ياسر العطا وحرب (المائة عام)…!

ياسر العطا وحرب (المائة عام)…!

مرتضى الغالي

ياسر العطا يزعم أنه قائد بجيش الوطن وبمجلس “سيادة” يقود البلاد.. ثم يخرج وهو يجرجر أذيال الهزيمة ويقدّم وعداً للشعب السوداني المنهوك بين صريع وجريح ومشرّد بأن الحرب سوف تستمر (مائة سنة قادمة)..! .

القادة الحقيقيون يتسلّحون بالوطنية والضمير والفطنة والدهاء والحنكة من أجل تجنب شعوبهم الخسائر والكوارث والمهالك وتحقيق السلم والأمن لمواطنيهم.. وياسر العطا ليس لديه “صواريخ باليستية” يطلقها على البحر مثل الزعيم الكوري “كيم جونغ”.. فهو يطلق الآن تهديداته للشعب بمواصلة الحرب والجوع والتشرد وتدمير أسباب الحياة والموت الزؤام لقرن كامل قادم (من أيام الوطن السعيد)..!! .

وخلال هذه السنوات المائة ماذا يتبقى من الشعب…؟ وهو الآن يموت تحت سنابك الحرب بأكثر مما يموت عساكر الطرفين المتحاربين..! هل يريد سعادة القائد إحصاءات وقوائم للتأكد من هذه الحقيقة…؟ .

الآن لديك 13 مليون بين اللجوء والنزوح.. ولديك 20 مليون تلميذ خارج مقاعد الدراسة.. ولديك 25 مليون من المهددين بمجاعة حقيقية وشيكة .. ولديك أكثر من مائة ألف بين قتيل وجريح .. وقد عطلت الحرب الزراعة ومحقت التيراب والدخيرة والمقوت..! .

المرافق محطمة والبيوت مدمّرة وأهلها مشرّدون.. وأنت تتحدث عن مائة سنة قادمة في حرب لعينة (منزوعة الوطنية والكرامة) سداها ولحمتها النزوع للسلطة التي يريد العطا العراك من أجلها على أسنة الرماح.. ويا ليت جنرالاته كانوا من فوارس الرماح..! .

هل يسلك العطا سبيل حيازة السلطة بقهر وموت الشعب من أجل نفسه أو من أجل البرهان..؟ أم هي سلطة يسعى لها آخرون ويخوضها جنرالاته (بالوكالة)..؟! .

ما هو حكم الذين أهانوا كرامة الجيش الوطني وخرقوا قانونه ورهنوه لجهة سياسية.. وهم لا يستطيعون أن (ينضموا خيطاً في إبرة) من غير أمرها…! .

هذا الرجل الذي يتحدث عن (حرب المائة عام) صفته الحالية انه قائد “منطقة ام درمان”..! وقد دخلت الحرب عامها الثاني وهو لا يستطيع أن يحرر مدينته.. وقد كان أخر انتصاراته إعلان تقدم قواته في حي صغير شمال (ود البخيت) .. وكان الحي خالياً من الأعداء عندما تقدمت جحافل ياسر العطا..! .

أين ذهبت مقدرات الجيش وميزانيته..؟! سيسأل الله العطا وصاحبه البرهان وجنرالات الهزيمة عن أرواح المئات من جنود الجيش والآلاف من المدنيين..! سوف يسألكم الله يوم المشهد العظيم عن تحويل الجيش الوطني إلى ذراع للكيزان.. وسيسألكم انتم والمليشيات التي صنعتموها عن هذه الأرواح البريئة .. وسيسألكم عن تلك الأموال أين ذهبت وفيم أنفقت..؟ ولن تهربوا من المساءلة في هذه الدنيا عن تدمير الوطن وإشعال الحرب وتشريد السودانيين.. وستصيبكم اللعنة بدعوات الثكلى واليتامى والأيامى .. جفت الأقلام وطويت الصحف..!

انتم الذي جعلتم الجيش الوطني هيكلاً فارغاً وفق مشيئة نظام الإنقاذ والحركة الظلامية التي جعلت قيادة الجيش هي التي تشرف على تقزيمه وإضعافه في مقابل (تسمين المليشيات)..!! .

هذه هي النتيجة ماثلة للعيان إلى الدرجة التي رأينا فيها قائد ميداني وضابط كبير يبتهج بهروبه من ميدان المعركة هو وعساكره.. وبدلاً من أن يداري خجلته و(يسكت وينطم على عينو) وقف خطيباً.. حامداً شاكراً التوفيق في الفرار والنجاة بالنفس وترك المواطنين لمصيرهم..! ثم طالت خطبته أمام مستقبليه حتى جعل هروبه انتصاراً.. بل انه قال إن هذا الهروب سيكون (عربوناً) لإعادة الوحدة بين الجنوب والشمال..!! .

من يصدق أن هذا المشهد العبثي يمكن أن يحدث في دنيا الناس هذه..؟! .

ياسر العطا قال بالأمس إن الحرب ستتواصل لمائة عام قادمة.. ولكن من سيكون وقودها وضحاياها غير المواطنين..؟! لقد سبق أن قال إن الحرب سوف تستمر حتى فناء 48 مليون مواطن .. ويقصد بذلك جملة الشعب السوداني والمواليد المتوقعة..!! ليته من باب (الذكاء المتوسط) أو حتى من باب الحماسة قال إن الحرب سوف تستمر حتى فناء (آخر جندي من العدو)..! .

المشهود عن الإنقاذ (مقطوعة الطاري) في سنواتها المتطاولة أنها كانت تقدم للمناصب القيادية في القوات النظامية وغيرها المعاتيه وناقصي التعليم والكفاءة وضعاف النفوس حتى يسهل قيادهم .. فقد كانت الإنقاذ من ألد أعداء أصحاب الكفاءات والمقدرة العقلية وأهل الاستقامة الوطنية … وهذا هو الحصاد ..! .

تقول بعض التعريفات أن الأشرار هم الذين يعملون من أجل مصلحتهم الخاصة.. أما الأوغاد فهم من يرتكبون الشر لمصلحة الآخرين..! .

ويقول محمود درويش:

قد أنكروكَ لأنهم لا يعرفون سوي الخطابة و الفرار

كم كنت وحدكَ يا ابن أمي

كنت وحدك

هم يسرقون الآن جلدك

نِم يا حبيبي ساعةً حتى يعود الروم

حتى نطرد الحراس عن أسوار قلعتنا

وتنكسر الصواري

نم ساعة

كيما نصفّق لاغتصاب نسائنا في شارع الشرف التجاري

يا ابن أكثر من أبي

كم كنت وحدك

القمح مـرٌّ في حقول الآخرين

والماء مالح

والغيــم فولاذ ٌ وهذا النجم جارح

الله لا كسّبكم…! .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى