جنيف.. الجزرة والعصا
جنيف.. الجزرة والعصا
صفاء الفحل
لو أن الأخبار التي ترد كل صباح عن الإعلام الكيزاني بفحوى تدمير الجيش لآليات وقتل مجموعات كبيرة من الدعم السريع في محاور مختلفة صحيحة، فإنه من المفترض ألا يتبقى فرد واحد منهم اليوم، إلا أن اعتماد الإعلام الرسمي على الأخبار التي ترده من المستنفرين والإعلام الكيزاني المضلل أفقدت الجميع الثقة في كل ما تبثه تلك القنوات التي من المفترض أن تكون (قومية) وذات مصداقية وشفافية في تناول أخبار القتال الدائر بين طرفي النزاع، وجعلت كثير من الناس تحجم عن متابعة تلك الأخبار أو اللجوء إلى الإعلام الخارجي للبحث عن الأخبار الصادقة.
وحتى لا يكذب الإعلام الكيزاني (المؤدلج) والذي يعمل على إيصال الحرب إلى أقصى مدى ممكن ويحاول تصوير ما يحدث اليوم في جنيف من مباحثات مفروضة على الجانين (الجيش والدعم السريع) لأغراض إنسانية بأنه (انتكاسة) برهانية للضغط عليه داخلياً ودفعه إلى إطلاق التصريحات بفشل تلك المباحثات حتى قبل أن تنتهي، بعد فشله في دفعه لسحب الوفد العسكري وإرغامه على الزج بعناصر تنظيمية في تلك المباحثات ورغم أن كل ذلك لم ينجح في إثارة غضب المبعوثين الدوليين رمطان لعمامرة وتوم بريللو اللذان خبرا (الخبث) الكيزاني في إفشال كافة المباحثات السابقة، فقد اعتبروا ما يتفوه به البرهان المحاصر من (الكيزان) داخلياً ما هو إلا عبارة عن تنفيس داخلي لن تتأثر به تلك المباحثات التي تمضي إلى غايتها (بإجبار) الطرفين على فتح مسارات لإدخال المساعدات للمدنيين المتضررين في كافة أنحاء الوطن.
التخوف الكيزاني من نجاح هذه المباحثات يأتِ من أنها ستكون الخطوة الأولى للفصل بين القوتين المتحاربتين، وأن المجتمع الدولي سيعمل على وضعهما في ميزان واحد عند بدء توزيع الإغاثة للمتضررين، بل أن المواقع التي يسيطر عليها الدعم السريع هي الأكثر حاجة لهذا الدعم.
قد يماطل الجيش ولكن لا يمكنه الانسحاب فبورتسودان التي تمده بـ (أعذار) المماطلة تعلم تماماً العواقب الوخيمة لذلك الانسحاب بتصريحات توم بريللو المباشرة بأن جمعهما في جنيف يجب أن يكون نهاية المطاف لأوجاع السودانيين وتوقفها دون أن يقول (وإلا) والتي تأتي في صياغة الحديث لكل عاقل خاصة أن المباحثات بين الوفدين غير مباشرة، وبالتالي ستكشف من هو الطرف المتعنت.
قد تطول مباحثات جنيف لفترة، وسيحاول من خلالها وفد الجيش كسب أكبر قدر من تنازلات الدعم السريع، وربما يبحث عن طوق نجاة لفك العزلة الدولية المفروضة عليه، ولكنها في النهاية ستخرج بأخبار مفرحة للشعب السوداني، أقلها وصول المساعدات إليه بعد الوصول إلى مرحلة المجاعة في بعض مناطق البلاد دون الاكتراث من طرفي القتال، وهي بكل تأكيد ستعمل على إسكات الإعلام الكيزاني المنادي باستمرار الحرب ولو لفترة، وانشغاله لتبرير أكاذيب البرهان بعدم الجلوس مع الدعم السريع والذي كان يبشر به في كافة اجتماعاته حتى الأمس القريب، وبعد ذلك سيكون لكل مقام مقال.
والثورة في كل الأحوال لن تتوقف ..
والمناداة بالقصاص أمر لا رجوع عنه..
والرحمة والخلود لشهداء الثورة ..
نقلاً عن الجريدة