السفير الأثيوبي بالخرطوم، شفراو جارسو تدتشا لـ(الصيحة):
قبول حمدوك دولياً سيساعد في رفع العقوبات عن السودان
لا أحد يعلم بالمستقبل ولكننا مقتنعون بنجاح الاتفاقية والفترة الانتقالية
من حق مجلسي (السيادة) و(الوزراء) سن بعض القوانين أو تعديل بعضها
رافضو الوثيقة (الدستورية) لا يشكلون أدنى مصدر قلق عليها
ليست لدينا كروت ضغط لنؤثّر على المشهد السياسي السوداني الداخلي
الجيش السوداني تنازل عن صلاحيات المجلس السيادي لسلامة البلاد
فور تشكيل الحكومة ستتم دعوة حاملي السلاح للتفاوض في الخرطوم
دور السفارة الأثيوبية في هذه المبادرة أكبر من دور الجميع
لولا سد النهضة لما قام سد أعالي عطبرة وستيت
ولو أحصى السودان فوائد (سد النهضة) لدفع نصف تكلفته
نسعى لتكامل اقتصادي يتجاوز الحدود ونرتب لمنتدى تجاري مشترك
ليس من حقنا التدخل في تفاصيل البنود بين طرفي الاتفاق
نفى السفير الأثيوبي بالسودان، شفراو جارسو تدتشا فتح الوثيقة الدستورية من قِبَل إعلان قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري لإجراء تغيير فيها من أجل تعيين رئيس القضاء.
وقال تدتشا لـ”الصيحة” إنه لم يتم فتح الوثيقة، وما حدث مسألة إجرائية بسيطة وحسب الإعلان الدستوري من حق مجلس الوزراء ومجلس السيادة سن بعض القوانين أو تعديل القوانين لحين تشكيل البرلمان المتوقع خلال الأشهر الثلاثة القادمة، أما بعد تشكيله فهو الذي يتولى سن القوانين، مشيراً إلى أن الوثيقة أبانت كل النقاط بالتفصيل، بحيث لا يكون هناك اختلافات في المستقبل، كما أنه تم تصميم الاتفاقية بحذر شديد ودقة متناهية، وتم اتخاذ كافة الاحتياطات من أجل التأكد من عدم النكوص من بنودها.
ونوه السفير إلى إمكانية تعديل بعض النقاط وإضافة نقاط أخرى خلال الفترة الانتقالية بعد موافقة الأطراف عليها، مبيناً أن الوسطاء والضامنين ملتزمون بالحياد ومنح الشعب السوداني الحق كاملاً في إدارة قضاياه السيادية.
وكشف تدتشا عن تنسيق بين الدول الداعمة ودول الشرق الأوسط والصين من أجل دعم الاتفاق، وقال إن القضية في السودان قضية اقتصاد وسلام أكثر من كونها قضية سياسية، كما أن جهود رئيس الوزراء أبي ـحمد بوصفه رئيساً للإيقاد والخطوات التي اتخذها السودانيون أنفسهم وسعيهم من أجل حكومة مدنية فضلاً عن تصريحات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تصب في خانة إنفاذ المتطلبات الدولية من أجل رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب مشيراً إلى دعوة الحكومة الجديدة لحاملي السلاح للتفاوض في الخرطوم منتصف ديسمبر من أجل الانخراط في مجلس السيادة والحكومة التنفيدذية والبرلمان، نافياً أن يكون رافضو الوثقية مصدر تهديد لإنفاذها.
“الصيحة” جلست إلى السفير، وقلّبت معه ملفات التكامل الاقتصادي والأمن المائي والتوتر الحدودي وجملة من قضايا الحاضر وآفاق المستقبل، فإلى مضابط الحوار.
حوار: إنصاف العوض
تصوير: محمد نور محكر
*في رأيك لماذا نجحت مبادرة أبي أحمد في جمع الفرقاء إلى طاولة المفاوضات بعد تعثرها؟
– أعتقد أن سر نجاح الوساطة الإثيوبية جاء من الشعب السوداني نفسه الذي ساعدنا كثيراً على إنجاز كافة القضايا بسلمية، وأيضاً دفعهم عجلة المفاوضات من خلال مسيرات سلمية وحضارية، لم تكن مألوفة ومعروفة لدى كثير من الدول الأفريقية، ولذلك يعتبر التجاوب الكبير من المجتمع السوداني ومساندته لدورنا أثر كبير في نجاح المبادرة.
*ما هي الأسباب التي دفعتكم للقيام بالمبادرة؟
– المبادرة لم تأت من فراغ، فقد بدأت المفاوضات منذ 30 يونيو عقب عملية فض الاعتصام التي أدخلت البلاد في نفق مظلم، وصارت صورة مستقبل البلاد قاتمة، وعليه وانطلاقاً من مسؤوليتنا الأخلاقية وحق الجوار والانتماء الأفريقي، قام السيد رئيس الوزراء أبي أحمد بزبارة الخرطوم بعد ثلاثة أيام فقط من الأحداث، وأوكل إلينا فى السفارة مهمة القيام بدور الوساطة، وقمنا بذلك بحذر شديد خشية تدخل جهات خارجية خارج إطار الاتحاد الأفريقي، ومع التجاوب الكبير للشعب السوداني ومخاطبة قوى إعلان الحرية والتغيير والتي كانت تخاطب رغبة المجتمع السوداني وتطلعاته ونظرتنا للقضية وتعاطفنا معها كوننا شعب واحد بمصير واحد، كما أننا نتشابه في كل شيء بما فى ذلك العادات والتقاليد والسحنات وطريقة التفكير وحتى مشاكلنا متشابهة، ويجب ألا ننسى أن أي شيء يحدث في السودان يؤثر علينا سواء كان إيجاباً أو سلباً والعكس.
وبالفعل بدأنا في التوسط تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وبحمد الله نجحنا في ذلك. وأكيد تدخل عدد من الدول أثناء الأزمة والمفاوضات بين الطرفين ولكنهم لم ينجحوا، لأن المجتمع السوداني لديه قناعة تامة بأن الوساطة الإثيوبية هي المقبولة وسط المجتمع السوداني والذي ساعدنا كثيراً بالضغط على الطرفين لقبول الوساطة الأثويبية، وكان لديهم إيمان كبير بأنها ستنجح لأنها مبرأة من الأهداف الخاصة والأجندة السياسية والتي تهدف للمصالحة بين الطرفين، وهذه هي أكبر أسرار نجاح الوساطة.
*ما هو الدور الذي لعبته السفارة في إنجاح المبادرة؟
– دور السفارة في هذه المبادرة أكبر من دور الجميع، وكانت السفارة منذ البداية تتابع عن كثب منذ انطلاق شرارة الاحتجاجات في السودان وتقوم برفع التقارير للجهات المعنية، كما أنها من أوصت لرئيس الوزراء أبي أحمد بزيارة السودان لكي يقوم بالوساطة، لأننا نتأثر بالأوضاع في السودان، ومنذ ديسمبر وحتى النهاية السفارة لم تكن بعيدة عن الحراك، وكنا نجتمع مع القادة السياسيين وقادة القبائل، وكنا نستضيفهم في مقرنا ونقابلهم في مقارهم ونقدم لهم رؤانا، ونسمع منهم، ونرفع التقارير للجهات المعنية للمساعدة في اتخاذ القرار، وتقريب وجهات النظر بين الطرفين وكنا نراقب المحادثات التي كان يجريها المبعوث الخاص لرئيس الوزراء السفير محمود درير، والذي كان موجوداً معنا طوال فترة المفاوضات، ولم نتخلف يوماً عن الاجتماعات التى كانت تعقد بين الطرفين برفقة محمود درير، ولذلك دور السفارة كان كبيراً جداً في إنجاح المبادرة، كما أنها بناء على سياسة بلادنا وخبرتنا الطويلة في مجال فض النزاعات في بلدنا وغيرها من الدول الأفريقية ساعدتنا كثيراً.
*بوصفكم الوسطاء والضامنين للاتفاق ما هي ضمانات نجاحه؟
– الضامن هو ليس من يملك القوة لأي من الطرفين، بل الضامن الحقيقي الشعب السوداني والذي لا زال يقظاً ومتتبعاً للأحداث، وأنا أعتقد أن أياً من يتسلم مقاليد الحكم في البلاد لن يستمر في السلطة حال لم يخاطب تطلعات الشعب، كما أنه تم تصميم الاتفاقية بحذر شديد ودقة متناهية، وتم اتخاذ كافة الاحتياطات من أجل التأكد من عدم النكوص من بنود الاتفاق. والقضية أكثر من كونها سياسية، فهي قضية تتعلق بالاقتصاد والسلام، لذلك أولينا التركيز على السلام والاقتصاد في الفترة الأولى أكثر من غيرها من القضايا، ونتطلع أن يكون للشعب السودان حزبان أو ثلاثة أحزاب قوية وقادرة على خوض الانتخابات عقب الفترة الانتقالية لحل المشكل السياسي بدلاً من الأحزاب الكثيرة المتشظية والضعيفة الموجودة بالساحة السياسية الآن، وتكون قادرة على إدارة البلاد بكفاءة وتنافسية بناءة من أجل أن يستلم حزب قوي وفاعل زمام الحكم بنهاية الانتخابات القادمة، وعليه ليست لدينا مخاوف تجاه عدم إنفاذ بنود اتفاقية الفترة الانتقالية الحالية والضامن لها الشعب السوداني وقادة الطرفين.
*هل تمت مشاورتكم إبان فتح الوثيقة لمعالجة قضية أداء القسم لمجلس السيادة، وهل تتوقعون أن تتم مشاورتكم حال فتحت الوثيقة كونكم الوسطاء والضامنين لها؟
– بالنسبة لنا ليس هناك أي سبب يجعلنا نتدخل في الشأن الداخلي السوداني، ولم يتم فتح الوثيقة، وما هي إلا مسألة إجرائية بسيطة، هناك اختلاف بسيط في تفاصيل بعض الأمور وكونها فترة انتقالية، فهذه أشياء متوقعة، ونحن نتوقع أن يتم تشكيل البرلمان في غضون ثلاثة أشهر، وسيتم أداء القسم أمام البرلمان، وهذا ما يميز الوساطة الأفريقية لأنه لو كانت وساطة دول خارجية عظمى أنها كانت ستربط المساعدات الاقتصادية بتمرير أجندتها، والوساطة الأفريقية بعيدة كل البعد عن ذلك، وليست لها مصالح خاصة ولا أجنده خفية.
وبالمناسبة السودانيون بينهم مثقفون كثر وقانونيون ضليعون وتجارب ثرة تمكنهم من مراجعة القضايا العالقة والتفاصيل البسيطة.
*إذن هل من حق الحكومة مراجعة وتعديل التفاصيل المختلف حولها دون الرجوع للوسطاء؟
– ما لفت نظري مقدرتهم على مراجعة الأمر المختلف عليه للوصول إلى اتفاق حولها، وفي حال طلب منا تقديم استشارة أو رأي، فإننا لن نبخل بهما أو حتى لو تطلب الأمر الذهاب إلى أديس أبابا كونها مقر الاتحاد الأفريقى والوساطة لا مانع لدينا حال طلب منا ذلك، أما غير ذلك ليس من حقنا التدخل فى تفاصيل الأمر بين الطرفين التى يمكن الاتفاق حولها أو حلها بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وحسب الإعلان الدستوري من حق مجلس الوزراء ومجلس السيادة سن بعض القوانين أو تعديل القوانين لحين تشكيل البرلمان، أما بعد تشكيله فهو الذي يتولى سن القوانين.
الوثيقة أبانت كل النقاط بالتفصيل، بحيث لا تكون هناك اختلافات في المستقبل، اللهم إلا إذا بعض التفاصيل الصغيرة التي لن تكون محل جدل كبير.
ويجب أن يعلم الجميع أن السودان دولة ذات سيادة وعليه لا يحق لأ طرف التدخل في شوؤنه الداخلية ونحن كوسطاء تدخلنا من أجل الاتفاق، والآن تم الاتفاق وتشكيل الحكومة، وعليه فإن أي خلاف في المستقبل تناقشه الحكومة ومجلس السيادة، ونحن لن نتدخل في الشأن الداخلي، وليست لدينا كروت ضغط لنؤثر في المشهد السياسي الداخلي، ونحن لن نلعب دور الوصي على الشعب السوداني وليس لدينا وصاية على الحكومة.
