قد تصبح ضارة عند تسخينها.. أي زيوت الطعام أفضل للطهي؟
تعتبر زيوت الطعام بمختلف أنواعها مادة رئيسية في العديد من الوجبات الغذائية بمختلف أصقاع العالم، حيث تستخدم في القلي أو التحميص أو مع الكثير من أنواع السلطات، إلا أن بعضها يملك أضرارا عند استخدامه في عمليات الطهي، كما نقلت صحيفة “تلغراف” البريطانية عن خبراء صحة.
فعند تسخين الزيت إلى درجة حرارة عالية (عادة حوالي 180 درجة مئوية)، فإنه يتحلل في عملية تعرف بالأكسدة، حيث تتفاعل جزيئات الدهون مع الأكسجين في الهواء لتكوين مواد تسمى الألدهيدات والإيبوكسيدات، وهما من منتجات أكسدة الدهون (LOPs)، وكلاهما سام ويمكن نقله إلى الطعام.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير الكيميائي، مارتن غروتفيلد، الذي درس زيوت الطهي لمدة 30 عامًا: “تم ربط منتجات أكسدة الدهون بمجموعة من المخاوف الصحية، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والعيوب الخلقية وارتفاع ضغط الدم والالتهابات”.
وأشار إلى أنه كلما ارتفعت درجة حرارة الزيت، كلما زاد إنتاج هذه المواد الكيميائية، خاصة عند “نقطة الدخان”، أي اللحظة التي يبدأ فيها الزيت في الاحتراق والتبخر.
ووفقا لخبراء، فإن الكثير من الناس لا يدركون أن هناك مستويات غير آمنة من السموم تتولد أيضًا تحت نقطة الدخان، حيث يتم قياس خطر حدوث ذلك من خلال مؤشر قابلية الأكسدة (PSI).
فكلما ارتفع مؤشر قابلية الأكسدة، زاد تحلله بسهولة، حيث تتأكسد بعض الزيوت وتفسد في درجة حرارة الغرفة، ولهذا السبب من المهم الانتباه إلى تاريخ انتهاء الصلاحية على الزجاجة.
يعتقد البعض أن زيت الزيتون البكر الممتاز، هو الأفضل للطهي، نظرا لغناه بالعناصر الغذائية المفيدة، مثل الدهون الأحادية غير المشبعة الصحية (MUFAs) ومجموعة من المركبات النباتية المفيدة.
لكن غروتفيلد يقول إن ذلك النوع من الزيت “لم يتعرض للحرارة المفرطة (عصر على البارد)، وبالتالي يحتفظ بالمركبات الصحية مثل مضادات الأكسدة والستيرولات، التي من المعروف أنها تقلل من الكوليسترول”، لافتا إلى أنه عند استخدامه في القلي بدرجة مرتفعة، يفقد الكثير من فوائده.
وتوافق أخصائية التغذية في مؤسسة القلب البريطانية، تريسي باركر، على ما سلف، مضيفة: “من الأفضل تناول الزيوت البكر الممتاز بحالتها الطبيعية، للحفاظ على نكهتها ورائحتها”.
أما زيت الزيتون العادي، فيتم إنتاجه بحرارة أكبر من زيت الزيتون البكر الممتاز، لذلك يخسر بعض مركباته الصحية.
وزيت الزيتون هو خليط من زيت الزيتون المكرر (المعالج بالمواد الكيميائية لإطالة العمر الافتراضي وإزالة النكهات والروائح غير المرغوب فيها) وزيت الزيتون البكر، الذي يضاف إلى المزيج لإعطاء اللون والنكهة.
وقال غروتفيلد: “تمت إزالة كميات كبيرة من جزيئات مضادات الأكسدة والستيرول الصحية من زيت الزيتون المكرر..لكنه يتحمل الحرارة بشكل أفضل من الزيوت غير المكررة، وله نقطة دخان أعلى”.
ونصح باستخدام زيت الزيتون المكرر – المسمى عمومًا بـ(زيت الزيتون) – للقلي، لأنه أقل عرضة للتحلل من زيت الزيتون البكر الممتاز.
ولا تحتوي هذه الزيوت على نفس مستوى المركبات المفيدة مثل زيت الزيتون البكر الممتاز، لكنها لا تزال مصدرًا للأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، المفيدة للقلب.
