البرهان البريء الطاهر!

البرهان البريء الطاهر!

زهير السراج

* ظل (البرهان) يطالب بخروج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والقرى والمدن والتزامها بإعلان جدة كشرط للتفاوض معها، وكأن الإعلان يخص قوات الدعم السريع فقط ويستثني الجيش، بينما جاءت كل بنود وفقرات الإعلان بصيغة الجمع (نحن) التي تؤكد التزام الطرفين ببنود الإعلان، وانقل هنا ما ورد في التمهيد:

“نؤكد نحن الموقعون أدناه، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من خلال هذا الإعلان التزاماتنا الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني لتيسير العمل الإنساني من أجل تلبية احتياجات المدنيين.

ونؤكد التزامنا الراسخ بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه.

وندرك أن الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية.

ونرحب بالجهود التي يبذلها أصدقاء السودان الذين يُسخّرون علاقاتهم ومساعيهم الحميدة من أجل ضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بالإعلان وتنفيذه على الفور، ونؤكد هنا إن النقاط الواردة أدناه لا تحل محل أي التزامات أو مبادئ بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تنطبق على هذا النزاع المسلح وعلى وجه الخصوص البروتكول الإضافي الثاني لسنة 1977م والملحق باتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949م والتي يجب على جميع الأطراف الوفاء بها” (إنتهى).

* كان ذلك ما نص عليه التمهيد وسار باقي الإعلان الذي صدر في (11 مايو، 2023) على نفس المنوال بما في ذلك الالتزامات التي تعهد بها الطرفان ومن ضمنها: “التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، والامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يتسبب في أضرار مدنية عرضية والتي تكون مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة، واخلاء الأماكن الحضرية بما في ذلك مساكن المدنيين” (البند 2 ، الفقرات أ، ب ج).

* نتبين من ذلك إن الالتزام باتفاق أو إعلان جدة بما في ذلك الشرط الذي ظل يكرره البرهان بإخلاء قوات الدعم السريع للأماكن الحضرية للتفاوض معها، لا ينسحب على قوات الدعم السريع فقط وانما على طرفي الاتفاق وهو أمر واضح من بنود الإعلان ولا يحتاج إلى توضيح!

* بل أكد الإعلان على الالتزام الكامل بمبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تنطبق على النزاع المسلح بين الطرفين، وعلى وجه الخصوص البروتكول الإضافي الثاني لسنة 1977م والملحق باتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949م والتي يجب على جميع الأطراف الوفاء بها، الأمر الذي يجعل من مساس أي طرف من الأطراف بحقوق المدنيين بكافة أشكالها وأنواعها جريمة حرب لا تسقط بالتقادم.

* ولو نظرنا إلى ما يجري في مدن وأحياء السودان المختلفة من تدمير وقتل وانتهاك لحقوق المدنيين منذ اندلاع القتال في 15 إبريل 2023 وحتى هذه اللحظة، فلن نجد فرقا بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع، فكلا القوتين ارتكبت من الجرائم والفظائع ضد المدنيين ما يكفي ليشغل محاكم العالم المختصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية فترة قرن بحاله (مائة عام)، وحتى جرائم الاغتصاب التي يتحجج بها البرهان كل يوم لاستثارة عواطف المواطنين البسطاء واجتذاب تعاطفهم المفقود لا تتورع قوات الجيش عن ارتكابها في وضح النهار، ويكفي التقرير الذي نشرته صحيفة (الغارديان) البريطانية مؤخراً عن إرغام الجنود الحكوميين للنساء على ممارسة الجنس معهم مقابل الطعام في مدينة أم درمان، أما بقية الجرائم مثل قصف وتدمير المناطق المدنية وقتل المواطنين واحتلال بيوتهم ونهب ممتلكاتهم فهي ممارسة يومية لجنود الجيش، يؤكدها الواقع الذي يعيشه المواطن كل يوم بل كل لحظة والفيديوهات والتسجيلات المصورة المبثوثة على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، وأشير هنا فقط إلى الأسواق التي تباع فيها العربات والأثاثات المنزلية والممتلكات المنهوبة من بيوت المواطنين في أم درمان بواسطة جنود الجيش، وأشهرها، كما يعرف الجميع، سوق (صابرين) بمنطقة كرري في مدينة أم درمان.

* ليس ذلك تبرئةً لقوات الدعم السريع، أو تبريراً للجرائم التي ترتكبها بشكل يومي ضد المدنيين، وإنما تفنيد لأحاديث البرهان الفجة برمي الاتهامات على الطرف الآخر وكأن قواته بريئة وطاهرة من دماء وأرواح ونهب وترويع المدنيين وبقية الجرائم الأخرى، وهي جرائم سيُحاسب مرتكبوها من الطرفين ولو بعد حين لأنها لا تسقط بالتقادم حسب القوانين الدولية.

[email protected]

الجريدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى