البيشي مات
البيشي مات
عبد الله عيسى كتر عابد
1
هذه الحرب قتل فيها الكثير من أبناء الشعب السوداني سوى كانوا من طرفي الصراع، أو المدنيين العزل حتى أننا فقدنا الأقارب ولم أكتب عن مقتل أحد، و بل لم أنشر حتى في حسابي على وسائل التواصل الاجتماعي إلى الشقيق الأصغر الذي لم تلده أمي (داقوش الضي) له والرحمة والمغفرة، والنبيل ودفعة شقيقي الأصغر (إبراهيم الشواني أبو عاشة)، وزميلي وصديقي (جدو حمدان) لهم المغفرة.
2
الذي دفعني للكتابة عن موت البيشي صدقه ووفاءه وإخلاصه هي صفات أهل البادية وعززها الدين الحنيف منذ ولدنا في البادية رضعنا من ثدي امهاتنا مقولة راسخة (الواعدك ما تنوم دونه والأمنك ما تخونه)، وهذه المقولة طبقها البيشي فعلاً وقولاً حتى لقي ربه. البيشي ربما أصدق مقاتلاً في الدعم السريع فور انفجار الأزمة كان متواجداً في ولاية سنار كثير من قواته التحقت بالجيش وفق الرواية التي سمعناها اتصل حميدتي بثلاثة قادة البيشي في سنار وعبد الرحمن حسن هلال (الفوتي) قائداً لقطاع جنوب كردفان وقائد قطاع الزرق طالباً منهم الالتحاق بالقوة المقاتلة في الخرطوم كلهم التحقوا بالقوة المقاتلة بعد انسحاب قوة كبيرة من قوة البيشي، وعبد الرحمن حسن هلال (الفوتي) وقد التحقا بالخرطوم رغم تعزيزات الجيش وقوته الضاربة وقتذاك .
3
ربما الدافع الأساسي للقائدين عبد الرحمن حسن هلال، وقائد قطاع الزرق، للخطاب الجهوي من عمسيب والعطا واستهداف الحواضن الاجتماعية لقادة الدعم السريع، أما القائد البيشي لم يكن في الأصل من جند جنيد كما زعم عمسيب بقدر ما هو صادقاً ومخلصاً بدوياً، لأن له تسجيلاً وقتما طُلبٓ منه أهله، وبعض قادة مجتمعه أن يغادر الدعم السريع كان رده حاسماً قال فيه: (أنا أكلت حلو الدعم السريع ما برفض مره)، وهذا إن دل انما يدل على صدقه كما يقول المثل الشعبي (الدقن أكلت العسل لابد أن تضوق المر، أي الأكل الحلو المر بتالاه اي حتماً سيذوق مر) .
4
صدق وفاء وإخلاص البيشي صفة بدوية صرفه، ومن نواميس حياة البادية حتى في العشق الممنوع لدى البدويات يسمى (عندي مع فلان ثقة) يكون مصوناً في عهوده محفوظاً لأسراره مثلنا الشعبي المعهود (المرة نحفظ سر واحد إلا سر صاحبها)، وهذا الصدق كاد أن يكون معدوماً، ولا أعتقد أن يكون أحداً أصدق منه ولا حتى مقاتلي الصحوة ولا حركة شجعان كردفان (جنرال جلحة)، لأن هؤلاء المقاتلين استجابوا لايدولوجيا الحرب والشيطنة وتعنيف الحكومة المركزية لحواضن أي شخص ثأر ضد حكومة الخرطوم.
صوت البادية