مصطفى طرطور و”التعريص” البئيس
علي أحمد
قبل البدء في كتابة هذا المقال، وقفت طويلاً مع نفسي متسائلاً هل أنا حقاً أريد أن أكتب عن هذه الشخصية، وإلى أي مدى يا ترى تقف حدود تفاهته؟ هل هو تافه فقط، أم تافه – جداً – إلى الحدود التي لا تسمح بالكتابة عنه، ذوقياً ومهنياً؟ .. الخ هذه التساؤلات.
ولكني حسمت أمري، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، وقررت الكتابة عنه، ليس استناداً على معايير التفاهة، ولكن الكتابة من باب الترفيه والترويح، خصوصاً وأن اليوم “جمعة”، ولا بأس في القليل من الترويح عن النفس، وقد جاء في الأثر: ” إن القلوب تمل كما تمل الأبدان”!.
من يراقب الأحوال العامة في بلادنا في هذه الفترة الحرجة من عمرها، يجد أن المنحطين وأصحاب القدرات المتدنية في كل شأن، هم الذين يتصدرون المشهد العام، من: ياسر العطا، مناوي، التوم الهجو، وجوقة الخبراء الاستراتيجيين وحتى مصطفى تمبور – لا مؤاخذة!
والحال هكذا، يقول أديب الثوار “مكسيم غوركي” في مؤلفه “مسرحية الحضيض”: (هناك نوعان من الرجال يحتاجان إلى الكذب والنفاق، هما ضعاف الروح وأولئك الذين يعيشون من كدّ الآخرين، فالضعاف يستمدون من الكذب القوة، ولكن الرجل المستقل سيد نفسه، لا يحتاج إلى النفاق والكذب، لأنها عقيدة العبيد والأسياد، وأما الصدق فهو سِمة الرجل الحر).
ذهب مكسيم غوركي دون أن يتعرف إلى النوع الثالث من الرجال، وهو النوع ” التمبوري” الأذل والأكثر رداءة في النفاق والكذب، وهو نوع نادر وشائه، يتناسل من ظهر الأسياد، ويخرج دائماً إلى الحياة مشوهاً، برأس كبيرة وأطراف نحيفة وهزيلة، وسمي بالتمبوري نسبة لمصطفى تمبور، هو أكثر جنين مشوه من أجنة الجيش التي لا تُحصى ولا تُعد، ولكنه بخلاف الأجنة الأخرى التي تخرج من رحم الجيش، كانت مراحل نموه مختلفة، إذ تكون متطفلاً نصفه داخل الرحم ونصفه الآخر بمناطق الإخراج، لذلك خرج على النحو الكريه الذي أمامنا الآن : مشوهاً وقذراً !
ذاع صيت تمبور مؤخراً بصورة مريبة، فهو مرة في القضارف يرتدي زي الجيش، وأخرى مع البرهان يقلده رتبة لواء، ومرات كثيرة كسياسي يتصدر محافل “الموز” في القاهرة وبورت كيزان، وأخرى كناشط يطلق التصريحات في الهواء الطلق، ولكننا لم نراه، كما لم يراه أي أحد، ولو لمرة واحدة في ميادين القتال، فهو مجرد ظاهرة صوتية، لا يملك جيشاً ولا يملك فكراً ولا يملك تأثيراً وليست لديه براعة سياسية ولا خبرة عملية ولا شهادات أكاديمية عليا، فماذا يفعل غير التزلف والتمسح بأجواخ المجرمين والقتلة؟!
قرأت قبل أيام تصريحاً بئيسا له، يشبه فيه البرهان بالزعيم الافريقي الكبير “نيلسون مانديلا” – وإنا لله- وليس لدي شك أن هذا التمبور المتملق الجاهل لا يفرق بين مانديلا وكابيلا، هذا في حال انه قد سمع بالأخير من أساسه، وإلا كيف يشبه من أفنى وبذل كل عمره في محاربة الفصل العنصري “الأبارتهايد” بالنضال السلمي الذي دفع فيه نصف عمره في المعتقلات والسجون، بشخص أنفق ثلثي حياته العسكرية من أجل تأسيس نظام الفصل العنصري في دارفور، والأغرب والأعجب انه كان يعمل على تأسيس هذا النظام على جماجم أهل هذا التمبور الطرطور ؟!
لا أعرف هل دخل مصطلح “التعريص” القاموس اللغوي والسياسي حتى الآن أم لا؟ ولكن الذي يمارسه هذا التمبور الغبي هو التعريص لمن لا يعرفه، بل هو أشد أنواعه فتكاً: انه التعريص البئيس!