*الآن هناك جهات سياسية ترفض الوثيقة هل تعتقدون أنهم سيشكلون خطراً عيلها؟
– هذا حق مشروع لهم، وهم منذ البداية رفضوا الوثيقة، وتم التوقيع عليها، وعليه رفضهم لن يؤثر على إنفاذ الاتفاق، وحتى بالنسبة لقوى الحرية والتغيير الحكومة الجديدة لا تمثلهم، ذلك أن الوزراء ليسوا أعضاء فيها، وينحصر دورهم في ترشيح الشخصيات المناسبة للمناصب المطلوبة، ورئيس الوزراء هو من يحدد الشخصيات، وهي لا تحدد الحكومة، وعليه هذه الأصوات التي نسمعها منذ بداية المفاوضات، والآن لديهم فرصة أن ينضموا لإعلان قوى الحرية والتغيير خلال الستة أشهر الأولى، وإلا فإن عليهم تقوية أنفسهم وأحزابهم للمشاركة في الانتخابات القادمة، اما أن يشكلوا خطراً على الاتفاق أو مصدر قلق وخوف على إنفاذه فهذا احتمال غير وارد، وكانوا يقولون: نحن لسنا من الحرية والتغيير ولسنا طرفاً في المفاوضات، وكنا نسمعهم منذ البداية.
*وفق خبرتكم هل هناك نقاط في الوثيقة غامضة أو قد تهدد إنفاذها كما حدث في جنوب السودان؟
– لا أحد يعلم ماذا سيحدث في المستقبل إلا الله، ولكننا على قناعة تامة بنجاح الاتفاقية والفترة الانتقالية، وأن الجيش السوداني والذي ليست لديه أي أطماع في السلطة، والدليل على ذلك أنه سلم جميع السلطة للمدنيين، خاصة وأن المجلس السيادي ليست لديه أي سلطة من أجل نقل البلاد إلى بر الأمان، وهذا يمثل عامل تطمين هام جداً بنجاح الفترة القادمة، ولو نظرنا في جميع الوثائق نجدها سلمت السلطة للحكومة التنفيذية أي في يد رئيس الوزراء والوزراء، ويجب علينا كأفارقة أن نجتمع ونتفاوض فيما بيننا عندما تظهر مشكلة، بدل أن نهرول نحو الآخرين لمعالجة مشاكلنا والتفاوض فى السودان يختلف عن غيره مثلما أوردت في جنوب السودان، فهم لم يتفقوا ليدخلوا في الحرب، بل ان جميع ما يحدث سببه التدخلات الخارجية، ونحن رأينا نفس الشيء يحدث في السودان إبان الحكومة السابقة، والتي كانت تقرب عدداً من قادة المعارضة من خلال الحوافز، مما أدى الإلى المحاصصات السياسية، لكن في هذه الحكومة الوضع يختلف كلياً، إذ لن يحصل أحد على شيء دون كفاءة وعليه لا توجد بواعث قلق لدى من عدم إنفاذ الاتفاقية.
*الآن السلام ركيزة في إنفاذ الاتفاقية، الجماعات المعارضة تفاوضت في مصر وجنوب السودان بالرغم من التوقيع هل سيؤثر ذلك على الوثيقة وهل يمكن إدماجهم في الاتفاق؟
-هم موجودون في كل دول الجوار وقبل ذلك كانوا في أديس أبابا، وتم التوقيع على اتفاقهم بالأحرف الأولى هناك، ولكنهم لم ينحجوا في المشاركة في الحكومة الحالية بسبب مواقفهم الخاصة بهم إنما اليوم توجد حكومة في السودان معترف بها دولياً، ولقد تابعنا بيان مجلس الأمن الأخير الذي أبدى فيه سعادته بتشكيل الحكومة الجديدة، وقد نالت هذه الحكومة رضا وقبول كافة دول العالم، وهم سيتفاوضون مع هذه الحكومة، ولكن هذا لا يعني أننا سنكون بعيدين عن هذا الملف لو بالاستشارة أو حتى لو نستضيفهم في أديس أبابا من أجل الانخراط في هذه الحكومة ونحن نؤمن بأنه ليس من داعٍ للتحاور في دول أخرى بعد أن أصبح المناخ مهيأ للحوار في الخرطوم وعليه يجب أن يتم التحاور هنا بالداخل، وسنكون حريصين على أن يتم ذلك إذ لا يوجد سبب لأن تكون المفاوضات خارج الخرطوم، ولا توجد فائدة من وجودهم في الخارج، ليبقى السؤال ما الداعي للتفاوض خارج البلاد، وأنا أتوقع بعد تشكيل الحكومة أن تقدم لهم دعوة للتفاوض داخل السودان وسيكونون أعضاء فاعلين في مجلس السيادة والحكومة التنفيدذية والبرلمان وسنساعدهم في ذلك.
