جنوب دارفور.. نهوض الاقتصاد عبر بوابة الزراعة
تقرير: حسن حامد
تشكل الزراعة بشقيها النباتي والحيواني الركيزة الأساسية والأولى للاقتصاد السوداني، إذا وجدت الاهتمام الكافي وطبقت التقانات الحديثة والميكنة الزراعية سيما وأن السودان يمتلك أراضي زراعية شاسعة، وصنف سابقاً من قبل الأمم المتحدة بأنه ضمن ثلاث دول في العالم لتحقيق الأمن الغذائي لما يمتلكه من مقومات.
ولعل حديث رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك حول زيادة الإنتاج ومعالجة الأزمات الاقتصادية بالبلاد وتركيزه على القطاع الزراعي هو الاتجاه الصحيح والسليم للعبور بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة، لأن المورد البشري موجود وبكثرة والأراضي الزراعية أيضاً ولكن الشيء الوحيد المفقود هو الآليات الزراعية الحديثة التي تحول صغار المزارعين إلى أصحاب مشاريع كبيرة عبرها يمكنهم المساهمة وبصورة كبيرة في دعم الخزينة المركزية بالعملات الصحية.
وولاية جنوب دارفور تعد من الولايات المهمة بالنسبة للمركز باعتبار أن حضارتها نيالا تعتبر المدينة الاقتصادية والتجارية المهمة لغرب السودان، كذلك تزخر هذه الولاية بالأراضي الزراعية الواسعة بحوالي (١٨) مليون فدان صالحة الزراعية، وبحسب السلطات المختصة حتى الآن لم تتجاوز الـ(٨) ملايين فدان في مساحاتها التأشيرية للموسم الزراعي في كل عام، رغم من تقليدية النشاط الزراعي بجنوب دارفور واعتماد غالبية المزارعين على الدواب في حراثة الأرض والأيدي العاملة في الكديب، إلا أن هذه الولاية تساهم بـ(٤٥%) من الناتج القومي للفول السوداني بحسب السلطات المختصة، وهذه الولاية أيضاً غنية بثروتها الحيوانية التي تتجاوز الثلاثة عشر مليون رأس والمعادن بمختلف أنواعها.
ومعدلات الأمطار للموسم الزراعي الحالي والاستقرار الأمني الكبير الموجود على الأرض أسهم في عودة أعداد كبيرة للنازحين من المعسكرات إلى قراهم ودخلوا في دورة الإنتاج الزراعي بصورة واسعة تبشر بإنتاجية عالية هذا العام، والزيارة التي قام بها والي ولاية جنوب دارفور المكلف اللواء هاشم خالد محمود برفقة القائمين على أمر وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية إلى مناطق العودة الطوعية وتفقد سير الموسم الزراعي بمناطق جنوب الولاية، كشفت نجاح هذا الموسم رغم وصول بعض المعينات الزراعية من المركز في وقت متأخر، فالمسافة التي قطعها الوالي من نيالا وحتى مشروع دونكي الخير الزراعي والتي تجاوزت الـ(٧٠) كيلو متراً كلها خضراء يكثف فيها المزارعون جهودهم للوصول إلى إنتاجية متوقعة في أجواء يسودها الاستقرار الأمني بحسب حديث عدد من المزارعين للوالي وطوال مشوار هذه الرحلة لم تكن المطالبات بتوفير الأمن مثلما كان يحدث في السنوات الماضية وإنما جاءت معظم مطالب المزارعين بأهمية تطبيق التقانات الحديثة التي أدخلت هذا العام في بعض المزارع النموذجية حتى تعم أرجاء هذه الولاية وتساهم الولاية مع بقية الولايات الأخرى في وضع السودان في موقعه الذي صنفته الأمم المتحدة ضمن ثلاث دول لتحقيق الأمن الغذائي وهي السودان وكندا وأستراليا، وليس ذلك ببعيد، والكل في انتظار حكومة حمدوك لتطبيق ذلك عملياً خلال السنوات المقبلة.
تطمينات كبيرة بعث بها والي ولاية جنوب دارفور اللواء هاشم خالد محمود للمزارعين بأن التدابير الأمنية الموضوعة لتأمين الموسم الزراعي ستظل مستمرة حتى ما بعد الحصاد، وأكد التزامهم للعائدين إلى قراهم بأن الحكومة ستوفر كل متطلبات استقرارهم وجعل بعض قرى العودة الطوعية نموذجية تتكامل فيها كل الخدمات، وقال هاشم إن استقرار الأحوال الأمنية بكافة ربوع الولاية ساهم في زيادة المساحات الزراعية لموسم هذا العام التي تجاوزت الثمانية ملايين فدان منها حوالي اثنين مليون للفول السوداني.
واطمأن هاشم على أوضاع العائدين إلى منطقة دونكي الخير من معسكرات عطاش ودريج والسلام بنيالا، وقال للصحفيين إن الموسم الزراعي يبشر بإنتاجية عالية وإن جنوب دارفور مهيأة لتحقيق كل الرؤى التي طرحها رئيس الوزراء د. عبد الله لتطوير الاقتصاد عبر الزراعة وعودة النازحين لقراهم. وتابع: ” نعد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بأن الإنتاج وزيادة الإنتاجية وعودة النازحين إلى قراهم وتحقيق السلام لكي يستقر الاقتصاد وتزيد الإنتاجية أقول له ما ذكرته الآن متوفر في جنوب دارفور”.
وأضاف أن ولايته تساهم بـ٤٥% من الناتج القومي للفول السوداني. وأثنى هاشم على الدور الذي تقوم به قوة الدعم السريع المتواجدة لتأمين الموسم بتلك المناطق واستجاب لمطالب المزارعين لبقاء تلك القوات حتى فترة الحصاد وعودة البادية في رحلة العودة من من شمال الولاية إلى جنوبها.
وبعث هاشم برسائل لقاطني المعسكرات بأن ظروف النزوح انتفت بالولاية التي تنعم بالأمن والاستقرار ولابد من العودة إلى الديار، وأثنى الوالي على الدور الذي تقوم به الإدارات الأهلية في معالجة بعض الاحتكاكات البسيطة التي تحدث بين المزارعين والرعاة، وأضاف هاشم أن التقانات الحديثة التي أدخلت ساهمت في توفير الوقت والمال لبعض المزارعين وساعدت في اتساع الرقعة المزروعة.
وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بدورها أكدت استعدادها التام لأي طارئ لمكافحة الآفات.
وأضاف مدير عام الوزارة حسين عمر، انه حتى الآن لا توجد مهددات تذكر سوى شكوى مزارع واحد بالمناطق التي وقفوا عليها من آفة أم شرابة ووجهوا الجهات المختصة بالتدخل الفوري لمعالجة الأمر، وقال إن التقانات التي تم إدخالها في مشروع دونكي الخير الزراعي سيسعون لتعميمها على بقية أرجاء الولاية للنهوض بهذا القطاع.
فيما يقول مدير قطاع الزراعة بالولاية محمد شريف إن المساحات المزروعة لهذا الموسم تجاوزت الـ(٨) ملايين فدان منها مليون و٨٠٠ ألف فدان للفول السوداني، وأضاف أن إنتاج الفول بمناطق العودة الطوعية يبشر بإنتاجية عالية، سيما وأن الولاية لها ميزة تفضيلية في هذا المجال وتساهم بخمسة وأربعين بالمئة من الناتج القومي وبالوسائل التقليدية، وزاد: إذا أدخلت الميكنة الزراعية الحديثة ستساهم بصورة كبيرة في دعم الاقتصاد القومي.