الجنرال في متاهته
عبد الحفيظ مريود
وإذْ يصعدُ البشير خشبة المسرح، في كردفان، في افتتاح طريق الصّادرات، تنفتحُ شهيّته للحكايات…يحكى عن (قصّة حصلتْ لي، حكاها لي واحد صاحبي). النقّادُ وأهل السّرد، بالطّبع، يجيزون ذلك.. نظريّة “تعدّد الأصوات”.. البشير وقتها لم يكنْ يعرفُ أنَّ “بصلته كانت قيد التحمير”، مثل أىّ “ديك مسلّميّة”..
و”الجنراليّة” حالة متكرّرة. إطلاقاً من جورج برنارد شو، فإنَّ تسعةً من أصل عشرة، يولدون أغبياء، تماماً.
عبد الفتّاح البرهان، القائد العام للجيش، بعد إصداره قراراً، مرسوماً، بتعيين والٍ على ولاية غرب دارفور، قبل أقلّ من شهر، يعود، اليوم، الخميس، ليعلن فى اجتماع “مجلس السيادة”، برئاسته، ليصدر قراراً بتوجيه مفوضيّة العمل الإنساني، بالتنسيق مع منسق العون الإنسانىّ القطرىّ، (بفتح معبر أدرى الحدودي، لمدّة 3 أشهر، حسب الضوابط المتعارف والمتّفق عليها، وذلك لضمان وصول المساعدات الإنسانيّة للمواطنين).
شايف كيف؟
ليس هناك من داعٍ للتأكيد على أنّ الجيش والإسلاميين يستثمرون في جهل السّودانيين ببلادهم. ذلك أصبح جزءً من أرضية الهيمنة، السواقة بالخلا، التي يعتمدون عليها.
الخبر يعطيك انطباعاً بأنَّ معبر أدرى الحدودي، الذي يبعد عن مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، عشرين كلم، تقريباً، أو تزيد قليلاً، يقع تماماً، تحت سلطاته، وهو مغلق منذ بدء الحرب، أمام العابرين إلّا بإذن البرهان.. الآن، بعد ما يُقارب العام ونصف العام من الحرب، قرّر البرهان ومجلس سيادته أنْ يفتحوا المعبر، (لمدة 3 أشهر، حسب الضوابط المتعارف والمتّفق عليها، لضمان وصول المساعدات الإنسانيّة للمواطنين).
شايف كيف؟
سينقل كثيرون الخبر، على غبائهم، ليزيدوا من رقعة التجهيل العظيم للشعب العظيم. بعضهم سيكون فرحاً بأنَّ الجيش – وهو ما لاقى حقّ التمباك – يقطع من جلده، ويسمح بفتح المعبر، لمدّة 3 أشهر، حتّى يتمكّن المواطنون من استقبال المساعدات الإنسانيّة..
والواقع أنَّ الجنرال، وهو يقود جيشاً من المساكين، لا يملك أنْ يسمح لطائر أو طائرة.. راجلٍ أو راكب.. عائم أو زاحف أنْ يمرّ عبر أدري.. ذلك أنّه حين تمَّ تحرير الفرقة في أردمتا، هرب جنوده وضبّاطه إلى أدري..و “أدري”..أو “أدريه”، مدينة تشاديّة، على حدود السّودان الغربيّة.. نشرت القنوات دخول الجيش السّودانىّ إليها، هرباً من قوّات الدّعم السّريع، واستقبال الجيش التشادىّ لها، وتصريحات وزير الدّفاع التشادىّ..
سمحتْ بعد ذلك السّلطات التشاديّة بنقلهم من مطار “أم جرس” إلى بورتسودان. وسيّر الجيش السّودانىّ ثلاث رحلات، قبل أنْ توقف السلطات التشاديّة ذلك، وتقوم بطرد القنصل والملحق العسكرىّ، وآخرين من طاقم السفارة السُّودانيّة.
شايف كيف؟
على من يضحك الجنرال البرهان ومجلس سيادته، بفتح معبر أدرى، لمدّة 3 أشهر، وفقاً للضوابط؟
عبرتُ إلى تشاد، من المعبر المعنىّ في أغسطس من العام الماضي.. وعدتُ عبره إلى جنوب السّودان في أبريل.. وهو – مثله مثل أغلب المعابر الحدوديّة – تحت سيطرة الدّعم السّريع..
أليست تلك متاهة الجنرال؟
مثل توجيهات الفريق إبراهيم جابر لوزيرة الصّناعة المكلّفة، بتفكيك وترحيل المصانع من الخرطوم، وتركيبها في (الولايات الآمنة)..لو أنَّ وزيرة الصّناعة تستطيع أنْ تصل إلى مصانع الخرطوم، وتفكّكها، فالأفضل أنْ تشغّلها في أماكنها الحاليّة.
شايف كيف؟
على أىّ حال..
سنكونُ في انتظار والى غرب دارفور الجديد، ومعه وفود مفوضيّة العون الإنسانىّ، يرافقهم السلطان سعد بحر الدّين، شخصيّاً، ليقوموا بفتح المعبر الحدودي لمدّة 3 شهور…ذلك أنَّ الجنينة جيعانين شديد.. و” فورة البُرمة قاسية ليهم”..
فعجّل بذلك، يا “رئيس مجلس السيّادة”.
*الصورة تقول “بل بس”.