من الذي لم يخجله مني أركو مناوي؟!
منعم سليمان
استمتعت الشعوب العربية -أمس- بحلقة جديدة من الكوميديا الفضائحية والمساخر السودانية العابرة للحدود التي ظل يقدمها مؤخراً المسؤولون السودانيون من سياسيين وخبراء استراتيجيين ووزراء ومحللين سياسيين على الفضائيات العربية يقللون خلالها من شأن السودان ويحطون من قدرة ويجعلونه أضحوكة بين الشعوب والدول- ويا ألطاف الله.
كانت حلقة الأمس عبر قناة “الجزيرة مباشر” بطلها “مني أركو مناوي”، أحد كبار المهرجين في التاريخ السياسي والعسكري في السودان، حيث يفتقد هذا الرجل الباهت والمنطفئ تماماً إلى الكاريزما والحضور والقبول؛ بالإضافة إلى نحافة عقله وضعف قدراته السياسية والخطابية ومظهره الرث غير المهندم، فضلاً عن معاناته الشديدة مع اللغة العربية لدرجة أنه لا يفهم الأسئلة المطروحة عليه بطريقة صحيحة، وهذا مفهوم لكونها ليست لغته الأم، حاله حال غالبية أهل السودان، وكاتب هذه السطور منهم، ولكن ما هو غير مفهوم هو؛ رغم انه لم يتعلم أي لغة، لا عربية ولا غيرها، تتيح له التواصل مع الآخرين، سوى لغة أمه التي ولد بها، مع ذلك يصر على تصدّر المشهد، فيخرج على النحو الأراجوزي البيئي الذي رأيناه، ما يؤكد بأن الأمر لا يتعلق فقط باللغة، وإنما يتعلق بالعقل والفكر واللباقة والتهذيب، والحل أن يتوقف فوراً عن الحديث مجدداً للتلفزيونات؛ ذلك أجدى له وأنفع للمشاهدين ولمحاوره نفسه الذي شعر بالتعب والإرهاق وكاد يزرف الدمع أمام المشاهدين.
كذلك حبا الله هذا الرجل صنفاً حصرياً من الغباء لا يتوفر لسواه، سبحانه خير الواهبين، ولا نقول إلا ما يرضيه، ولعل أهم مؤشرات غباؤه وتبلده وضعف قدرته على الاستيعاب والفهم، هو أنه لم يتمكن من الإجابة على سؤال واحد من الأسئلة الكثيرة التي طرحها عليه مُقدّم البرنامج الذي يبدو أنه اكتشف خبله وخفة عقله فصار يتعامل معه كحالة خاصة، حتى انه لم يغضب منه عندما قال له بدون مناسبة (لمرتين) إنك ليس سوداني، أنت مصري، وكأن المذيع أنكر جنسيته وادّعى أنه سوداني، وكأن السودان دولة رفاهية واستقرار سياسي وأمني، وكأنها متقدمة علمياً واقتصادياً وتقنياً، حتى تتسابق شعوب العالم وتتنافس من أجل الحصول على جنسيتها، وكأن شعبها وسكانها لم يهجروها ويطلبوا اللجوء إلى دول العالم كافة، وكأن أكثر من نصف سكانها يعيشون حالة من رغد العيش والرفاهية وليسوا مهددين بالمجاعة وتفشي الأمراض والموت في الحرب التي هو أحد مرتزقتها الكبار، ثم من يتشرف بالانتماء لدولة عنوانها (مناويها)؟!
قال مناوي، إن حميدتي هو من كان يحكم السودان قبل حرب 15 أبريل، وعندما باغته المذيع بالسؤال: وماذا كان يفعل الفريق الجنرال البرهان، رد قائلاً: والله هذا السؤال ده توجهه للبرهان، وهكذا دواليك، ظل يقول الشئ وضده في ردوده على جميع الأسئلة، حتى خيّل لكثيرين أنه ليس في كامل وعيه، حيث بدأ في مظهرٍ مثير للرثاء والسخرية شكلاً وموضوعاً أساء خلاله إلى السياسي السوداني وقدّم أسوأ وأحط نموذج للشخصية السودانية، فقد كان الرجل يتحدث بطريقة غريبة، لم يكن يفهم ما يقوله مستضيفه وكان ذلك يدفعه لتقديم إجابات عن أسئلة أخرى لم تطرح أصلاً، كما يدفعه للتوتر والانخراط في مشاجرات شخصية مع مقدّم البرنامج، فظهر كشخص فاقد للرشد والأهلية، وكم تمنيت وقتها لو أن أسرته أو حركته أو المقربون منه شرعوا في إجراءات لحجرة ومنعه من الظهور في الفضائيات، لأن ذلك صار يتسبب في إهانة الشعب السوداني والإساءة إليه والحط من قدره وخجله بين الأمم، إذ ظل مني اركو مناوي يقدّم السودانيين كشعب من المهابيل والمخابيل فاقدي العقل والحكمة، وهذا أمر ينبغي أن يتوقف، وهو مثال سيئ ونموذج مبتذل للسياسي السوداني، بل مثال للسوداني الأبله غير المتعلم أو المتحضر!
لا أرغب في إيراد نماذج من المقابلة هنا، حتى لا أشيع الجهل بين الناس وأروج لمثل هؤلاء الذين تصدروا حياتنا السياسية والعسكرية في غفلة من الزمن الذي جار علينا جوراً كبيراً وظلمنا ظلماً عظيماً بوضع أمثال: مني أركو مناوي، والتوم هجو والجاكومي، وبقية (الخبراء الاستراتيجيين) من مخلفات الجيش، الذين يتحدثون بلسان الأمة في المنابر والمحافل الإقليمية والدولية، وما حال السودان الراهن إلا انعكاساً لوجود هؤلاء على رأسه.
أبهذا “الخمام” تريد أن تحكم يا برهان؟