إلتقاط !!
رسالة أمريكا في فحواها الخفي تريد أن تقول: إنها ستتخذ خطوات مباشرة نحو السودان لطالما قدمت كل ما يمكنها تقديمه وأتاحت الفرص للتحاور عبر عدة منابر آخرها جنيف وهذا طلب مباشر للمباركة الدولية للخطوات القادمة
إلتقاط !!
صباح محمد الحسن
طيف أول:
قف عند ناصية القرار فالجواب قد جمع أشلاء الوطن وأعرض عن الانتظار، والحزن ذرف دمعه على آكلي طعام الحيوان، وبين حلمك وحلمهم، مأساة وموت وجوع ونزوح وأشياء مشبعة بالإحساس والصمت المذبوح!!
وما بين السطور في رسالة بايدن الذي قال: إن الشعب السوداني منذ 17 شهراً يعيش حرباً فارغة من المعنى إنبثقت عنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. وإن هذا النزاع الدائر تسبب بنزوح حوالي عشرة ملايين شخص، وتعرضت خلاله النساء والفتيات لعمليات الخطف والاعتداء الجنسي. وانتشرت المجاعة في دارفور وتهدد الملايين في سائر أنحاء البلاد، وحمل الانتهاكات لطرفي الصراع.
والقارئ ما بين السطور يرى أن بايدن أراد أن يرسل رسالة واضحة للعالم وليس لقيادتي الجيش والدعم السريع، بتوضيح ثلاثة نقاط مهمة
أولها أن المأساة أصبحت كارثية للحد الذي لا يحتمل وذلك بذكره لكل الجرائم المرتكبة وما ترتب عليها من عنف ونزوح واعتداء جنسي وجوع
ثانيها: ليؤكد أن امريكا لم تقف متفرجة على ما يحدث في السودان وتباهى بما قدمته من دعم للشعب السوداني بقوله: نحن أكبر جهة مانحة للشعب السوداني في العالم، إذ مولت امريكا أكثر من 1,6 مليار دولار من المساعدات الطارئة في العامين الماضيين.
الرسالة الثالثة: أكد من خلالها أن امريكا جادة في محاسبة الطرفين بدليل أنها فرضت عقوبات مشددة على قيادات الصراع من قبل وزارة الخزانة التي سنت عقوبات على 16 كيانا وفردا لمساهمتهم في الصراع ومفاقمة انعدام الاستقرار أو ارتكاب انتهاكات مهمة ذات صلة بحقوق الإنسان).
ولكن ماهي الرسالة الرابعة التي اراد ان يؤكدها بايدن ولم يقلها في بيانه أن امريكا لن تقف متفرجة لطالما انها وعدت الشعب السوداني بتحقيق السلام والعدالة والتي تحمل في فحواها الخفي انها ستتخذ خطوات مباشرة نحو السودان لطالما قدمت كل مايمكنها تقديمه حتى أنها أتاحت الفرص للتحاور عبر جنيف وهذا طلب مباشر للمباركة الدولية للخطوات القادمة.
فما يريد ايصاله بايدن أن امريكا لن تقف على ما سبق ولديها ما بعده وهو أمر في غاية الأهمية بدليل أنه وصل الي آذان البرهان مباشرة فالجنرال التقط ما اراد قوله بايدن ورد عليه فوراً بقوله: (نحن على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين، سعيا للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة شعبنا ويضع السودان على طريق الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة) حديث جاء بلغة دبلوماسية تخطت الحرب إلى ما بعدها بضرورة تحقيق التحول الديمقراطي!! ولأول مرة يرد البرهان التحية بأفضل منها وهذه العبارات تحديدا استخدمها لتصل الي الرئيس الإمريكي حتى لا يعجل بالانتقال إلى الخطة (ب) وتغيير طريقته من دولة مانحة إلى مانعة للعطاء تهش وتلوح بعصا العقوبات.
ولأن البرهان يعلم أنه قدم التزامات ووعود كثيرة ولا ثقة للإدارة الأمريكية فيما يقول لم يكتف بالتزامه وعززه بقوله: أتطلع إلى تعميق المناقشات مع المسؤولين الأميركيين خلال مشاركتي المقبلة في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل).
وهنا يطالب البرهان بايدن بالانتظار إلى لقاء قريب
ويضيف بقطع آخر (إن الحكومة السودانية منفتحة أمام كافة الجهود البناءة الرامية إلى إنهاء الحرب المدمرة) دون الإشارة إلى ضرورة مواصلة الحسم.
وبهذا يؤكد البرهان أن زيارته لجوبا كانت لمناقشة خطوات قادمة ستتخذها امريكا إلا أن خطاب بايدن أكد له أن نيتها لتنفيذه قد تكون عاجلة، لذلك اختار ان يرد عليه مباشرة.
الجريدة