اتهامات!!

اتهامات!!

صباح محمد الحسن

 طيف أول:

حالة ترددهم ما بين الغموض والحيرة تقلّب الهواجس، كلما عادت الأمنيات مكسورة ولا شيء يحكم قبضته على عنق الحقيقة!!

وينتقل وزير المالية جبريل إبراهيم من المكاتب المغلقة لإدارة النهب والمصالح كواحد من أهم الشخصيات التي استثمرت في زمن الحرب وحققت مصالحها على حساب أزمات المواطنين ومعاناتهم، ليخرج إلى منازل الحرب ومقاماتها في التنافس على استخدام الخطاب العسكري بعيداً عن لغة المال والأعمال.

ويبدو أن جبريل الذي قلّص له الفريق عبد الفتاح البرهان صلاحياته بأيلولة بنك السودان للجيش، الصدمة التي جعلته يفيق من حبه للمال والسلطة ويشعر فجأة بالحرب ويبحث عن أسباب ودواعي استمرارها، بعد 17 شهراً، ليخرج للعلن ويصعد على هضبة الخطاب العسكري في محاولة لترميم التصدعات على جدار العلاقة العسكرية بينه وقيادات الجيش، فالوزير أطلق بالأمس تصريحاً وجه فيها سهام الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي قال إنها تدعم الدعم السريع.

وبالرغم من أن جبريل رجل المعادلة الحسابية في الاقتصاد التي تحتم عليه أن يكون دقيقاً حتى لا تكون النتائج غير صحيحة ومقنعة، إلا أنه قالها دون أن يقدم الدليل وكشف عن وصول أسلحة أمريكية للدعم السريع عبر الإمارات بموافقة أمريكية، حديث فضفاض لا يستطيع جبريل أن يتقدم به خطوة بالحجة والأدلة والبراهين لكنه نوع من الاستهلاك الخطابي الذي يسعى لصرف الناس عن ما هو أساسي، وأوله ما يقوم به جبريل من عمل دون محاسبة أو رقابة على كل التجاوزات والمخالفات المالية، ولو كان جبريل ناطق باسم الدولة التي تمتلك الأدلة على ما تقول فيمكن أن تقدمها على منصات المنابر الدولية لإدانة امريكا والإمارات ولكن يبدو أن جبريل يعتقد أن مهاجمة الدول واتهامها أشبه بمهاجمة قيادات الحرية والتغيير، متى ما وقف واحد منهم أمام الضوء لابد من ان يكيل الشتم والاتهام لهذه القيادات التي أصبحت العادة وكأنها شرط من شروط الانتماء والطاعة للحكومة الكيزانية.

وأكد جبريل استعدادهم للتفاوض مع الإمارات بشرط أن تعترف بدورها في إشعال الحرب، ولكن لم يحدثنا جبريل عما إذا كان للأمارات رغبة في التفاوض مع الحكومة حتى تضع الحكومة شروطها وان طلبت ذلك اين هو موقع جبريل من مركز القرار حتى يتحدث عن شروط الرفض والقبول!! فالرجل يعلم أن ليس لديه ولا حركته أو الحركات المشاركة في الحرب محلاً للأخذ والعطاء في محافل الحل السياسي السلمي للازمة السودانية بسبب مشاركتهم في الحرب هذا ما يعني أن جبريل يفتي فيما لا يعنيه وليس له به علم.

والغريب أنه وبالرغم من غضبه من الإمارات واتهاماته الصريحة يقول: ( إن العلاقات مع الإمارات لم تُقطع رسميًا، إلا أن بعثتها الدبلوماسية غادرت السودان مؤخرًا).

ودولة إن كانت تمسك بيدها الأدلة حد التصريح المتكرر بالاتهام في الإعلام فكيف لها أن تعجز عن طرد البعثة الدبلوماسية حتى انها هي من اختارت ان تغادر من تلقاء نفسها بعد مدة طويلة من الحرب!!

دولة تخرج حكومتها للسب والشتم للدول وتعجز عن إصدار قرار بقطع العلائق الدبلوماسية معها!!

إذن ماذا يضير هذه الدول من تصريحات هنا وهناك وكأنها أصبحت واحدة مجاراة الموضة السياسية من أجل ترند التصريحات.

وجبريل صعد للمنبر ليتنفس قليلاً بعد أن أدارت له قيادات الجيش ظهرها، فهو يريد أن يقول (أنا هنا) فالرجل الذي حاصره قائد الجيش بجملة تجاوزات في ملفات الضرائب باعتبارها ملفات فساد يشعر بالوحدة السياسية الآن، فلأول مرة يغادر البرهان إلى خارج السودان بوفده المرافق والمعروف دون أن يضم الوفد وزير المالية فبعد الخلافات الأخيرة زار البرهان جوبا دون أن يرافقه جبريل.

أما عسكرياً فالحركات المسلحة يحيط بها الخطر ويهددها الشعور المخيف بالزوال بعدما لازمهما الشعور انها ستتحول إلى ضحية في القريب العاجل، وأصبحت تحارب الآن (بظهر مكشوف) فجبريل حذر أن قواتهم في الفاشر ستتحول قريباً من الدفاع إلى الهجوم، مذكراً عبد الرحيم دقلو بأنه سيواجه مصير من سبقوه إن حاول مهاجمة المدينة، وهو أول تصريح أو تهديد تطلقه حركة جبريل بصفة خاصة دون أن تتحدث باسم الجيش السوداني وهو ما يؤكد أن الحركات المسلحة الآن تواجه قوات الدعم السريع كحركات فقط وليس كطرف عسكري يقاتل في صفوف الجيش ما يعني ميلاد الميدان الثاني للمواجهة وهذا ما يكشف حالة التشظي والانقسامات على الأرض التي تهدد تماسك الخطوط وتشتت الأهداف وتنقل الحرب إلى مربع آخر يجعلها بالقراءات الدولية ما هي إلا صراعات هنا وهناك بين جماعات أو حركات متفلته تتسبب في قتل الملايين ولهذا يجب حسمها بقوة ثالثة أو قرار ثالث لوضع حد لنهاية فوضى الميدان لطالما أن قيادات (طرفي الصراع) معروفة ويمكن التعامل معها مباشرة إن كان ذلك بحضورها أو غيابها!!

الجريدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى