قدر ضابط كبير سابق في الجيش السوداني خسائر القوات المسلحة منذ اندلاع الحرب مع الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، بأكثر من 5 آلاف ضابط وجندي قتلوا في مختلف مناطق العمليات ونحو 3 آلاف وقعوا في الأسر، إضافة إلى إنفاق نحو 10 مليارات دولار في المجهود الحربي المباشر وغير المباشر.
وعزا الضابط الخسائر المادية والبشرية الضخمة للجيش وفقدانه نحو 70% من أراضي البلاد لثلاثة أسباب لخصها في ضعف العمل الاستخباراتي وتعدد مراكز القرار داخل الجيش واستراتيجية الدعم السريع الاستنزافية.
ورأى الضابط ان الخسائر قد تكون أكبر بذلك بكثير نظرا لتكتم الدوائر المختصة داخل المؤسسة العسكرية على البيانات المتعلقة بالخسائر اليومية، مشيرا إلى مقتل أكثر من 50 ضابط بمختلف الرتب من الجيش والمجموعات التي تقاتل معه خلال الأيام الثلاثة الماضية في ام درمان والخرطوم والخرطوم بحري والفاشر وسنار.
وأكد الضابط فشل الاستراتيجية العسكرية التي اتبعها الجيش منذ بدء الحرب وتغيرها ثلاث مرات من الهجوم إلى الدفاع إلى استراتيجية القنص والهجمات المباغتة، مشيرا إلى أن فشل استراتيجية الهجوم الجوي المدعومة من دولة مجاورة وتسببها في انتقادات حادة للجيش بسبب الخسائر الكبيرة التي أحدثتها في أوساط المدنيين والبنيات التحتية وعدم قدرتها على إلحاق أضرار كبيرة بقوات الدعم السريع التي استخدمت استراتيجية استنزافية مستفيدة من قدرتها الفائقة على إدارة حرب المدن وتفوقها الاستخباراتي التكتيكي الذي افشل معظم الهجمات الجوية وحدّ من تأثيرها المباشر عليها.
وقال الضابط “عندما اندلعت الحرب كانت الميزة التفوقية الوحيدة التي يمتلكها الجيش هي الطيران الحربي، لكن سرعة قوات الدعم السريع في تحييد قاعدة مروي قبل اندلاع الحرب والتي نقلت إليها معظم الطائرات والأجهزة الجوية قبل الحرب بشهرين، أسهمت في تقليص القدرات الجوية للجيش رغم الدعم الذي وجدته من دولة مجاورة بعد اندلاع الحرب”. وأضاف “لم تستطع الهجمات الجوية من تحقيق سوى أقل من 5% من أهدافها الموجهة نحو الدعم السريع، لكنها أدت في المقابل إلى مقتل 80% من الضحايا المدنيين الذين سقطوا خلال الحرب والذين قدرتهم منظمة جونسايد ووتش بأكثر من 100 الف، كما أحدثت خسائر في البنيات التحتية للبلاد قدرت بعشرات المليارات من الدولارات”.
ونشر ناشطون “الأحد” تسريبات جديدة لمكالمات بين قيادات في الجيش حوت توجيهات ميدانية، وأظهرت تلك المكالمات خللا استخباراتيا واضحا ومشاكل كبيرة في إدارة العمليات الميدانية. ووفقا لناشطين فقد أظهرت تلك التسريبات أزمة كبيرة تتعلق بتعدد مراكز القرار داخل الجيش وسيطرة جناح الإخوان العسكري بقيادة علي كرتي وكتائب البراء وتوجيهاتهم المباشرة لهيئة القيادة الموجودة في منطقة وادي سيدنا العسكرية والتي يشرف عليها ياسر العطا مساعد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان.
وأشارت تلك التسريبات إلى حالات عصيان واسعة في أوساط الضباط خصوصا في منطقتي ام درمان وشندي العسكريتين، وتجاهلهم لأوامر البرهان والقيادة الموجودة في بورتسودان. وأكدت تلك التسريبات سيطرة كتائب البراء بالكامل على عمليات إدارة الهجمات الجوية مما أثار غضبا واسعا في أوساط الضباط المهنيين التابعين للجيش.
وعزت تلك التسريبات السقوط المتلاحق للمدن والمناطق العسكرية منذ أكتوبر الماضي في الجزيرة ودارفور وسنار والنيل الأزرق إلى تركيز قيادة الجيش على حماية ام درمان وولاية نهر النيل.
وأكد ضابط آخر تحدث لـ “الراكوبة” مشترطا عدم الكشف عن اسمه أن أسباب فشل الجانب الاستخباراتي تكمن في سيطرة ضباط موالين لقوات الدعم السريع على مراكز استخباراتية حساسة قبل الحرب إضافة إلى الدمار الهائل الذي تعرضت له وحدات التحكم الاتصالي خلال الأيام الأولى من القتال.
وأشار الضابط إلى ان قوات الدعم السريع استفادت من استراتيجية “الاستنزاف البطيء” التي تستخدمها حاليا في سنار والفاشر واستخدمتها من قبل في مناطق عسكرية داخل الخرطوم مثل المدرعات ومنطقة جبل أولياء العسكرية.