إنقاذ دولة!!
إنقاذ دولة!!
صباح محمد الحسن
يرمق الفشل من أول خطوة وكذلك الهروب في كف السراب
أيُ خطيئة هذه
التي تشظّى بها العناد
من لفظ المتاهة
أيُ أمل هذا الذي ينسجه
الألم والضياع!!
وخيمت السرية التامة على مناقشات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس فيما يتعلق بالقضية السودانية، وركز الإعلام المصري على الإفصاح عن ما يخص القضية الفلسطينية فقط.
إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت في بيان لها (إنها ناقشت مع مصر الجهود المتواصلة لإنهاء الحرب في السودان، كما رحب الوزير بلينكن بمشاركة مصر النشطة في المحادثات في سويسرا.
وأشار الجانبان إلى أهمية إتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين السودانيين بدون عوائق.
ومعلوم أن زيارة بلينكن والمبعوث الأمريكي توم بيرييلو إلى مصر في أثناء سير مباحثات جنيف، وضعت اجتماعها مع الوفد السوداني على صدر أجندتها الأمر الذي أفصح عنه توم بقوله (سنذهب إلى مصر لمقابلة وفد القوات المسلحة السودانية فور وصوله أو الاتصال بهم بأي طريقة يختارونها)..
وهذا يعني أن موضوع جدول زيارة الوفد الأمريكي هو الأزمة السودانية، وليس الأزمة الفلسطينية سيما أن أمريكا في مباحثاتها أكدت أهمية القضية بالنسبة لها بعد أن حشدت في مباحثات جنيف لأول مرة.
كل إدارات الحكومة الأمريكية من البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون والكونغرس و (CIA).
فكل هذا الاهتمام والتمثيل الأعلى من الإدارة الأمريكية، بالرغم من عدم وجود تمثيل للحكومة السودانية في المحادثات يعني أن ثمة أمر أكبر من حضور وفد الجيش وغيابه هذا لا شك فيه.
لذلك هو اهتمام لا يجعل هناك ما هو أهم لها من القضية السودانية، لا سيما في الوقت الحالي الذي تجتمع فيه كل الكوارث الإنسانية على المواطن السوداني من قتل وجوع ومرض وتشريد.
لكن لماذا خيمت السرية على تفاصيل اللقاء بين بلينكن والسيسي، وغاب الإفصاح أكثر فيما يخص السودان هدوءاً قد تعقبه العاصفة.
ولا شك في أن سخط الوفد الأمريكي الذي طلب تمثيلاً عسكرياً، وأصر البرهان على إرسال ذات الوفد الحكومي برئاسة وزير المعادن محمد بشير أبو نمو حاضر.
ولكن يبقى القصد من (إظهار) القضية الفلسطينية على شاشة أحداث الزيارة و (إخفاء) القضية السودانية يأتي؛ لأن هناك تخطيطاً آخر لا يتأثر بأهمية من يقود الوفد السوداني.
فزيارة بلينكن قد تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية وصلت بالفعل لقناعة الانتقال إلى الخطة (ب) وذلك بسبب تفاقم الأوضاع الإنسانية وإصرار الفريق البرهان على التمثيل الحكومي!!
فوصول وفد أمريكي إلى مصر مع وصول وفد حكومي بتمثيل (مرفوض) يكشف أن ثمة مساحة وهوة شاسعة في التفاهم بين الإدارة الأمريكية والحكومة السودانية، وهذا ما يؤكد أن بلينكن جاء بطرح جديد على طاولة الرئيس السيسي الإعلان عنه الآن ربما ليس له ضرورة.
فمطالبة أمريكا منذ البداية بوفد عسكري وإصرارها عليه يعني أن هناك سيناريو يتعلق بالأرض يحتاج إلى إشراك والتزام عسكري، وإصرار الجيش على إرسال وفد حكومي (تاني) يعود إلى أنه يعلم بهذا السيناريو، ويهرب من الالتزام به.
ولكن غياب وفد الجيش أو حضوره بتمثيل هزيل لن يغير من الواقع شي، فكل المناطق التي تشهد ضررا إنسانيا بالغا ستدخل لها المساعدات إن وافق الجيش أو رفض، لأنها تقع تحت سيطرة الدعم السريع.
من الوسط وحتى دارفور لذلك أن قرار حظر الطيران هو أقرب قرار متوقع في ختام مباحثات جنيف أو، قبلها.
وربما زار بلينكن مصر الدولة الجارة الوحيدة الضاربة في العمق الاستراتيجي للسودان، والتي لا يتوقف دورها في عملية وقف إطلاق النار عبر التفاوض فقط، فإن انتقلت أمريكا للخطة (ب) فمصر تعد من أهم الدول التي تستند عليها في تنفيذ العملية التي تعتبر الآن (إنقاذ دولة) لذلك ليس ببعيد أبدا أن تكون زيارة بلينكن إلى مصر للوقوف على تهيئة وإعداد مسرح (نقطة الانطلاق) بحكم موقع مصر الجغرافي لذلك ربما ما يهم بلينكن من الزيارة أنه يقف على عملية اختيار الزاوية الصحيحة لتسجيل الهدف، أي كان مستطيل اللعبة فمصر هي النقطة المناسبة لحدودها مع السودان البرية والبحرية!!
إذن قد تكون مهمة بلينكن التي جاءت به من هناك أكبر من عناد البرهان وحكومته وأعمق من نظرته في ملامح وزير المعادن!!
وهذا الأمر الذي جعل السرية أمراً ضرورياً..
لهذا قد تلعب مصر دورا أكبر من مهمتها كمراقب، ففي الخطة السلمية (أ) تحجز مصر المقعد الثالث في دول الوساطة، ولكن في الخطة (ب) ربما تتقدم إلى الواجهة لتكون قبلة التنفيذ!!
طيف أخير
شعب يقف على صفوف (التكايا) يوميا لينتظر (حبات البليلة) خشية من الموت جوعا يسلب البرهان كرامته كل يوم في حرب في حقيقة الأمر هي حرب المهانة.