*كيف ترون معالجة المشكل الاقتصادي؟
-الاقتصاد الذي سألتِ عنه سيكون قضية مهمة، وبيان مجلس الأمن بهذا الشان مبشر جداً، كما أن السودانيين أنفسهم بدأوا في إنفاذ المتطلبات الدولية من أجل رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب كما أن وجود رئيس الوزراء في قمة رئاسة الإيقاد وقبوله دولياً سيساعد في رفع العقوبات عنه، إضافة إلى الحصول على الأموال من الجهات الداعمة، وكذلك دول الشرق الأوسط والصين، وسيتم حل مشكلة الحصول على المبالغ التي طالب بها حمدوك لدعم الاقتصاد، كذلك تصريحات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك كانت إيجابية خاصة فيما يخص الحصول على القروض والمنح من المؤسسات الدولية من أجل الخروج بالفترة الانتقالية بسلاسة.
*كيف ترون مشاركة المرأة في الحكومة الجديدة؟
-السودان به مجموعة ضخمة من المتعلمين والمثقفين من النوعين، وفي أثيوبيا الجهاز الحكومي مكون من 50% من الرجال ومثله للنساء، ونجح السيد رئيس الوزراء في إشراك النساء في الحكومة الحالية سواء تشريعية أو تنفيذية أو رئاسية، ولها فوائد جمة، وهو شيء مهم، ونحن نشير إلى السودان، مشاركة المرأة الفاعل في الحكم والحياة السياسة. ونحن نتوقع أن نخرج خلال العام القادم من قائمة الدول الفقيرة إلى دائرة الدول المتوسطة الدخل، ونتطلع أن يستفيد السودان من التجربة، وسنعمل خلال السنوات القادمة معاً من أجل إنجازات اقتصادية ضخمة.
*ملف المياه أين وصل على إثر الاضطرابات السابقة فى السودان؟
-المفاوضات حول مياه النيل بدأت قبل سد النهضة واستمرت بعد ذلك، وسد النهضة الآن في السنة الثامنة، وشارفنا على الانتهاء منه، وتخطينا كل العقبات بناء على المواصفات التي لا تلحق اضراراً بدول المصب في السودان أو مصر، وفي النهاية النقطة التى توقفنا عندها هي سنوات ملء الخزان وتم تشكيل لجان من الدول الثلاث، وتمت دارسة الموضوع وفي سبتمبر 2018 كان هناك اجتماع كبير على مستوى رئاسة الوزراء ولم يوقع المصريون على مخرجاته، وقالوا سندرس الموضوع ونرجع لكم، وبعد ذلك جاءت الاحتجاجات في السودان وبعد تشكيل الحكومة الجديدة في السودان سنستأنف المفاوضات، وسد النهضة ساعد السودان على إنشاء سد أعالي نهر عطبرة وستيت، ولولاه لكان هذا المشروع مستحيلاً لأنه ضمن استمرار انسياب المياه طول العام، ولو عرف السودانيون أهمية سد النهضة لهم لدفعوا معنا أكثر من نصف التكاليف، فهو يحل مشاكل الزراعة والرعي والكهرباء وغيرها في البلدين، وعلى الشعب السوداني أن يدرك فوائد سد النهضة حتى على مستوى السياحة، فمثلاً الآن السودان لا يستطيع أن يستفيد من منطقة ملتقى النيلين أو المقرن بسبب عدم انتظام فيضان النيل، مما يهدد المنشآت السياحية فيها، ونجد المصريين الأن يستفيدون من السياحة، كما يجب أن ندرك أن 60% من مياه النيل الأبيض لا تأتي من أوغندا من بحيرة فكتوريا بل من نهر البارو الذي يأتي من أثيوبيا، وخلال سبتمبر القادم ستكون هناك مفاوضات أخرى حيث نتوقع ان يكون وفد السودان جاهزاً وكل الحكومات جاهزة لاستئناف التفاوض.
