ثلاثة على جسر الباطل…!

ثلاثة على جسر الباطل…!

مرتضى الغالي

أحد المثقفين الحداثيين نفخ ونفج وتنحنح وسعل وقال بالأمس إن البرهان “رجل شجاع إلى حد التهور والدليل إنه يتجوّل بغير حماية” …! تسمع هذا الرجل يتحدث عن شجاعة البرهان.. فتنظر وتدقق فلا تجد للبرهان شجاعة.. لا عسكرية ولا معنوية ولو بمقدار “انتفاشة قط”..!

فهو ينتقل (بيسر وسلاسة) من هزيمة إلى هزيمة ومن إقرار إلى إنكار.. ولا يستطيع أن يدخل قيادة الجيش في عاصمة بلاده.. كما لا يستطيع (الاقتراب أو التصوير) من مقر سيادته في “القصر الجمهوري”..!

ولكنه يستطيع فعلاً أن يتحدث (إلى حد التهور) عن مواصلة الحرب وعن “انتصارات وشيكة” وعن تحرير قريب لولاية الجزيرة وتطهير البلاد من رجس المليشيات.!! ثم تتوالى هزائمه وتسقط المدن والحاميات في سنجة وسنار والفاشر والدالي والمزموم والدندر والميرم وجبل أولياء وجبل مويه والفولة.. إلخ وليس ومن جُملة 18 ولاية ليس لسلطة البرهان الانقلابية سيطرة إلا على ثلاث ولايات: كسلا والشمالية والبحر الأحمر..!

ومع ذلك يجتهد البرهان في الأسفار الخارجية ويترك بدلة الجيش ليذهب في زي المدنيين إلى رواندا من أجل تهنئة رئيسها بفوزه في الانتخابات.. ولم يشهد الناس له “أي مناورة” إلا في الحضور بعد “رفع الفراش” من أجل “رفع الفاتحة” وتقديم العزاء للمكلومين في ضحاياهم بعد أن تكون عساكره قد انسحبت “حسب التوجيهات”.

نموذج آخر من العاهات التي صنعتها الإنقاذ وأظهرها الانقلاب ودشنتها الحرب.. يتجسّد في نموذج (النائب العام) في سلطة الانقلاب الذي أعلن انه التقى بالبرهان ليطلعه على “مجهوداته” في تحضير قائمة لـ 14 من المدنيين “يقصد كوادر تنسيقية تقدم” سيقدم أسماءهم للانتربول الدولي لاعتقالهم وجلبهم للخرطوم “يقصد بورتسودان” لمحاكمتهم أو ربما إعدامهم بحجة أنهم يؤيدون الدعم السريع ..!

المنطق يقول إن الأولى بالنائب العام “مولانا طيفور” أن يطلب من الانتربول اعتقال قادة الدعم السريع الذين يجتمعون الآن مع الأسرة الدولية في جنيف بحضور ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة وسويسرا والدول الإقليمية.. لأن الأهم مطالبة الانتربول باعتقال قادة الدعم السريع أنفسهم… قبل اعتقال من يؤيدهم أو يدعمهم…!!

العالم الآن يفاوض الدعم السريع.. والنائب العام يريد اعتقال من يزعم أنهم يؤيدون الدعم السريع…! هل رأيت عبقرية هذا الرجل القانوني الضليع الذي يطلب الإذن من قائد انقلاب ليقوم بإجراءاته القانونية ضد مدنيين لا ذنب لهم غير إنهم يطالبون بإيقاف الحرب…!

وماذا عن المتهمين بالخيانة العظمى وانتهاك الدستور من قادة انقلاب الإنقاذ الذي فرّوا من السجون…؟ أليس من واجبك أيها النائب العام “في زمان الهوان” القبض عليهم حسب مقررات إعلان جدة.. الذي يلعلع البرهان الآن مطالباً بتنفيذه أولاً قبل وقف الحرب…! هل يستطيع البرهان اعتقال قادة الكيزان الهاربين من السجون وتنفيذ ما يليه من إعلان جدة…؟!

أما النموذج الثالث من ذوي عاهات الإنقاذ من المواليد “خارج رحم الإنسانية” دعك من رحم السودان.. فهو والي ولاية كبرى في وسط البلاد أصدر تصريحاً قال فيه إن الحديث عن مجاعة تهدد السودان “ما هو إلا فبركة إعلامية وإشاعة القصد منها ترويع المواطنين” …!

لا تعليق…! وهنيئاً لسيادة الوالي الذي وضع الله أمانة الناس في عنقه.. فأصبح لا يرى صفوف آلاف الأطفال وهم يمدون بأياديهم الواهنة الصحاف الفارغة…! هنيئاً له وهو يتنعّم في ديوان الولاية بثلاث وجبات دسمة كل يوم.. ثم يتجشأ ويمسح فمه… فماله والحديث عن الجوع والمجاعات…؟!

بهذه المناسبة صدم أحد الكاتبين الراتبين المشاعر العامة بالأمس.. حيث قال إنه يعرف البرهان باعتباره “من أبناء عمومته”.. ويعرف عنه أنه رجل لا يرضى الهوان لأنه مفطور على التحدي، لذلك يعاند في إيقاف الحرب ويرفض إيقافها من أجل العزة والكرامة.. وقد تحققت العزة والكرامة الآن.. وسيوقف البرهان الحرب ويكسب الرهان…!! هكذا قال الرجل…!!

هل يحسب الأستاذ الكاتب أنه يمدح البرهان بهذا الكلام..؟! يا رجل.. هل ثمن هذا العناد (والجعلنة كما تقول) إزهاق أرواح آلاف الأبرياء وتشريد الملايين وتدمير الوطن وإعادته مائة عام للوراء ومصادرة مصائر وحياة ومستقبل الأجيال القادمة.. حتى يُشبع البرهان نزعته في العناد والجعلنة…!

أي عزّة وكرامة.. وأي عناد وأي تحدٍ يا رجل…؟! من الغريب أن يتشكك البعض في حقيقة أن الكيزان يقودون البرهان مشكوماً بخطام في انفه…؟! ثم هل هناك هوان أكبر من هروبه من القيادة بـ(سفنجة وفنيلة داخلية) وعبر وساطة يعلمها القاصي والداني..؟ ثم هروبه من العاصمة بقيادتها وحامياتها وقصرها ومصنع ذخيرتها..؟!

هل هناك أكثر هواناً من رضوخ وإذعانه لتعليمات الكيزان (صُرة في خيت) وابتلاع إهاناتهم لمرؤوسيه من كبار ضباط الجيش… وآخرها ما فعله الإخواني الناجي مع “العقيد مدثر”..!

اللهم أزل عن أهلنا الجهالات والغشاوات وأعنهم على الترجّل من زوامل الغفلة “والسواقة بالخلا” إنك سميع مجيب..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى