في ظل الظروف الاقتصادية والإنسانية المعقدة بسبب الحرب، ضاقت الحالة المعيشية بسكان عدد من المدن السودانية جراء ارتفاع الأسعار غير المسبوق في السلع الاستراتيجية والمواد الغذائية والوقود.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق خلال الأيام الماضية ووصل جالون البنزين إلى 15الف في ولايات الشمالية ونهر النيل والولايات الشرقية، أما الولايات البعيدة فلامس أكثر من ثلاثون ألف جنيه وكذلك وصل كيلو السكر إلى 3000 ألف جنيه، وكيلو العدس إلى 4000 جنيه، وكيلو اللبن إلى 15000 جنيه، ورطل الحليب إلى 700جنيه، ووصلت رغيف الخبز إلى 200جنيهاً للواحدة، وتضاعفت أسعار معظم السلع المستوردة بسبب ارتفاع سعر الدولار الذي وصل إلى 3000 ألف جنيه.
ودعت منصات شبابية على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد الغلاء في المدن السودانية المختلفة.
كسلا ونهر النيل
أعلنت ولايتي نهر النيل وكسلا، أمس الأحد عن رفع أسعار البنزين والجازولين، وأشارت في خطاب ممهور بتوقيع مدير إدارة النقل والبترول موجه إلى جميع وكلاء المحطات حددت فيه أسعار الوقود في جميع محليات ولاية نهر النيل.
وقالت المواطنة “آمنة محمد” إنها تواجه واقعاً معيشياً معقداً مع تداعيات الحرب في السودان المشتعلة منذ أكثر من عام. فآمنة -التي فقدت زوجها في الحرب – صارت بعد رحيله تسعى لتعول أسرتها المكونة من 4 أطفال لتكابد قلة الموارد المالية وغلاء الأسعار التي تضاعفت بنسبة 100%.
وقالت المواطنة “آمنة” لقناة الجزيرة، إنها لا تستطيع توفير غير تكلفة وجبة واحدة في اليوم لأطفالها مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه سوداني في السوق الموازية، في ظل تدهور العملة المحلية، ولا يبدو نفي المسؤولين حدوث أزمة غذائية تلوح في الأفق وندرة السلع سوى حبر على ورق.
ومن مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان قال صاحب مخبز – فضل عدم ذكر اسمه – إن تكاليف إعداد الخبز أصبحت مرتفعة، وأضاف أن سعر شوال الدقيق (25 كيلوغراما) بلغ سعره 60 ألف جنيه (23 دولارا) بزيادة 20 ألف جنيه، في حين بلغ سعر “جركن الزيت” (وعاء بلاستيكي يزن 16 كيلوغراما) 70 ألف جنيه (27 دولارا)، بزيادة 25 ألف جنيه عن يونيو الماضي.
وفاقم انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة منذ شهرين المعاناة وأصبحت تكلفة 4 غالونات من الغازولين 80 ألف جنيه (30.7 دولارا)، وتوقفت بعض المخابز عن العمل، إلى جانب إحجام تجار عن البيع بسبب الزيادة اليومية في الأسعار.
ولاية الجزيرة
وفي مدينة المناقل التي لا زالت تحت قبضة قوات الجيش، كشف شهود عيان عن توقف تدفق السلع الغذائية إلى سوق المدينة وشح في الوقود. وقال مواطنين إنه في ظل ارتفاع الأسعار يوميا سينتهي الحال بموت كثير من المواطنين جوعاً مع فقدان عدد منهم مصادر دخلهم الرئيسية وارتفاع أسعار السلع بنسبة 50 إلى 100%.
النيل الأبيض
ومن مدينة الدويم في ولاية النيل الأبيض وسط السودان قال المواطن محمد الأمين، أسعار الدقيق والأرز والعدس واللحوم ارتفعت بنسبة 100%، كما ارتفع سعر الدقيق زنة 25 كيلوغراما من 25 ألف جنيه (9.3 دولارات) إلى 57 ألف جنيه (21.3 دولارا)، وشوال القمح من 40 ألف جنيه (15 دولارا) إلى 95 ألف جنيه (35.6 دولارا)”.
وأضاف أن الزيادة في السكر بلغت 50%، إذ انتقلت من سعر 88 ألف جنيه (33 دولارا) إلى 133 ألف جنيه (49.8 دولارا).
واضاف الأمين؛ إن توفير البدائل من الصعوبة بمكان، لأن هذه هي السلع الأساسية التي يعتمد عليها المواطن في غذائه، واكتفى المواطنون بتناول وجبة أو اثنتين في اليوم واستغنوا عن اللحوم والخبز، في ظل محدودية دخل مواطن المدينة، وقد تؤول الأوضاع إلى انعدام المال لشراء المواد الغذائية.
انهيار سعر الصرف
وارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني ليتجاوز حاجز 2500 جنيه.
ويقول الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، إن ارتفاع أسعار السلع يرتبط جوهريا بانخفاض قيمة الجنيه السوداني.
وأضاف “فتحي”، أن ندرة المواد التموينية ترتبط بتوفير النقد الأجنبي لاستيرادها ومدخلات الإنتاج، إضافة إلى تأثيرات الحرب واتساع رقعتها، مما ينذر بنقص في الغذاء.
غياب السلع
وتتفاوت ندرة وشح السلع الغذائية في ولايات السودان، ففي مدينة السوكي بولاية سنار قالت غرفة الطوارئ إن المدينة تشهد انعداما تاما لسلعة السكر، إضافة إلى انعدام بعض السلع الاستهلاكية الأخرى.
وفي ولاية الخرطوم، قال المتحدث باسم غرفة طوارئ جنوب الحزام محمد كندشة للجزيرة نت إن أسعار السلع الأساسية تشهد ارتفاعا كبيرا، مشيرا إلى غياب سلعة الأرز التي بات يعتمد عليها نحو 80% من سكان العاصمة في غذائهم.
وفي ظل هذه الأوضاع المعيشية البائسة التي يعيشها المواطنين، والتي تسبب في موت العديد جوعاً، دعت منصات شبابية علي مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد الغلاء في المدن السودانية المختلفة.