مصر.. كفاك تآمراً وسمسرة.. أوقفي الحرب‼
مصر.. كفاك تآمراً وسمسرة.. أوقفي الحرب‼
عبد الرحمن الكلس
أن تسمح سلطة قائمة حتى لو لم يكن معترف بها لحكومة دول جارة بأن تتولى ملفاتها الخارجية، فذلك لعمرى أمراً يتجاوز التعدي على السيادة إلى الاستعمار بوجهه القبيح القديم المباشر، ولكننا نعيش زمن “عبد الفتاح البرهان” ممثل الباب العالي في قصر القبة!
يتساءل السودانيون عن الدور المصري في شؤونهم السياسية والاقتصادية والسيادية، فيشعرون بالأسى والحسرة والخزي، ويشعرون بالمرارة أكثر لأنه مطلوب منهم أن يصفقوا للقاهرة وهي تفعل بهم كل ذلك، وإلا فما الذي يجعلها توقف مفاوضات وقف العدائيات وتأمين المسارات لإيصال الإغاثة للجوعى؟ .
ما الذي يجعل مصر تقف عائقاً أمام إحداث اختراق فيما يتعلق بوقف الحرب السودانية عبر المفاوضات؟ لست أنا من يقول هذا بل هذا ما أكده حتى موفد الخيانة “أبو نمو” نفسه .
قال “محمد بشير أبو نمو” موفد حكومة بورتسودان الذي كان من المتوقع أن يلتقي “توم پيريلو ” المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان في القاهرة، قال في تصريح لصحيفة مصرية أمس، بأن الوفد السوداني كان على أهبة الاستعداد وأنه حزم حقائبه بانتظار إشارة من مصر.
وكانت هذه هي الإشارة التي (قصمت ظهر البعير)، إذ أوضح أبو نمو بشكل لا لبس فيه، “إنهم يتعاملون مع الجانب المصري فقط، وهو الذي أبلغهم الدعوة وهو الذي يعطيهم الإشارة بجاهزية الوفد الأميركي، أو يطلب منهم التأجيل لوقت محدد أو حتى الإلغاء.
إذاً، ما الذي حدث؟
قال توم پيريلو: “إلغاء الاجتماع مع وفد حكومة بورتسودان في مصر، كان بسبب خرق الوفد للبروتكولات”.
طيّب، من الذي أبلغ المبعوث الأمريكي الذي لم يتواصل مباشرة مع وفد بورتسودان، بأنه خرق البروتكول؟، إنه الجانب المصري !
إذاً لماذا فعل الجانب المصري ذلك؟، فعله لإفشال مفاوضات جنيف، كما أفشل من قبل منبر جدة واتفاقية المنامة بالتنسيق مع البرهان وكيزانه!
منذ بداية الحرب لعبت مصر دوراً سلبياً في تأجيجها، بل شاركت بأسلحتها وجيشها وطائراتها وطياريها في القصف الجوي على بلادنا فدمرت أغلب المصانع والمشاريع الحيوية أمام أعين الخائن الأكبر “عبد الفتاح البرهان” بدعاوى مساعدته عسكرياً، وها هي تدعم – سراً- الخيار العسكري على السلمي، بل تبيع الطائرات الحربية الصينية (المعدلة مصرياً) لجيش البرهان وكيزانه وتقبض الثمن (كاش) من دولة قطر، لأنها تريد أن يحكم الجيش بالتحالف مع الحركة الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطني المخلوع، وهذا ما لن توفره أي مفاوضات حتى ولو جرت في قلب القاهرة، لأن أساس المفاوضات سيكون (ما عدا النظام السابق) وتأسيس جيش مهني موحد جديد يعود إلى ثكناته ولا يلعب أي دور سياسي مستقبلاً – وهذا ما لا تطيق مصر سماعه -، وأن يخلي العسكر الفضاء السياسي للمدنيين، وهؤلاء تكرههم مصر الرسمية كراهية بالغة، لأنها تعلم إنهم لو حكموا السودان ستتغير الأوضاع، وسيتم إعلاء المصالح السودانية على المصالح المصرية في كل شئ: من حصة السودان من مياه النيل وحتى المنتجات السودانية “السايبة” التي تصدرها مصر على أساس أنها من صادراتها!
لكن، ما لم تنتبه له مصر، إن استمرار الحرب في السودان، وهي مساهم أساسي فيها، ستكون هي المتضرر الأول منها على المديين المتوسط والطويل، وعليها أن تتصالح مع أن عودة الجيش إلى السلطة في السودان منفرداً أو بتحالف مع الكيزان، أصبح دونها خرط القتاد.
وعلى مصر أن تعلم أيضاً أن الكيزان يستغلون مصر (الرسمية طبعاً) للعودة إلى السلطة ثم يقلبون لها ظهر المجن ويرونها الوجه الآخر، وان مقولة مدير عسسها ومخابراتها “عباس كامل” بان كيزان السودان (كيوت) يمتهنون الفساد لا الإرهاب، مقولة خاطئة وساذجة ستدفع مصر مقابلها ثمناً باهظاً على المدى الطويل!
رغم ذلك مصر تبذل قصارى جهدها، مخصصة لهذا الغرض ضابط مخابرات بقدرات متواضعة يدعى (أحمد عدلي)، وهو قنصلها العام السابق في السودان، من أجل عودة الكيزان إلى السلطة على ظهر جيش مهزوم منكسر إلا في إعلامه الرسمي وفي الحسابات مدفوعة القيمة بوسائل التواصل الاجتماعي، أما على الأرض فالجميع يرى ويسمع.
هذا الدور التخريبي الذي تلعبه مصر، يظهرها كسمسار حروب غير محترف، فهي تمارس السمسرة مع الكل: امريكا، السعودية، الامارات وحتى قطر، وتحاول الاقتراب من القوى المدنية السودانية – الساذجة جداً جداً فيما يتعلق بمصر – ثم تطعنها في الظهر (مؤتمر القاهرة)، الذي حضرته (تقدم) ولم تأخذ منه سوى منح الشرعية لمصر كوسيط محايد (!)!
وتحاول مصر مرات مغازلة قوات الدعم السريع (من بعيد لبعيد)، لعل وعسى أن تغير خطابها عن تأسيس جيش مهني جديد وإعادة العسكر إلى الثكنات، وعندما تبدل خطابها تهجم وتنقض عليها كما فعلت من قبل في انقلاب البرهان/ حميدتي المشؤوم في 25 اكتوبر 2021، الذي تم اعداده في القاهرة، قبل أن تنقض عليها في 15 ابريل 2023، للتخلص منها ومن المدنيين مرة واحدة وإلى الأبد!
والحقيقة أن دولة السيسي الحالية القائمة على الفهلوة والتسول والسمسرة والتآمر، لن توقف (استهبالاتها) وتآمرها على الأرض، ولو فعلت ذلك فان شرايينها ستتيبس وتموت في التو واللحظة، لأنها تعتاش على هذا العلف الرديء، لذلك لن تساهم في وقف الحرب حتى لو مات نصف سكان السودان، فهؤلاء ليسوا مصريين، ولا يستحقون الحياة.
إن السياسة المصرية الحالية تجاه السودان سياسة “هبلة” وبليدة، وضابط المخابرات أحمد عدلي ورئيسه عباس كامل يشبهان هذه السياسة ويضيفان إليها المزيد.
مصر: كفاك تآمراً وسمسرة.. أوقفي الحرب.