مقترحات لجنة تقصى الحقائق التي شكلتها مفوضية حقوق الإنسان العام الماضي والتي اقترح تقريرها عدد من المبادئ منها عدم الإفلات من العقاب وضرورة المحاسبة على جميع انتهاكات الحرب من طرفيها وكما اقترحت تشكيل قوة عسكرية للتدخل لحماية المدنيين.

(3)

وجدت هذه المقترحات تأييد ودعم وطني وإقليمي ودولي واسع وسيتم التصويت في 11 اكتوبر على التقرير مع اقتراح تمديد أجل البعثة لعام آخر وسترفع البعثة تقريرها في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة التي يتوقع أن تحوله لمجلس الأمن الدولي.

كما أصدرت منظمة هيومن رايتس وتش تقرير شامل عن انتهاكات الحرب في السودان وأعلنت دعمها لتشكيل قوة عسكرية لحماية المدنيين، وقد عقد مجلس اللوردات البريطاني جلسة استماع طارئة دعت لوقف الحرب في السودان ومواجهة المجاعة والانتهاكات وقطع الطريق على تفاقم هشاشة الدولة.

(4)

كما أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن في 16 سبتمبر بيان من البيت الأبيض يحذر فيه من مخاطر استمرار الحرب في السودان على حياة المدنيين ودعم ذلك بتصريح من وزير خارجيته أنتوني بيلنكن وممثلة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن الدولي مسز قرينفيلد أكدا فيه أن الولايات المتحدة ستفرض مزيد من العقوبات على كل المعوقين لجهود السلام ووقف الحرب وأكدوا أن الولايات المتحدة ستعقد اجتماع موسع على هامش اجتماعات الجمعية العامة لوزراء خارجية عدد من دول العالم لممارسة مزيد من الضغوط لوقف الحرب في السودان، وكان من المقرر زيارة الدكتور عبد الله حمدوك رئيس تنسيقية [تقدم] للولايات المتحدة الأمريكية بداية هذا الاسبوع وتم إعداد برنامج مكثف للاجتماع بعدد من المشرعين في المجلسين وتنفيذيين في الإدارة والبيت الأبيض وعلى هامش الجمعية العامة وعدد من مراكز البحوث الهامة وقيادات الصندوق والبنك الدوليين، تم تأجيل الزيارة في اللحظات الأخيرة لإصابة دكتور حمدوك والسفير مانيس بفيروس كورونا وخضوعهما لبروتوكولات الحجز المتبعة، وسيتم إعادة جدولة الزيارة قريباً وهم الآن بخير تواصلت معهم صباح اليوم.

(5)

في ظل أوضاع معيشية قاسية يواجهها المواطنون في الداخل نتيجة للحرب والسيول والفيضانات وبوادر تذمر شعبي في معظم أنحاء البلاد من عدم الأمان ونقص الطعام والدواء والتزامن مع الضغوط الدولية المذكورة بدأت القيادة العسكرية في بورتسودان المناورة لكسر الطوق وتخفيف الحصار بالتوجه الدبلوماسي نحو الصين وروسيا وإيران في زيارات على مستوى عالٍ منها بقيادة الفريق البرهان واخرى من وزير الخارجية.

(6)

وعلى المستوى الإقليمي بدأ الحديث عن استعادة منبر جدة، وزيارة الفريق البرهان لجوبا وإعطاء الضوء الأخضر للرئيس سلفا كير لطرح مبادرة إقليمية تحت قيادته، وعلى الصعيد الوطني بدأت تتدفق الإشارات الموجبة والرسائل الإلكترونية لعدة جهات لتشجيع طرح مبادرة وطنية لوقف الحرب، كل هذه المناورات القصد منها فك الحصار والسعي لتفتيت تأسيس تكتل دولي للراغبين لمواجهة تحدى وقف الحرب وضرورة حماية المدنيين وتعطيل مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي من اتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة المتعنتين والمعطلين لمنبر سويسرا لتحقيق السلام.

يجب عدم منح مجموعة بورتسودان الفرصة للمناورة وتشتيت الجهود الإقليمية والدولية بمثل هذه الخدع البهلوانية للهروب من استحقاقات السلام ووقف الحرب فوراً.

(7)

 ختامة

بخصوص الحديث العاطفي عن ضرورة الدفع بمبادرة وطنية لوقف الحرب، هذه الحرب وصلت لمستوى من التعقيد وعدم الثقة بين طرفيها للحد الذى يؤكد أن الجهد الوطني المنفرد لن يتمكن من وقفها، وسيكون أداة لتشتيت الجهود وتعطيل المساعي الإقليمية والدولية لوقف الحرب، ولن تقف هذه الحرب دون تدخل قوات حفظ سلام دولية لمراقبة أي وقف لإطلاق النار ولتقديم ضمانات ذات مصداقية لطرفي القتال، والمساعدة في الترتيبات الأمنية والوقف الدائم للعدائيات، الضغط الوطني مطلوب في مجال عزل خطاب الحرب والكراهية والإعلان الشعبي عن رفضها والمطالبة بوقفها فوراً، والعمل على تكوين كتلة حرجة تستعيد العملية السياسية المدنية لإكمال الانتقال الديمقراطي، بدون هذا الوضوح الحديث عن مبادرة وطنية لوقف الحرب تندرج في إطار دعم المماطلة والتسويف وتعطيل المجهودات الجادة وتخفيف الضغوط المتصاعدة الحالية يجب علينا الانتباه والحذر لذلك.

#لا_للحرب

#نعم_لضمان_حماية_المدنيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى