هل ستنشر الأمم المتحدة قوة لحماية المدنيين…؟

ارتفعت وتيرة المطالبات الدولية بوقف الانتهاكات التي ظل يتعرض لها المدنيين في السودان، حيث قالت بعثة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن الجيش وقوات الدعم السريع، وحلفاءهما مارسوا أنماطاً واسعة من الانتهاكات، تضمنت -حسب تقريرها- هجمات مباشرة وعشوائية على المدنيين والمرافق المدنية.

وأوصت البعثة بنشر قوة مستقلة لحماية المدنيين، وتوسيع نطاق حظر الأسلحة القائم في دارفور ليشمل كل السودان، وتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليغطي كامل الأراضي السودانية، مع إنشاء آلية قضائية دولية منفصلة.

وكان مجلس حقوق الإنسان أنشأ في 11 أكتوبر 2023 بعثة مستقلة للتحقيق وتحديد حقائق وأسباب جميع انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك المرتكبة ضد اللاجئين، في سياق النزاع المستمر في السودان، وشملت ولاية البعثة جمع وتحليل أدلة الانتهاكات، وتحديد الأفراد والكيانات المسؤولة عن التجاوزات، إضافة إلى تقديم توصيات بشأن تدابير المساءلة وإنهاء الإفلات من العقاب.

وتقدم البعثة تقريراً شاملاً، يليه حوار تفاعلي يُشارك فيه مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومستشار الأمين العام المعني بمنع الإبادة وممثلو الاتحاد الأفريقي، خلال الدورة الـ57 لمجلس حقوق الإنسان.

وفي ذات السياق المتصل بانتهاكات حقوق الإنسان قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير صدر اليوم 9 سبتمبر 2024م إن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وهي أطراف متحاربة مسؤولة عن جرائم الحرب الواسعة النطاق وغيرها من الفظائع في الصراع الحالي في السودان، وقد حصلت حديثا على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة الصنع.

ووصف التقرير الصراع في السودان بأنه يعد أحد أسوأ الأزمات الإنسانية وحقوق الإنسان في العالم، حيث ترتكب الأطراف المتحاربة فظائع مع الإفلات من العقاب، ومن المرجح أن تستخدم الأسلحة والمعدات المكتسبة حديثا في ارتكاب المزيد من الجرائم.

وطالبت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يجدد ويوسع نطاق حظر الأسلحة والقيود التي يفرضها على منطقة دارفور ليشمل كل السودان وأن يحاسب المنتهكين.

وفي ذات المنحى قال (جان بابتيست غالوبين) كبير الباحثين في مجالي الأزمات والصراعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: (نشر المقاتلون من كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ منتصف عام 2023 صورا ومقاطع فيديو لمجموعات جديدة أجنبية الصنع، مثل الطائرات بدون طيار المسلحة والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات).

وبحسب ما أفاد غالوبين فإنه تم إنتاج المعدات الجديدة على ما يبدو التي حددتها هيومن رايتس ووتش، والتي تشمل طائرات بدون طيار مسلحة، وأجهزة تشويش الطائرات بدون طيار، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وقاذفات الصواريخ متعددة البراميل المثبتة على الشاحنات، وذخائر الهاون، من قبل شركات مسجلة في عدد من الدول الداعمة. وَبالنسبة لغالوبين فإنه لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد كيفية حصول الأطراف المتحاربة على المعدات الجديدة، ولكنها أكدت إنه منذ بدء الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان في أبريل 2023، قتل عدد لا يحصى من المدنيين، وتشرد الملايين داخليا، ويواجه الملايين المجاعة.

وأفاد تقرير هيومن رايتس ووتش بأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تقوم باستخدام هذه الأسلحة والمعدات لمواصلة ارتكاب جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ليس فقط في دارفور، ولكن في جميع أنحاء البلاد.

واكدت هيومن رايتس ووتش إن انتشار الفظائع من جانب الأطراف المتحاربة في السودان يخلق خطرا حقيقيا من أن الأسلحة أو المعدات التي يحوزها الطرفان من المرجح أن تستخدم لإدامة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، مما يضر بالمدنيين، وطالبت مجلس الأمن بتوسيع نطاق حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان للحد من تدفق الأسلحة التي يمكن استخدامها لارتكاب جرائم حرب.

وفي سياق متصل بحرب أبريل التي يشهدها السودان منذ (17) شهر رحبت تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدم) بتوصيات بعثة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وأكدت دعمها لأي تدابير تتعلق بإنهاء النزاع وحماية المدنيين، وقالت تقدم في بيان صادر عنها إنها ترحب بما ورد في تقرير بعثة تقصي الحقائق من رصد موثق للانتهاكات التي ارتكبها طرفا النزاع والقوى المتحاربة معهما.

وطالبت (تقدم) بضرورة محاسبة المنتهكين وإنصاف الضحايا وجبر ضرر ملايين المدنيين العزل الذين استهدفتهم القوى المتحاربة بصورة وحشية، وأكدت التنسيقية دعمها لأي تدابير تقود إلى إنهاء الحرب، وحماية المدنيين، وتوصيل المساعدات الإنسانية، وتحقيق العدالة، وإنصاف الضحايا، ومنع إطالة أمد النزاع، وبالنسبة لتقدم فإن حماية المدنيين وتجنيبهم مزيدًا من المآسي التي يعانون منها لن يتحقق بشكل كامل إلا عبر وقف الحرب وتحقيق سلام عادل ومستدام.

وفي المقابل، أعلنت وزارة الخارجية رفض حكومة السودان لتوصيات بعثة تقصي الحقائق، واعتبرت إعلان التقرير قبل تقديمه لمجلس حقوق الإنسان خطوة سياسية تهدف إلى التأثير على مواقف الدول الأخرى.

وأكدت (تقدم) على ضرورة تمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق ودعم عملها بما يساهم في تطوير جهودها في الفترة المقبلة، مع تعزيز التعاون بين البعثة والقوى المدنية في السودان بما يساعد على توثيق الانتهاكات والتوصية بآليات إنهاء معاناة المدنيين وحمايتهم.

وفي السياق ذاته، رحب حزب المؤتمر السوداني بتوصيات بعثة تقصي الحقائق وتدابير توفير الحماية للمدنيين، وشدد الحزب على أن الطريق الأمثل لحفظ سيادة البلاد، وأمنها وكرامة شعبها هو وقف الحرب بإرادة وطنية، من خلال دخول طرفي النزاع في حوار مباشر والتوافق على آليات تنفيذ ومراقبة وطنية ودولية لإعلان جدة، الموقع في 11 مايو 2023 وأضاف المؤتمر السوداني أن التعجيل بوقف إطلاق النار سيحمي البلاد من الانغماس في مسار العنف والدمار الذي يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية ودفع السودان نحو مخاطر التقسيم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى