تحدث الشاعر أزهري محمد علي، عن الواقع الشعري والإجتماعي والسياسي السوداني، وعرج على وضع الساحة الأدبية وقدرة الشعر على الوقوف في وجه الحرب، ودافع محمد علي عن قصيدته الأخيرة (لازم تقيف) التي ووجهت بسيل من الإنتقادات، وعبّر بوضوح في مقابلة مع “التغيير” عن رأيه في الحملات الموجهة ضد ثورة ديسمبر ورأى أن رحيل نجله زرياب مثّل جرحاً غائراً له ولأسرته، فيما أجاب برحابة صدر عن الكثير من النقاط.
*طقس الغربة كيف أثر عليك وعلى الناس عامة اجتماعيا وروحيا واقتصاديا؟
هي ليست حالة غربة عادية، بل هو لجوء، الغربة في ذاكرتنا السودانية هي خيار للبحث عن وضع أفضل، لكن هذه غربة قسرية فرضتها ظروف سياسية وأمنية على كل الشعب، كنا نرفض دعوات الاصدقاء بالخروج إلى الغربة شبابا وفرضت علينا ونحن شيب، الأشجار لا تهاجر كما قال دريد لحام ونحن كالأشجار ونتمنى أن لا نقتلع من جذورنا، أخشى على الأجيال القادمة التي انقطعت بها السبل والعملية التعليمية والعمل و مصادر الدخل وهذا يجعلنا ندعو للسلام وأن تعود لنا الكرامة.
*الغرف الاعلامية المضادة تقول إن ثورة ديسمبر قادت لظرف الحرب الحالي، كيف ترد عليها؟
الغرف المضادة تلتف حول هذا الكلام ولا تقوله صراحة ولكن يستشف من ذلك أنه وأد لشعارات وروح ثوره ديسمبر العظيمة، هم يتمسحون بعبارات حرب الكرامة ضد الدعم والسريع وهي في مظهرها ضد الدعم. وهو دعمهم الذي صنعوه وحولوه لإله عجوة ليعبدوه عند الخشوع ويلتهمونه عند الجوع، لذلك نقول هذه ليست حرب بين طرفين بل طرف واحد تقاطعت مصالحه وانقلب على بعضه وأشعل حرباً تحمل الشعب السوداني وطأتها، الثورة غير قابله للوأد باي حال لأنها ثقافية اجتماعية متجذرة تحمل شعارات العدالة والسلام والحرية ولا احد يستطيع هزمها، دعوتنا لصناع الثورة بان الثورات موجات تعلو وتنخفض والآن الحرب دائرة واصلاً يشعلها المتسلطون بينما الثورات يصنعها الضعفاء لاسترداد حقوقهم.
*أي حرف وأي وتر تراه يمكن أن يخفي ندوب جرح رحيل نجلك العزيز زرياب أزهري والذي لم تقو على إخفائه؟
حقيقة لم أقو، جرح زرياب عميق، لم يكن شخصاً عادياً بل هو حالة وفكره وروح تطوف حولي وحول اسرتي واصدقائي وكل من يعرف قيمه زرياب، رحيله رحيل حسي ووجود، دائم هذه الروح هي عصية على النسيان لأنها ماثلة وحية في الذاكرة والضمير، لا حرف يعبر عن رحيل زرياب رغم ذلك أشعر بحالة من الرضا بان هذا هو أمر الله وارادته، زرياب عمل عمل الخير وصبر على المرض والابتلاء وتعامل مع فكرة الموت بصورة عجيبة، فكل هذه التفاصيل ستظل محفورة في الوجدان، رحمه الله وتقبله.
*إلى أي مدى يتأثر شعر أزهري العامي بالأشعار الفصيحة والمدارس المختلفة؟
الشعر هو الشعر واللغة هي الرافع للشعر سواء كان دارجاً أو فصيحاً، أنا اتجه للعامية لأنها اقرب إلى حياة الناس ويمكنها الوصول بسهولة في التعبير عن قضاياهم واحلامهم لكن بالتأكيد اتعاطى الشعر الفصيح وانتمي له بشكل كبير باعتباره واحداً من روافد الثقافة المهمة، لا يخلو يومي من الرجوع إلى درويش أو مريد البرغوثي او المتنبي أو أي مدرسة شعرية مختلفة لكن عندما أكتب أجد نفسي أقرب للعامية، توحشني مكتبتي واشتاق لها وللحظة انتقاء كتاب يكون زميلك ليحرضك على المعرفة والاستنارة في أيامنا الطيبة التي تركناها لنبحث عن الأمان.
*هل من الممكن أن يتصالح المبدع مع الدعوة للحرب وحالة عسكرة الحياة؟
الحرب ليست اصلاً في الحياة بل استمرارها والسلام هما الأصل، الحروب ضرورة لكن دور المبدع لا يمكن أن يكون الدعوة للحرب والدمار، العسكرة أيضاً ليست اصلاً بل وسيله للحفاظ على السلام والحياة والدولة وهكذا، لا يمكن ان تتحول الوسيلة لغاية، المؤسسة العسكرية في حياه كل الشعوب هي مثلها مثل كل المؤسسات الأخرى مثل الصحية والتعليمية والقطاعات المختلفة، القطاع العسكري له واجباته المختلفة التي تصب في خدمه الشعب والدولة، لكن انتشار السلاح وخطاب الكراهية ومصادرة حق الناس في الحياة الطبيعية لا يستقيم، اذا دعا أي مبدع للحرب والدمار بالتأكيد سيدعو لنهاية الحياة، أعتقد أن آفة البشرية انها تنفق على أدوات الدمار أضعاف ما تنفقه على الحياة، حرب 15 أبريل هذه لو تحول ما انفق فيها على الترسانة العسكرية إلى الزراعة في السودان والسدود والشوارع والمطارات والمدارس والمستشفيات ماذا يضير؟ لكنها الرغبة في الدمار والحرب والاستبداد، عموماً لابد من تجاوز هذا المربع لنعود مثل غيرنا من الدول ونرجع لرشدنا وهذه دعوة للعقلاء من أبناء السودان.