ثمة اعتقاد سائد بأن ذلك الزيت صحي، لأنه يحتوي على نسبة منخفضة من الدهون المشبعة وغني بالدهون غير المشبعة الصحية (PUFAs)، التي يمكن أن تساعد في خفض الكوليسترول “الضار”، بالإضافة إلى منح فيتامين هـ”E”.
وحسب خبراء، فإن ذلك الاعتقاد صحيح، إذا كان زيت عباد الشمس بنفس درجة حرارة الغرفة، وليس عند تعرضه لحرارة القلي.
وفي هذا الصدد، أكد غروتفيلد أن زيت عباد الشمس يتمتع بنقطة دخان عالية، لكن أيضًا مؤشر الأكسدة فيه مرتفع، لذلك يتحلل بسهولة.
وتابع: “لا أوصي بأي زيت غني بالدهون غير المشبعة للقلي السطحي”. وهنا تجدر الإشارة إلى أن القلي السطحي (البسيط) يستخدم فيه كميات قليلة من الزيت تكفي فقط لطهي الطعام، دون أن يتم غمر المواد الغذائية في الزيت.
وأضاف غروتفيلد: “القلي السطحي يولد مركبات سامة أكثر من القلي العميق، لأن مساحة سطح الزيت الأكبر تتعرض للأوكسجين في الهواء”.
وشدد خبراء على أن هذا النوع من الزيت مقبول بشكل عام للقلي العميق إذا كانت درجة الحرارة منخفضة قدر الإمكان، وذلك مع عدم استخدام نفس الكمية مرة ثانية، حتى لا تتراكم المركبات السامة.
أما زيت الفول السوداني، فهو غني بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة، لكنه يحتوي أيضًا على الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة.
وأوضح غروتفيلد: “من الجيد استخدام نفس الكمية للقلي العميق مرة أو مرتين، لكن يجب استخدامه مرة واحدة فقط في حالة القلي السطحي ضمن درجات حرارة منخفضة، مع عدم إعادة استخدامه”.
من جانبه، أوضح خبير التغذية سام رايس، أن زيت الفول السوداني يحتوي على مستويات عالية جدًا من دهون أوميغا 6، التي تساعد على خفض مستويات الدهون الثلاثية الضارة، ورفع مستويات الكوليسترول الجيدة، وبالتالي الوقاية من خطر الإصابة بأمراض القلب.
لكن ارتفاع نسبة أوميغا 6 في الجسم يمكن أن يسبب زيادة الوزن، كما قد يؤدي إلى أن يتحول حمض اللينولينيك الأكثر شيوعاً من أحماض أوميغا 6 إلى حمض دهني آخر يسمى حمض الأراكيدونيك، وذلك الحمض يمكن أن يساهم في تعزيز الالتهاب وتجلط الدم وانقباض الدم من الأوعية الدموية، حسب موقع “الطبي” الصحي.
يحتوي زيت جوز الهند على نسبة عالية للغاية من الدهون المشبعة (أكثر بكثير من الزبدة)، ويمكن استخدامه في جميع أنواع القلي، باعتباره “مقاوما للأكسدة تقريبًا”، حسب غروتفيلد.
لكن يمكن للدهون المشبعة أن ترفع مستويات الكوليسترول في الدم، مما يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، لذا يُنصح بتناولها بكميات صغيرة.
ويتم عصر زيت جوز الهند البكر الخام على البارد من لحم جوز الهند العضوي ويحتوي على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة ومركبات نباتية صحية أخرى. ومع ذلك، يقول غروتفيلد إن النسخة المكررة أفضل للطهي في درجات حرارة عالية لأن نقطة دخانه (احتراقه) أعلى بكثير من غير المكرر.
أما زيت السمسم، فهو غني بالأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة المتعددة، مما يعني أنه عرضة للأكسدة، لذلك لا ينصح به للقلي السطحي، لكنه جيد للقلي العميق في حال استخدامه لمرة واحدة.
وهناك أيضا ما يعرف بـ”الزيوت النباتية” المصنوعة من مزيح من الزيوت المكررة المختلفة، مثل بذور اللفت وعباد الشمس والذرة وفول الصويا.
وتعتمد الفوائد الصحية لتلك الزيوت على كيفية معالجتها، لكنها بشكل عام، تحتوي على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة، لذلك فهي غير مستقرة عند تسخينها وعرضة للأكسدة.
ولا ينبغي استخدام تلك الزيوت للقلي السطحي، إلا أنها مناسبة للقلي العميق إذا لم تستخدم أكثر من مرة.