تفكيك ونقد مقولة: جيش واحد – شعب واحد
تفكيك ونقد مقولة: جيش واحد – شعب واحد
أحمد محمود
السلطة وفي طبيعتها تصادر حق الآخرين ولديها القابلية أن تتحدث باسمهم سواء كانوا أحياءاً أو أمواتاً، وهذا ما نلحظه عبر مجريات هذه الحرب حيث برز شعار فوقي وهو شعار (جيش واحد – شعب واحد) ليغطي على جرائم سلطة الأمر الواقع والتي لا تملك أية شرعية تخولها لتتحدث عن الشعب وتطرح شعاراً تضليلياً وزائفاً يقول بأن هناك جيش واحد في مقابله شعب واحد يقف خلف هذا الجيش، وهذا الشعار يفتقد الدقة والمضمون ونتيجة للأسباب التالية:
اولاً: الجيش نفسه ليس جيشا واحداً أو موحداً حيث يحارب الجيش بعضه البعض، هذا إذا اعتبرنا أن قوات الدعم السريع هي جزءأ من الجيش، بل هي قد كانت كذلك حيث شكلت قوات الدعم السريع جزءا اصيلا من الجيش واكتسبت كل صفاته من تنظيم وتدريب ورتب وقد كانت تحت رعايته حتى أيام قبل الحرب…. ويقول قادة الجيش عبر مسارات هذه الحرب ان قوات الدعم السريع قوات متمردة ودلالة ذلك ان قوات الدعم السريع قد خرجت عن دائرة الجيش وتمردت عليه في هذه الحرب، وأصبح وحسب منطوق العسكر لدينا جيشان مسلحان يحاربان بعضهما البعض، يضاف إلى ذلك أن الجيش وطوال علاقته (القانونية) الطويلة مع الدعم السريع والتي هندسها النظام السابق فقد قام بانتداب مئات الضباط والقادة النظاميين لتدريب قوات الدعم السريع او الإشراف عليها، والغالبية من هؤلاء لم يعودوا للقوات المسلحة، وهم الذين يقودون ويخططون للمعارك التي تتقدم من خلالها قوات الدعم السريع وهؤلاء يعتبرون خارج الشعار الذي يقول بوحدة الجيش، أي هي قوات منشقة.. علاوة على ذلك فهنالك قيادات ومجموعات كبيرة قد انشقت من الجيش أثناء هذه الحرب وذهبت نحو الدعم السريع، وكان آخرهم العميد الركن عمر حمدان الباشا موسي الدفعة ٣٦، وهؤلاء المنشقون عن الجيش وبشكل متواصل ينسفون فكرة أو شعار جيش واحد التي يتم ترديدها ودون وعي، فخروج مجموعات من الجيش تشير إلى أن هنالك مشكلة حقيقية داخله سببها وبشكل أساسي سيطرة الحركة الإسلامية على قياداته…. يضاف إلى ذلك الاعداد الهاربة من المعارك أو المنسحبة والتي لا تطيع امر قيادتها والتي قد ذهب بعض أفرادها للدول المجاورة.. إذن الجيش بهذا المعني ليس جيشاً واحداً، بل يعتبر جيشاً مخلخلاً يقاتل نفسه ويحدث كل يوم ان يغادره البعض ناهيك عن واقع القيادات الوسطي والجنود الأفراد الذين يعانون ويلات هذه الحرب ويفتقدون أقل مقومات العسكرية اذ يحاربون في ظروف صعبة ومعقدة فهم متململون ورافضون لكل تصرفات القيادات العسكرية الفاسدة لكن الذي يبقيهم هو الواجب العسكري فقط، إذن وبالنتيجة فأن الجيش غير موحد واحيانا يتم اختراقه من قبل قوات الدعم السريع وعبر منسوبيه، ولهذا تمكنت قوات الدعم السريع وعبر هذه المعارك من كشف نقاط ضعفه واقتحامها ..
ثانياً: السلطة التي يقودها البرهان ليست سلطة شرعية، وشرعية السلطة ترتبط بالشعب، وبالتالي لا أحد من الشعب السوداني قد فوض البرهان ليكون رئيساً عليه أو متحدثا باسمه..
ثالثاً: هذه الحرب قد أدت إلى تقسيم الشعب السوداني إلى طرف يدعم الجيش ويمثل هؤلاء الحركة الإسلامية وبعض أعضاء الحركات المسلحة، علاوة على بعض المتساقطين والمنشقين عن احزابهم وبعض (المثقفاتية) التائهين ومعهم بعض القونات وهؤلاء وبالضرورة لا يمثلون الشعب السوداني، كما أًن هنالك اطرافاً تقف خلف الدعم السريع لأسباب قبلية ومناطقية أو كراهية في (الكيزان) وهنا قد بدأ الانقسام والذي لا يشير إلى وحدة الشعب المطروحة في الشعار القائل (جيش واحد – شعب واحد) وهذا نتاج الحرب الدائرة الآن ذات الشعارات التموهية.. أما البقية من الشعب السوداني فهي الغالبية التي ترفض الحرب وهو ما يقودنا إلى النقطة الرابعة والمهمة …
رابعاً: هنالك فيديو في وسائط التواصل الاجتماعي وقد وقفت امرأة نحيلة أرهقتها الحرب أمام البرهان وفي زيارته الأخيرة للشمالية وقالت في وجهه ومتحدثة بصيغة الجمع بأنهم قد تعبوا من الحرب ويجب ايقاف هذه الحرب، وهذه المرأة وفي تلك اللحظة قد تمثل نفسها لكن إذا ما أخضعنا هذا الصوت وعممناه على بقية القطاعات من الشعب السوداني والتي أصبحت مشردة في الداخل وفي دول الجوار جراء هذه الحرب أو نازحة في الداخل، فإن هذا الصوت هو صوت الشعب السوداني الحقيقي والذي قضت على مستقبله هذه الحرب، وهؤلاء المشردون والنازحون تقول الاحصائيات الدولية أنهم بالملايين، علاوة على من هم في مناطق الحرب وتقطعت بهم السبل، كل هؤلاء ليست لديهم أية علاقة بحرب الجيش وغير داعمين لها، وليسوا متوحدين مع الجيش في أية خطوة يخطوها، ولهذا صرخت تلك المرأة في وجه البرهان وقام أهل العبيدية بطرد الوالي وقام أهالي قوز هندي والتي تنتمي اليه المرأة المذكورة سابقاً يهتفون في وجه البرهان لا للحرب، وثار مواطنو كسلا ضد الحرب والأوضاع المتدهورة بسببها، وبهذا المعني لا يوجد شعب لديه صلة مع الجيش في هذه المرحلة والتي يسهم فيها الجيش في تقتيله وضربه بالطائرات وسرقة ممتلكاته احيانا من قبل بعض أفراد الجيش، وتسطوا قيادات الجيش في بورتسودان علي المساعدات المرسلة من بعض الدول الشقيقة للشعب السوداني، إذن كيف يتوحد الشعب السوداني مع جيش ساهم في قتله وتشريده وسرقة موارده ومصادرة حتى الأغذية والأدوية المرسلة له من الخارج، وبهذا المعني فإن الشعب السوداني وفي عمومه يقف ضد هذه الحرب دون ان يكون لي الحق التحدث باسمه، لكن كل الدلائل والمؤشرات تقول بذلك، ولكن قيادات الجيش تري الشعب السوداني عبر أعضاء الحركة الإسلامية والمستنفرين الذين تحركهم هذه الحركة تحت شعارات الكراهية والعنصرية..