Site icon صحيفة الصيحة

العطا يستدعي الصحاف 

العطا يستدعي الصحاف 

أبو عبيدة برغوث

تحدث كعادته مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا لتلفزيون السودان وأكد حصولهم على شحنات سلاح متطورة وأخرى في الطريق إليهم وهو حديث يأتي في سياق ذات الدعاية الحربية التي ظل يرددها  قائده  البرهان و يبدو العطا  منذ الوهلة الأولى للمتابع مرتبكا شارد الذهن في حالة شبيهة بالتوهان وسط عواصف الحرب التي أشعلوها فأحرقت الجميع لذا لم يخرج خطابة عن كونه دعاية إعلامية وحربية المراد منها رفع الروح المعنوية المنهارة لما تبقى من الجنود، وهنا أستدعى العطا وزير الإعلام العراقي في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين السيد/ محمد سعيد الصحاف وأصبح العطا أحد تلاميذه في مدرسة الكذب والتضليل وتغييب الآخرين وإن كان الزمان ليس هو الزمان مع الانفتاح الإعلامي الذي سهل للجميع الوقوف على الحقائق وهذا ما اكتشفه الناس في حديث العطا الذي  يتنافى مع أعراف وتقاليد التسليح لدى الدول والتشكيلات العسكرية ووفق ذلك لا توجد دولة أو جهة عسكرية تكشف عن تسليحها أو حصولها على سلاح بل الأمر متروك لاستخدام السلاح في الميدان وهذا يؤكد أن العطا مازال يسوق ذات الخطاب القديم  لتجييش السودانيين، كما يبدو أن الرجل يشعر بحالة الإحباط التي يعيشها الجيش وكتائب الإسلاميين والحركات المتحالفة معه لذا يأتي خطابه في إطار رفع الروح المعنوية.

ولكن دعونا نفترض أن ما قاله العطا صحيح وأن هناك جهات مدتهم بسلاح متطور وأخرى في الطريق كما قال فهل هذا السلاح يمكن له أن يحدث فرق ويحقق له الانتصارات في حال غياب المقدرة القتالية بين جنده؟؟؟

ألم يكن العطا والجيش يمتلك أكبر ترسانة عسكرية في أفريقيا وأن العديد من جيوش الدول الأفريقية تتسلح من التصنيع الحربي السوداني وباتت الخرطوم مصدر معتمد للسلاح لتلك الدول؟؟؟

صحيح أن الترسانة العسكرية التي يمتلكها الجيش هي واحدة من العوامل التي دفعت قادته ومن خلاله الإسلاميين لإشعال فتيل الحرب واضعين يقين حسم الدعم السريع في ساعات أو أيام كما كان يتباهى جنرالاته البرهان وكباشي والعطا ولكن تفاجأ هؤلاء بل تفاجأ السودانيين جميعا أن الدعم السريع استطاع أن يستولى على مواقع الجيش داخل العاصمة ثم وضع يده على هذه الترسانة العسكرية، إذن ماذا يفيد حصول العطا عل سلاح مجددا؟؟  أعتقد أن السودانيين الآن لا يريدون سلاح، فقط يريدون أن يذهب قادة الجيش إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الحرب وتحقيق السلام خلافا لما ظل يردده العطا أن كل الشعب السوداني متفق على الحرب إلى ما لا نهاية، وفي الحقيقة أن السودانيين يريدون انتهاء الحرب اليوم قبل الغد وهذه هي الحقيقة المجردة، وحال بلادهم تلامس حافة الانهيار الكلي وهي تعيش الجوع والمسغبة والمرض.

عندما طرحت المبادرة الأمريكية في جنيف احتفل السودانيين وصارت تلك الدعوة الأمريكية للتفاوض حديثهم وآمالهم، ولكن كالعادة  قادة الجيش يصرون على هذه الحرب التي يكتشف الناس كل صباح أن الجيش يخسرها، بل حتى مجموعات الإسلاميين التي أشعلت ودعمت هذه الحرب أدركت أنها لا تسطيع  كسبها، وأن هذا الإحساس بعدم مواصلة الحرب أدى إلى بروز تيارات كبيرة داخلهم تطالب قادة الجيش بالذهاب إلى التفاوض وهو ما فجر الخلاف بينهم، وهو خلاف قد يقود إلى الانقسام بينهم وخاصة ما تعرف بمجموعة نافع على نافع التي شكلت أمانة جديدة لحزب المؤتمر الوطني، ومجموعة على كرتي وأحمد هارون، بل أن في داخل قيادة الجيش هناك اتجاه يطالب بضرورة إنهاء الحرب والذهاب إلى التفاوض، ففي وقت يصر العطا على مواصلة الحرب باهظة التكلفة في الأرواح والأموال والدمار، يرى الكباشي وآخرون ضرورة الذهاب إلى المفاوضات، وقد يكون هذا ما دفع العطا للقول أن البرهان طلب منه التشاور وتسليم قيادة الجيش للفريق الكباشي وهى إشارة تؤكد حجم الخلاف بينهم، ففي ظل انخفاض حدة الخطاب الداعي للحرب؛ يحاول العطا إنتاج  خطاب جديد يتيح له الفرصة للحصول على مقعد له في القيادة ولكنه غير مدرك أن الذين كانوا يهتفون له باسم الحرب قد غادروا تلك المحطة وعادوا لإنتاج خطاب آخر تحت لافته ضرورة الجلوس للتفاوض حفاظاً على ما تبقى من الجيش والدولة من الانهيار.

Exit mobile version