تحترب الخرطوم وجوبا تدفع الثمن
تحترب الخرطوم وجوبا تدفع الثمن
صلاح جلال
(1)
الحرب الدائرة في السودان تعتبر مهدد للسلم والأمن الإقليمي، تعاني بسببها كل دول الجِوار من آثار اللجوء وعبور الحدود وأحياناً عبور المحاربين أنفسهم في حالات الهزيمة، كما تأثرت التجارة البينية بين السودان ودول الجوار وزادت تكلفة أمن الحدود ومراقبتها في كل دول الجوار، لكن دولة جنوب السودان الشقيق من واقع مفهوم الاعتماد المتبادل مع جمهورية السودان تدفع فاتورة أعلى من بقية الجيران للارتباط العضوي بين أمن الدولتين وتداخل البنيات الأساسية خاصة في مجال الطاقة، حرب الخرطوم تنعكس على كافة مفاصل الأمن القومي لجوبا فقد تأثر جنوب السودان نتيجة للحرب بتدهور مصدر دخله الأساسي في تصدير النفط الذى يمر عبر الأنبوب إلى ميناء التصدير في بشائر على البحر الأحمر من خلال اتفاق تدفع بموجبه دولة جنوب السودان رسوم عبور على كل برميل من الصادر، وهناك اتفاقيات لتغذية مصفاة السودان ومحطة توليد الكهرباء في أم دباكر من نفط الجنوب، هذه الحالة جعلت من جنوب السودان كالقط السيامي الملتصق مع شقيقه جمهورية السودان بقلب واحد فأصبح مواطن الجنوب شريك ألم الشمال، هذا ما يجب أن نضعه في الاعتبار لوقف هذه الحرب الجائرة وربط كفاح الدولتين من أجل المستقبل لشعب واحد .
(2)
لقد طالعنا عبر الصحف الإليكترونية عن أنباء توقف ضخ بترول الجنوب إلى ميناء الصادر وتفكير دولة جنوب السودان في بحث بدائل لنقل بترولها للسوق العالمي من خلال بناء أنبوب صادر بديل عبر شرق أفريقيا ورأى آخر يتحدث عن عدم جدوى هذا الأنبوب ويقترح إيقاف تصدير النفط كلياً لحين وقف الحرب في الشمال وما يسببه ذلك من تحديات لاقتصاد الجنوب والطريق الثالث بحث توقيع اتفاق مع طرفي الحرب للسماح لبترول الجنوب بالمرور مقابل قسمة موارد العبور بين القوات المسلحة والدعم السريع خاصة بعد سيطرة الدعم السريع على منطقة العيلفون والسيطرة الكاملة على حقول النفط الرئيسية في ولاية غرب كردفان وأخيراً السيطرة على منطقة الميرم الاستراتيجية بالقرب من حقل هجليج الهام، في إطار هذه الأزمة المتفجرة التي تواجهها دولة جنوب السودان استقبل الاسبوع الماضي في جوبا فخامة الرئيس سلفا كير الفريق عبد الرحيم دقلو قائد ثاني الدعم السريع برفقة رئيس أركان الجيش الإثيوبى حسب ما رشح من أخبار كان موضوع تصدير نفط الجنوب هو أساس الزيارة التي تمت فيها مناقشة إمكانية تقاسم عوائد صادر بترول الجنوب بين القوى الأمنية على طول خط أنبوب الصادر لضمان سلامة الخط وتأمين انسياب النفط الذى تعتمد عليه دولة جنوب السودان في تصريف أعمالها بشكل رئيسي لا يمكن الاستغناء عنه لعدم وجود مصادر تمويل بديلة.
(3)
الواقع الآن في ظروف الحرب الراهنة توقف ضخ البترول القادم من حقول ولاية أعالي النيل ذات الانتاجية الأعلى والتي تصل إلى حوالي 100 ألف برميل يومياً (خام نفط دار القادم من مناطق عدارييل وفلوج) هذا الخط قد توقف تماماً من عدة أشهر، وبدأت مناقشات دبلوماسية غير معلنة مع قيادة القوات المسلحة في بورتسودان فقد شعر مفاوض جنوب السودان عدم حماس حكومة بورتسودان لفكرة تقاسم عوائد عبور النفط مع الدعم السريع ورغبتها في إعلان جوبا وقوفها مع القوات المسلحة في الحرب وهذا ما ترفضه حكومة الجنوب التي ترغب في الحياد والعمل مع دول الجوار لوقف الحرب، في المقابل فإن الدعم السريع كان متفهم ومتعاون من أجل تشغيل الأنبوب وحمايته في مناطق سيطرتهم لاستئناف الضخ، وهناك مخاطر أمنية كبيرة تواجه الخط الثاني لبترول الجنوب القادم عبر منطقة هجليج الذي يضخ حوالي 50 ألف برميل يومياً لصالح دولة الجنوب .
(4)
ختامة
لقد أفاد الخبراء خلال العام والنصف من عمر الحرب في السودان *أن المنشآت النفطية دفعت تكلفة عالية من الدمار والتخريب في مواقع الإنتاج عامة وخاصة في مصفاة الجيلي* وهى واحدة من أكبر الأربعة منشآت تكرير التي يمتلكها السودان وهي الأبيض وبورتسودان وأبو جابرة وأهمهم مصفاة الجيلي التي كانت تكلفة إنشائها تساوي 4 مليار دولار بأسعار الأمس فقد تدمرت 90% من هذه المصفاة نتيجة لقصف الطيران المتكرر منذ بداية الحرب، *من حق دولة جنوب السودان التحرك في كل الاتجاهات لوقف الحرب* لضمان مصالحها ومن حقها رفض مبدأ عدم التورط فيها والالتزام بالحياد ومن حقها توظيف كل آليات المجتمع الدولي والاقليمي لدفع الضرر والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
* في هذه الحرب السودان مقتول وجنوب السودان مصاب لدرجة الخطورة*
#لاللحرب
#لازم_تقيف