الخرطوم: رضا حسن باعو
على الرغم من مضي أيام معدودة على أداء المجلس السيادي وعضويته القسم، إلا أنهم سرعان ما كانوا في وجه العاصفة في ظل تزامن أدائهم القسم مع الكارثة التي لحقت بولاية النيل الأبيض جراء السيول والفيضانات التي ضربت الولاية وخلفت العديد من الخسائر التي تجاوزت مقدرة الولاية وأهلها على تدارك الأزمة ومعالجتها بالصورة التي تعيد الحياة لطبيعتها خاصة في محليتي أم رمته والسلام.
وصبّ عدد من أبناء ولاية النيل الأبيض جام غضبهم على المجلس السيادي وعدم مبادرة أي من أعضائه بالسفر للولاية وتفقد المناطق التي دمرتها السيول والفيضانات، وقالوا إنهم إنشغلوا منذ البداية عن مواطنيهم في الولاية ولم يفكروا حتى الآن في تكوين لجنة أو التعرف على الازمة عن قرب.
وكشف والي ولاية النيل الأبيض اللواء الركن حيدر علي الطريفي في مؤتمر صحافي عقدته شبكة منظمات بحر أبيض أمس السبت بوكالة السودان للأنباء، عن سعيه للقاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وإطلاعه على حقيقة الأوضاع في ولايته، وأضاف: نأمل أن يتم الإسراع في تشكيل حكومة الفترة الانتقالية حتى يتم التواصل مع الوزراء المختصين بغرض معالجة الأزمة، وأشار إلى أنه لن ينتظر إلى حين تشكيل الحكومة وقام بزيارة عدد كبير من المناطق المتضررة عبر جسر جوي سيرته حكومة الولاية بالتعاون مع المنظمات الطوعية العاملة في الولاية وخارجها لإعانة المتضررين في جميع أنحاء الولاية، وأقر بأنه لم يتمكن من الوصول لجميع مناطق الولاية حتى الآن، وبرر ذلك بأن جميع الولاية تضررت من السيول والفيضانات ونوه لصعوبة الوصول لجميع المناطق المتضررة لعدم إمكانية الوصول إليها عبر السيارات، وأوضح أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر الطائرات.
ورسم الطريفي صورة قاتمة للأوضاع في ولايته، وأكد أن الخطر ما زال قائماً، وكشف عن تضرر (36) قرية في محلية السلام و(37) مثلها في محلية أم رمته ضرراً كاملاً.
وأشار إلى انهيار (66) مدرسة أساس و(37) مدرسة ثانوية بجانب محاصرة المياه جميع المدارس بالولاية، وأوضح أن المدارس التي لم تنهار صارت ملاذاً للأسر المتضررة، وكشف عن إنهيار نحو (16) مركزاً صحياً وشفخانة مما ينبئ بكارثة صحية مرتقبة في ظل استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن.
وأعلن الطريفي عن تضرر (211520) فداناً زراعياً خلال الموسم الصيفي، وأشار لتضرر عدد كبير من المشاريع الزراعية التي كانت تعول عليها الولاية في دعم الاقتصاد الوطني بمختلف المنتجات، وأوضح أن المشاريع الزراعية حتى الآن مغمورة بالمياه ولا مجال لزراعتها في الفترة الحالية.
وكشف الطريفي عن وفاة (12) شخصاً، ونفوق حوالي (1073) من الماشية، وأعلن أن عدد القرى التي تضررت بلغ (320) قرية يقطنها حوالي (33) آلاف مواطن، وأوضح أن عدد المنازل التي انهارت بلغ (3321) منزلاً ضرراً كاملاً بجانب (17371) منزلاً انهارت جزئياً وتوقع انهيارها بالكامل في أي وقت.
وجدد الطريفي استغاثته لتوفير الاحتياجات للمواطنين المتضررين من هذه السيول والفيضانات، وكشف عن احتياجاتهم للخيام والنواميس والمشمعات بجانب الأدوية والمبيدات، فضلاً عن كلورة مياه الشرب وتوفير المواد الغذائية للمتضررين وأبدى تخوفاته من فيضان النيل الأبيض وخور أبو حبل في ولاية شمال كردفان، وأشار إلى أن حدوث ذلك سيخلف أضراراً جديدة بولايته.
ودعا الطريفي لنفرة عاجلة لتجهيز القنوات بولايته حتى يتم اللحاق بالموسم الشتوي الذي شارف على بدايته وطالب بالمساهمة في إعادة تأهيل البنيات الزراعية التي دمرت بالإضافة للمطالبة العاجلة بصيانة الطريق القومي الذي صار فعلاً طريق الموت بفعل المياه التي تحاصره في جانبيه وتعرضه للضغط بعد انهيار طريق الصادرات أم درمان بارا.
وكشف عن حاجة ولايته لثلاث طائرات حتى يتم الوصول لجميع المناطق المتضررة من هذه الكارثة التي وصفها بالأسوأ في تاريخ البلاد.
وفي السياق، كشف مفوض العون الإنساني بالإنابة محمد فضل الله سراج الدين عن تضرر (65239) أسرة بمتوسط يبلغ نحو (340000) شخص بـ(14) ولاية من السيول والفيضانات التي شهدتها البلاد، وأشار إلى أن (45%) منها في ولاية النيل الأبيض، وأوضح أن محليتي السلام وأم رمته بولاية النيل الأبيض الأكثر تضرراً، وأعلن عن انهيار عدد كبير من المراحيض، الأمر الذي يعطي مؤشراً سلبياً لصحة البيئة بالولاية.
وأشار سراج الدين للجهود التي بذلتها المفوضية بالتنسيق مع المنظمات الوطنية والأجنبية لتقديم العون للمتضررين في ولاية النيل الأبيض، وكشف عن وصول طائرة كويتية تحمل مساعدات إنسانية سيخصص معظمها للنيل الأبيض، فضلاً عن وصول طائرة مساعدات سعودية ستجد الولاية نصيبها منها بجانب المساعدات التي وصلت من ولايتي شرق وغرب دارفور.
بدوره وصف رئيس شبكة منظمات بحر أبيض الدكتور خليفة شلعي هباني ما لحق بالنيل الأبيض بالكارثة، وأكد أنها الأكبر على تاريخ الولاية، وأشار للدمار الذي لحق بالمرافق التعليمية والصحية والمنازل التي شهدت انهياراً كاملاً، وأوضح أن الكارثة أكبر من التوقعات خاصة في محليتي السلام وأم رمته ودعا الجميع للتعاون والتعاضد من أجل إعانة المتضررين في الولاية، وكشف عن خطتهم بالتنسيق مع المنظمات العاملة وحكومة الولاية للسعي لإعادة الأمور إلى نصابها بعد الضرر الكبير الذي لحق بالمواطنين، وأعلن العمل في مرحلة ما بعد الكارثة من تخطيط للمناطق المتضررة وإعادة بناء المرافق التعليمية والصحية بجميع أنحاء الولاية التي تضررت من السيول والفيضانات.