*الكهرباء كيف هو موقفها الحالي والمستقبلى؟
– تم استئناف استيراد الكهرباء، ولعل ذلك بات واضحاً في انكماش حملة قطوعات الكهرباء في الخرطوم، وكان سبب التوقف هو قلة الأمطار مما جعل أديس أبابا نفسها تخضع لبرمجة قطوعات، والآن نحن لدينا سد جديد لإنتاج الكهرباء، فضلاً عن سد النهضة، وقريباً لن نتحدث عن نقص في الكهرباء بين البلدين، والتكلفة تقوم على كمية الكهرباء التي يتم استيرادها.
*حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
– أكيد هذه المسألة هامة للغاية، وسأبذل جهدا كبيراً لتطويرها، ومعلوم أن العامين الفائتين شهدا جموداً كبيراً في هذا الملف بسبب التوترات الأمنية والسياسية في البلدين، وشهد التبادل التجاري ضعفاً ملموساً، ولم يكن كما كان سابقاً، ونحن نستورد الوقود وأشياء أخرى، والسودان يستورد بعض المواد الغذائية، ولكننا في المستقبل نسعى لتكامل اقتصادي بين البلدين، والآن الأجواء مهيأة للعمل سوياً، ونحن بصدد الدعوة لملتقى اقتصادي ضخم يشارك فيه التجار السودانيون وسيكون هنا في الخرطوم وآخر في أديس أبابا والنشاط التجاري محصور بين الولايات الحدودية بين البلدين.
*يشكل المستثمرون السودانيون نسبة كبيرة في أثيوبيا ما هي الأسباب التي دفعهم للاستثمار هناك؟
– المستثمرون السودانيون يعاملون معاملة مميزة هناك، فضلا عن أنهم لا يجدون صعوبات في إرضاء الذوق الأثيوبي المتقارب مع المزاج السوداني، والمستثمرون يذهبون إلى حيث يحصلون على الأرباح، وهم كالرحل أينما وجدوا الكلأ والمياه ذهبوا والدولة تسهل لهم تصدير منتجاتهم للدول العربية الأفريقية فضلاً عن تسهيلات كثيرة جداً، وإذا أخذنا منتجات الألبان واللحوم، فهي رائجة بسبب استقرار الإمداد الكهربائي ورخص ثمنه وغيرها من العوامل.
*كيف تنظر إلى النزاعات الحدودية بين البلدين؟
– طبعاً بالنسبة للحدود لم يتم بعد ترسيمها، وهناك لجان قائمة على دراستها، أما النزاعات التي تحدثت عنها فقد كنا نتعاون فيها مع المجلس العسكري والجيش الأثيوبي بحذر شديد، في الفترة الماضية حتى لا تحدث انفجارات أمنية في هذا التوقيت الدقيق والحمد لله عبرنا هذه المرحلة دون أحداث تذكر، أما ما يحدث بين القبائل الحدودية من تعديات على المزارع ودخول الحيوانات إلى مزارع المزارعين من الطرفين، فإن هذه أمور تحدث داخل البلد الواحد ولذلك فهي لا تشكل مصدر قلق بالنسبة لنا، ولا توجد حاجة إلى اراض زراعية في اثيوبيا أو السودان حتى نتخوف من تغول دولة على أراضي الأخرى ما نسعى إليه تكامل اقتصادي يتجاوز الحدود لينعم مواطنو البلدين بالرفاهية المطلقة، ونسعى ألا تحدث أي احتكاكات في المناطق المجاورة بين البلدين.