المكالمة الثانية!!
صباح محمد الحسن
طيف أول
ثمة خيط بين خطوة وإنفراجة
يصارع بعضه الكُل، وثمة ربكة وارتباك فاض على كل شيء لكنه سينتهي بسلام
ووزارة الخارجية الأمريكية تجدد اتصالها بقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ويحدثه انتوني بلينكن عن ضرورة مشاركة القوات المسلحة السودانية بمحادثات وقف إطلاق النار في سويسرا.
واتصال الخارجية يكشف الكثير من النقاط التي تبحث عن مستقر لها وسط الحروف.
أولها ان الاتصال يكشف أن البرهان لم يحسم أمر مشاركة الجيش في المباحثات بالرغم من قرب موعدها الذي تبقى منه أسبوع واحد، مع وجود الكارثة الانسانية التي تمثل امامه وتلقي بضرر كبير على إنسان السودان.
كما أن مكالمة ثانية من بلينكن تعني ايضا إصرار امريكا على موافقة البرهان وتلح عليه وتؤكد أن الأمر قد لا ينتهي برفض قائد الجيش للتفاوض!!
وكما أسلفنا أن المكالمة الأولى حسب المصادر، خيرت البرهان ما بين الذهاب إلى التفاوض أو اللجوء إلى الخيار العسكري.
لهذا يبقى الاتصال الأخير يكشف بوضوح أن أمريكا تخطت دور الوسيط فإن كانت تنتظر مشاركة الجيش في المباحثات والتي تنتهي بالرفض أو القبول لاكتفت بدعوتها فقط أو بمهاتفة واحدة.
واتصال بلينكن يتزامن مع اهتمام دولي كبير بالقضية السودانية وقلق عالمي أكبر بسبب الأزمة الانسانية الكارثية التي تمر بها البلاد وهذا وحده يجعل الأمر يتجاوز الطلب.
حتى ان مسئولين اوروبيين في حقوق الإنسان قالوا أمس إنهم لن يسمحوا بأن تتحول الحرب في السودان إلى حرب منسية.
ويأتي اتصال وزير الخارجية في ذات اليوم الذي قدم فيه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تقريره عن الانتهاكات والجرائم ضد الأطفال والمدنيين وأنها تفاقمت في السودان خاصة في دارفور، مؤكداً أن من أعطوا الأوامر بارتكاب ذلك ومن يمولهم سيخضعون للملاحقة والتحقيق.
ولأول مرة يقدم خان خلاصة لتحقيقاته بالإضافة إلى تقرير كامل عن الجناة والذين يقدمون لهم الدعم وهذا يعني أن خان لا ينقصه سوى الحصول على قرار للحد من هذه الجرائم.
لذلك أن كل الإجابات للأسئلة التائهة التي تبحث في عمق الدوافع لتجديد الدعوة للفريق عبد الفتاح البرهان تؤكد أن المكالمة كانت تحذيرية، فإن كانت الأولى تضع خياران أمام البرهان، الذهاب إلى التفاوض أو التدخل العسكري فإن المكالمة الأخيرة قد لا يتردد بلينكن فيها هذه المرة من مناقشة خيار واحد لطالما أن الجيش لم يرد على الدعوة واختار أن يتجنب الآثار المترتبة على الرفض، وذلك بتفضيله للبقاء في المنطقة الرمادية (لا الرفض ولا القبول) وهي مساحة لمراقبة ردة الفعل عن بُعد.
ولكن أرادت امريكا أن تقول انها ليست (ساذجة) لهذا الحد، وتريد رداً واضحاً حتى يتسنى لها النظر في خيار بديل.
وقالها من قبل المبعوث الامريكي للسودان توم بيرييلو في لقائه مع مجموعة من منظمات المجتمع المدني بمصر إن جميع الخيارات متاحة وان امريكا لديها خطتان (ألف وباء) فهل تفكر امريكا في الانتقال إلى الخطة (ب) لطالما أنها واحدة من خيارين.
وفي زاوية قبل ثلاثة أيام بعنوان: (نزع الموافقة) تحدثنا عن ان امريكا التي قدمت الدعوة لطرفي الحرب لحضور المباحثات، وحددت لها موعداً بتاريخ معين لن يفوت عليها وضع سياط الضغط على الطاولة، بكل ما تملكه من قوة ورفع العصا التي آن أوانها لتجعل قبول دعوة التفاوض أمراً ممكنا في ظل ظروف إنسانية بالغة السوء.
وبتاريخ مكالمة الأمس تغادر الادارة الامريكية منطقة الطلب وتدخل إلى مربع التحذير.
وقد يوافق البرهان لقطع الطريق امامها ويقبل بالتفاوض ويجنب البلاد من كل ما يترتب على رفضه من قرارات دولية قد تحقق وقف إطلاق النار، لكنها قد تجلب كثير من المتاعب الأخرى فما زالت الفرصة بيد الجنرال لكنها الأخيرة.
طيف أخير :
#لا_للحرب
قصف مخيم زمزم بالطيران وقتل المواطنين هناك جريمة مركبة ضد الإنسانية بعد ما أعلنت الامم المتحدة المجاعة هناك بسبب حصار المنطقة.
الجريدة