مباحثات أم مفاوضات!!
مباحثات أم مفاوضات!!
صباح محمد الحسن
لوطن أمروا حكامه بحرقه، فحفروا له الخندق ليلقوا فيه الجسد..
لكنه
وقف سلاماً بلا احتراق!!
وكان لا بد أن تعود الحكومة لرشدها من ضلال الحرب والدمار، وتنظر إلى ما خلف الصراع الأرعن من خراب، في معركة لا كرامة فيها لا للوطن ولا للشعب، حصادها أعلى نسبة لجوء في العالم مع قتل وتشريد الآلاف من أبناء السودان، أوجاعها لا تحصى ولا تعد فيكفي أنها خلقت وضعاً إنسانياً سيئاً، وخلّفت دماراً اقتصادياً مزرياً، وصنعت فراغاً سياسياً عريضاً، وضربت النسيج الاجتماعي ضرباً مُحزناً، وقطعت أواصر المحبة بين الناس قطعاً جائراً فأين كرامة الشعب في هذا الفقد العظيم!!
ومع هذا وجد قرار الخارجية قبولها للتفاوض وسط المواطنين ترحيباً طيباً جلب قسطاً جديداً من التفاؤل والأمل لشعب تقلصت أحلامه للحد الذي بات يتمنى فيه معانقة جدار بيته، ولو يضع رأسه على البلاط!!
والخارجية السودانية توافق على الدعوة الأمريكية لمباحثات السلام في سويسرا الطريق الذي لا هروب منه إلا إليه. لطالما أن الحرب كانت متاهة ظلم وظلام.
وتعود موافقة الحكومة لحصارها الذي فرضه عليها المجتمع الدولي، والذي وضع على كتفها مسؤولية انهيار الوضع الإنساني الذي تمر به البلاد المسؤولية التي لها عقابها وعواقبها.
وأمريكا لم تقدم دعوتها كسابقاتها بلطف فمنذ أن هاتف بلينكن البرهان من مكتب بايدن قبل أكثر من شهر تحدثنا أن المكالمة جاءت لتخبر الجنرال. أما التفاوض أو التدخل العسكري وله أن يختار، وأن الإدارة الأمريكية ستستخدم كل السبل المتاحة لإنقاذ السودان من حربه التي خلفت أكبر كارثة لجوء ونزوح ومجاعة في العالم لتحرز الحكومة الأمريكية هدفا قبل دخولها الانتخابات، وأيضاً كان للخلافات الإسلامية العسكرية دور كبير في إضعاف الصوت الرافض للتفاوض، وجعلت خيار القبول يرجح على الرفض داخل المؤسسة العسكرية.
وصمتت الخارجية أكثر من أسبوع، دون أن تعلق على دعوة الخارجية ولأن (السكات رضا) خرجت بالأمس بالموافقة. ولكن قدمت الخارجية عدداً من الاستفسارات لوزارة الخارجية الأمريكية كشفت عن ضعف الخبرة السياسية والدبلوماسية.
فغريب أن تسأل إن كانت مباحثات سويسرا بديلاً لجدة..
ومعلوم أن جنيف ستناقش الوضع الإنساني الكارثي في مباحثات تنفيذها بجانب أمريكا المملكة العربية السعودية أي أنها عمل تقوم به (دولتي الوساطة) في الوقت الذي حجزت فيه المباحثات لكل الدول الأخرى مقعد مراقب عدا السعودية فهي شريك أصيل، وهذا يكشف أن جنيف هي امتداد لجدة، ستبحث قضية فتح الممرات الإنسانية؛ وبهذا ستنفذ آخر مطلب رفعت لأجله مفاوضات جدة لذلك وبلا شك هي الطريق الذي يمهد للتوقيع على ورقة الاتفاق النهائي بالسعودية.
ولهذا سميت مباحثات، وليست مفاوضات لأنها تبحث فقط قضايا الوضع الإنساني الذي لن يكون هناك اتفاق على وقف النار دون حسمه.
لذلك أن الفرق بين هذه وتلك ما هو إلا جغرافيا المكان، وستعود بعدها جدة إلى المشهد من جديد
أما الاستفسار الآخر للخارجية السودانية من الجانب الأمريكي جاء، حول معرفة سبب مخاطبة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بقائد الجيش دون رئيس مجلس السيادة!! وهذا أيضا سؤال أعرج؛ فأمريكا منذ بداية الحرب لم تخاطب البرهان إلا بقائد الجيش؛ لأنها لا تعترف بحكومة بورتسودان.
ومن قبل تحدثنا أن الحكومة السودانية التي ترفض منبر جدة ستأتي يوما ما، وتبحث عنه وبالفعل قالتها الخارجية لا بد أن تكون جدة أساس التفاوض!!
وقلق الخارجية يأتي فقط من خوفها أن تأتي سويسرا بنصوص جديدة أو اتفاق قد يحمل ملامح أكثر قساوة عليها من اتفاق جدة، فقديم معروف خير من جديد مجهول.
طيف أخير
قال التوم هجو للبرهان كيف لك ألا تصحبنا في مباحثات السلام ونحن الذين قاتلنا معك.
والتوم هنا يسأل ويجيب على نفسه
وهذا لسان حال كل الذين دعموا الحرب.