نموذج بهاء الدين “مستر 10%” !
عندما كانت إنتفاضة “رجب – أبريل” تتشكل في رحم الوطن عام 1984م، كنا وقتها طلاباً في خواتيم المرحلة الثانوية نتأهبُ للانتقال للمرحلة الجامعية، كُنّا لا نزال غير ناضجين فكرياً وسياسياً، أذكرُ أننا كنا نهتف ونكتبُ في الجداريات المدرسية ضد السيد بهاء الدين محمد إدريس عليه رحمة الله ورضوانه وغفرانه، بهاء الدين كان مدير مكتب الرئيس ومستشاره الخاص ، كانت المجالس و”الأركان” تتحدث عن أنه مركز الفساد في الدولة وأن أي صفقة لن تمر من غير أن تُدفع له شخصياً “10%” من قيمتها ، ولُقِّب بمستر “10%” !
مرت الأيام كالخيال أحلام، ذهب نميري وذهبت مايو، تم اعتقال بهاء الدين ومحاكمته، استمرت المحكمة لفترة ليست بالقصيرة، راجعت المحكمة ونقّبت واطّلعت، تحرّت وحقّقت واستقصت، ثم أصدرت حكمها النهائي ببراءة الرجل، “صدمتنا” المحكمة بأنه لم يكن يملك من متاع الدنيا شيئاً، لا عقارات، لا سيارات، لا شركات، لا حسابات لا غيرها! الرجل لم يكن فاسداً ولم يثبت للمحكمة أنه نال يوماً “10%” أو حتى “1%” ! كان “فاسداً” فقط في عقولنا ومجالسنا كشباب وطلاب نتلقى المعلومات دون قُدرة على التحقق من صحتها ودقتها .
المشهد يتكرر هذه الأيام ، د. نافع وجدوا بمزرعته “كونتيراً” محشواً بقرابة “80” مليون دولار! أ. علي عثمان اكتشفوا له حسابات دولارية سرية! د. عوض الجاز هو مستر “10%” الجديد! الشاب طارق سر الختم عثروا على مئات جوالات الخيش معبأة بالعملات أسفل منزله ! أضف لذلك الاتهامات الموجهة رسمياً للرئيس السابق المشير البشير، وكذلك ما يدور حول الحسابات والعقارات بدول خارجية ! حتى لا نتهم ولا نُبرّئ أحداً بغير وجه حق، ليتنا نترك الأمر للقضاء، ونتقدم له بكل المعلومات والمستندات والشواهد والشهادات ثم ننتظر أحكامه.
العدالة كُلٌّ لا يتجزأ وهي جوهر الحكم الرشيد ومنفذ النجاح الحقيقي، ولو كان غيرك ظالماً في حُكمٍ مّا أو قرارٍ مّا فلا تجاريه ولا تكن مثله وإلا انتهيتَ إلى ذات مصيره، عملية البناء أو إعادة البناء تحتاج فهماً ووعياً وعزماً، تحتاج رؤية كلية وعملاً جماعياً واستنفاراً وتوظيفاً لكل الجهود، وتحتاج عدم نقض غزل النجاحات والإشراقات التي كسبها الوطن وتوشح بها في عهد البشير أو من سبقه من الحكام، وتحتاج الاستفادة من القدرات والخبرات الوطنية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب والتركيز على إعطاء الفرصة واسعة للشباب وللنساء عسانا ننطلق إلى سماوات النهضة والتطور.
خارج الإطار: رسالة من القارئ صاحب الرقم “0912406413” أشاد فيها بما تناوله “عسل مختوم” من رؤية السفير البروف حسن عابدين فيما يتعلق بأسر الشهداء والجرحى والمصابين والمفقودين، وأن ذلك يُخفّف قليلاً على الأسر ويُشعرهم بتقدير الدولة والمجتمع خاصة وأن السودانيين مشهود لهم بالعفو والتسامي على الجراح .
القارئ البرفيسور عثمان نصر قال إن صفوف الخبز والوقود والنقود وغلاء المعيشة لن تجد طريقها لحلول حقيقية إلا بترك أوهام وشماعات “الدولة العميقة” والاتجاه للعمل الجاد في المشاريع الزراعية والصناعية وتخصيص التمويل اللازم للخريجين والمشروعات التي تناسب قدراتهم وتخصصاتهم العلمية .
عام هجري جديد وعلى عملكم شهيد
الرقم 0912392489 مخصص لاستقبال رسائلكم